ما هي قصة اختراع آلة غزل القطن؟
يعود تاريخ آلات غزل القطن إلى قرون، خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، بدأ بعض المخترعين في تجربة تطوير آلات غزل القطن وكانوا يأملون في تسريع إنتاج الخيوط القطنية من خلال السيطرة على العمل البطيء الذي تقوم به الأيدي البشرية باستخدام عجلات الغزل، تمّ اختراع عجلة الغزل في العالم الإسلامي بحلول عام 1030م وانتشرت فيما بعد إلى الصين بحلول عام 1090م، ثم انتشرت من العالم الإسلامي إلى أوروباوالهند بحلول القرن الثالث عشر، حتى الأربعينيات من القرن الثامن عشر كانت عملية غزل القطن تتم يدويًا.
عجلة الغزل الحديثة عُرفت في إنجلترا باسم عجلة جيرسي، في عام 1738م، حصل لويس بول وجون وايت من برمنغهام على براءة اختراع لآلة (Roller Spinning) ونظام (flyer and-bobbin) لجعل القطن أكثر سماكة أكثر باستخدام مجموعتين من البكرات التي تتحرك بسرعات مختلفة، كان هذا المبدأ أساس تصميم الإطار المائي لريتشارد أركرايت لاحقًا، بعد ذلك تمّ تطوير آلات غزل القطن كجزء من الثورة الصناعية لجلب الإنتاج الضخم لصناعة القطن، المعروفة باسم مصانع غزل القطن، مكنت آلات غزل القطن من صنع القماش القطني حول العالم منذ آلاف السنين.
بحلول عام 1742م، افتتح (Paul and Wyatt) مصنعًا في برمنغهام يستخدم آلة الدرفلة الجديدة لغزل القطن ولم يكن هذا مربحًا وجديًا وسرعان ما تم إغلاقه، في أوائل القرن الثامن عشر أصبح المصنعون يبحثون عن طرق مبتكرة لتلبية الطلب المتزايد باستمرار على القماش القطني والغزل، أخيرًا في عام 1767م، حدث تقدم كبير عندما ابتكر رجل أعمال من لانكشاير، ريتشارد أركرايت (1732-1792)م آلة غزل بسيطة، مكنت من غزل الخيوط القطنية بسرعة أكبر وبكميات أكبر من أي وقت مضى.
جهود ريتشارد أركرايت في اختراع آلة غزل القطن:
أدرك ريتشارد أركرايت وهو رجل أعمال في لانكشاير إمكانات جني الأرباح من آلات غزل القطن، وُلد أركرايت عام 1732م في بريستون لأسرة فقيرة، سافر أركرايت على نطاق واسع في بريطانيا العظمى وبدأ ممارسة التعليم الذاتي طوال حياته، أصبح مهتمًا بآلات الغزل بحلول عام 1764م، طوّر نشاطًا تجاريًا ناجحًا لقص الشعر وصنع الشعر المستعار في بولتون بحلول الوقت الذي أصبح مهتمًا بغزل القطن وقام بالتفكير بصناعة آلة تقوم بغزل القطن، في عام 1767م، التقى جون كاي صانع ساعات ماهر يتمتع بالقدرة الفنية اللازمة لبناء الآلات.
مع (Kay) طوّر (Arkwright) أول نموذج أولي لآلة الغزل، عندما بدأ في بناء أول آلة له (حصل على براءة اختراع في عام 1769)، مع العديد من الشركاء، افتتح (Arkwright) مصانع في (Nottingham وCromford) وفي غضون سنوات قليلة كان يدير عددًا من المصانع المجهزة بآلات لتنفيذ جميع مراحل تصنيع المنسوجات، تم تصميم البكرات المتحركة للآلة، حيث قامت بسحب ألياف القطن، بعد ذلك تعمل الآلة على لف القطن وتحويله إلى خيوط ولفها على بكرة.
قام (Arkwright) بتطويرات حاسمة ميزت آلته، بعد أشهر من التجريب والتعديل اكتشف التباعد الصحيح للبكرات التي تسحب ألياف القطن بشكل متقن وفعّال، عندما حصل أركرايت وشركاؤه على براءة اختراع لتلك الآلة كانوا مصممين على جني الأموال من هذا الاختراع، فقاموا بتوسع مصانعهم وضم العديد من العاملين فيه في كرومفورد، ديربيشاير، قام مالكو المصانع الآخرون بتصميم مصانعهم على نموذج أركرايت، بحلول عام 1800م، تم توظيف ما يقرب من 1000 رجل وامرأة في مصانع أركرايت وعمل آلاف آخرون في مصانع أنشأها رواد أعمال آخرون يسعون إلى الربح.
قام أركرايت أيضًا بتوسيع عمليات الغزل شمال الحدود، جمع ثروة ضخمة من آلات غزل القطن من خلال بيع الغزل المنتج في مصانعه وترخيص أجهزته لمصنّعين آخرين، شكّك المصنعون في صحة براءات الاختراع الخاصة بـ (Arkwrigh)، تبع ذلك سلسلة من القضايا القضائية وبلغت ذروتها في محاكمة براءات الاختراع في يونيو 1785م، حيث اتُهم أركرايت بنسخ اختراع الغزل الذي ابتكره صانع آلة يُدّعى توماس هايز.
أصدرت المحكمة حكمًا ضد أركرايت، بإلغاء كل من براءات الاختراع الخاصة به، بما يرضي مصنعي القطن الذين أصبحوا أحرارًا منذ ذلك الحين في استخدام اختراعاته دون قيود، حافظ (Arkwright) على مكانته المهيمنة في صناعة النسيج على الرغم من إلغاء براءة اختراعه ربما استعار أفكار الآخرين لآلاته، لكنّه كان قادرًا على بناء الآلات وجعلها تعمل بنجاح، بحلول عام 1782م بلغ رأس مال أركرايت 200 ألف جنيه إسترليني.