قصة اختراع إشارات المرور

اقرأ في هذا المقال


توجد إشارات المرور في معظم الزوايا الرئيسية في المدن والبلدات حول العالم، تتيح لنا الأضواء الحمراء والصفراء والخضراء معرفة متى يكون الطريق آمنًا لنا للقيادة عبر التقاطع، ومتى يجب السير عبر الشارع، ومتى يجب التوقف والسماح للسائقين الآخرين وسائقي الدراجات النارية والمشاة بأخذ دورهم للاستمرار في طريقهم، بدون وسيط للتحكم في حركة المركبات، ستنشأ بالتأكيد حوادث السير وستعم الفوضى، إنّ الوصف الوظيفي الدقيق لإشارات المرور هو تنظيم حركة المرور، للمساعدة في تقدير العمل الذي تؤديه هذه الأجهزة، يجب علينا توخي الحذر أثناء القيادة والالتزام بتعليمات وتوجيهات إشارات المرور.

ما هي قصة اختراع إشارات المرور؟

كانت الازدحامات المرورية مشكلة حتى قبل اختراع السيارة، ازدحمت العربات التي تجرها الخيول والمشاة في شوارع لندن في ستينيات القرن التاسع عشر، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية، اقترح مدير السكك الحديدية البريطاني “جون بيك نايت”، كان نايت مهندسًا للسكك الحديدية وكانت فكرته مستوحاة من نظام إشارات السكك الحديدية، والذي عمل أيضًا على مساعدة المشاة على عبور الطريق بأمان، يتكون تصميمه من ثلاثة أذرع إشارات تم التلاعب بها لإخبار العربات بالتوقف أو المضي قدمًا بحذر، تم تكييف طريقة سكة حديد للتحكم في حركة المرور.


استخدمت السكك الحديدية نظام إشارة بأسلحة صغيرة تمتد من عمود للإشارة إلى ما إذا كان القطار يمكن أن يمر أم لا، كانت الإشارات تشير إلى “توقف” و”انطلق” خلال النهار، وفي الليل تستخدم أضواء حمراء وخضراء، وكانت مصابيح الغاز تضيء اللافتة في الليل، سوف يتمركز ضابط شرطة بجوار الإشارات لتشغيلها.


تم تثبيت أول إشارة مرور في العالم في 9 ديسمبر 1868، عند تقاطع شارع بريدج وجريت جورج ستريت في منطقة ويستمنستر بلندن، بالقرب من مجلسي البرلمان وجسر وستمنستر، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية، لقد كان نجاحًا باهراً بأنّ هذا الاختراع قام بتنظيم حركات السير، ومع ذلك بعد شهر واحد فقط، أُصيب ضابط شرطة كان يتحكم في الإشارة بجروح بالغة عندما تسبب تسرب في أنبوب غاز في انفجار أحد الأضواء في وجهه، تم الإعلان عن هذا المشروع (إشارات المرور)، بأنّه خطرًا على الصحة العامة وتم إسقاطه على الفور.

تطور إشارات المرور

كانت الأوقات تتغير، لذلك كان التقدم حتميًا، في أوائل القرن العشرين، كان التصنيع يحدث بشكل كثيف وسريع، وهذا يعني وجود مدن أكبر وطرق أكثر ازدحامًا، استجاب الضابط “ليستر واير”، الذي كان شرطيًا في الولايات المتحدة، للتحدي لتطوير إشارات المرور، وبالتالي اخترع ما تبين أنّه أول إشارة مرور كهربائية، يتكون تصميمه من أضواء حمراء وخضراء لإظهار التوقف والانطلاق، بينما تم استخدام الجرس للإشارة إلى تغيير في إشارة المرور، بدأ التصميم الأول في الخامس من أغسطس عام 1914، في كليفلاند أوهايو، تصميم “واير” هو أساس نظام إشارات المرور اليوم.

كان هناك شرطي أمريكي آخر في قلب هذا الاختراع في عام 1920؛ وهو “وليام بوتس ديترويت”، في تصميمه قدم الأصفر، أو الكهرماني، وهو الضوء الثالث، ليحل محل الجرس كطريقة لإظهار أنّ الأضواء تتغير، استفادت ديترويت من كونها أول مدينة لديها إشارات مرور عاملة على الإطلاق، في السنوات التي تلت ذلك، اتبعت العديد من المدن الكبرى في جميع أنحاء العالم حذوها وركّبت إشارات مرور آلية، بقدر ما كانت إشارات المرور الآلية ناجحة، كان لها بعض العيوب، بالنسبة للمبتدئين عملوا على فترة زمنية محددة ولم يأخذوا في الاعتبار حركة المرور.
كانت الازدحامات المرورية غير الضرورية بطريقة أو بأخرى أحد هذه العيوب، أدّت الرغبة في بناء نظام إشارات مرورية أكثر اتصالاً بحركة المرور إلى اختراع إشارات مرور مزودة بميكروفون للاستجابة إلى أصوات السيارات، ستطلق السيارة صوتًا لتغيير الإشارات بمجرد وصولها إلى إشارة المرور، هذا أدى إلى إطلاق التزمير غير الضروري وتجربة مروعة للمشاة، لذلك تم إلغاء النظام.
يمثل اختراع الكمبيوتر عصرًا جديدًا لإشارات المرور حيث يمكن استخدام أجهزة الكمبيوتر للتحكم في حركة المرور بناءً على الأنماط، حيث جعلت أجهزة الكمبيوتر من الممكن حساب التغيرات المناخية ويمكن أيضًا تعديلها بسهولة للتعامل مع حالات الطوارئ، حسنت أجهزة الكمبيوتر تمامًا التعامل مع حركة المرور، جاء عداد العد التنازلي في مرحلة لاحقة لمساعدة المشاة على رسم خط عبور الطريق، مع العدد المتزايد باستمرار من المركبات، يمكننا توقع المزيد من الابتكار، أحد هذه الابتكارات المثيرة هو تطوير سيارات متصلة يمكنها التواصل من خلال إشارات المرور، إنّ الابتكارات على إشارات المرور ما زال العمل عليها حتى يومنا الحالي، ومع ذلك ما زالت حوادث السير تتزايد بشكل عالي، لكون المركبات لا تتبع توجيهات إشارات المرور والسرعة العالية.

التسلسل الزمني لبراءات الاختراع المتنافسة في إشارات المرور

شهدت أوائل القرن العشرين إيداع العديد من براءات الاختراع، قدم المخترع الأمريكي إرنست سيرين، إشارة مرور يتم التحكم فيها تلقائيًا في شيكاغو، استخدمت إشارة المرور الخاص بإرنست سيرين شكل صليب يدور على محور مكون من ذراعي عرض غير مضاءين، وفقًا لموقع (Inventor Spot)، كانت اللافتات تعني “توقف” و”تقدم”.

تم اختراع أول إشارة مرور كهربائية باستخدام الأضواء الخضراء والحمراء في عام 1912 بواسطة ليستر فارنسورث واير، ضابط شرطة في سولت ليك سيتي. وفقًا لـ (Family Search)، كانت تشبه إشارة المرور الخاصة به منزل طائر رباعي الجوانب مثبت على عمود طويل، تم وضعه في منتصف تقاطع وتم تشغيله بواسطة أسلاك عربة علوية، كان على ضابط الشرطة تبديل اتجاه الأضواء يدويًا، ومع ذلك فإنّ الفضل في “أول إشارة مرور كهربائية” عادةً ما يذهب إلى جيمس هوج، تم تثبيت نظام يعتمد على تصميمه في 5 أغسطس 1914 في كليفلاند، حصل (Hoge) على براءة اختراع للنظام في عام 1918، (قدم طلبه في عام 1913)، استخدمت إشارة مرور (Hoge) الكلمتين المضيئتين المتناوبين “stop” و”move” المثبتة على عمود واحد في كل ركن من أركان التقاطع الأربعة.

تم توصيل نظام (Hoge) بأسلاك بحيث تتمكن إدارات الشرطة والإطفاء من ضبط إيقاع الأضواء في حالة الطوارئ، حصل (William Ghiglieri)، من سان فرانسيسكو على براءة اختراع لأول إشارة مرور تلقائية تستخدم الأضواء الحمراء والخضراء في عام 1917، وكان لتصميم (Ghiglieri) خيار أن يكون إما آليًا أو يدويًا، ثم في عام 1920، طوّر “ويليام بوتس” ضابط شرطة ديترويت عدة أنظمة إشارات مرور أوتوماتيكية، بما في ذلك أول إشارة ثلاثية الألوان، والتي أضافت ضوء “تحذير” وهو الأصفر، وفي عام 1923، حصل “غاريت مورغان” على براءة اختراع لإشارة مرور كهربائية أوتوماتيكية.

استخدم تصميم (Morgan) وحدة قطب على شكل حرف “T” مع ثلاثة أوضاع، إلى جانب “قف” و”انطلق”، أوقف النظام أولاً حركة المرور في جميع الاتجاهات لمنح السائقين الوقت للتوقف أو عبور التقاطع، ومن المزايا الأخرى لتصميم (Morgan) أنّه يمكن إنتاجه بتكلفة زهيدة، وبالتالي زيادة عدد الإشارات التي يمكن تثبيتها، باع مورغان حقوق إشارة المرور الخاصة به لشركة جنرال إلكتريك مقابل 40 ألف دولار، تم تركيب أول إشارة مرور كهربائية في أوروبا في عام 1924 في بوتسدامر بلاتز في برلين، وتم تثبيت إشارة المرور ذات الجوانب الخمسة على برج وكانت يدوية في المقام الأول مع بعض الأتمتة، والتي تتطلب ضابط شرطة واحدًا فقط لإدارتها.

بدأت إشارات المشاة تُدرج في الثلاثينيات، وفقًا لوزارة النقل الأمريكية، تم اختباركلمات (Walk / Don’t Walk) لأول مرة في نيويورك عام 1934، حتى أنّها استخدمت راحة اليد للإشارة إلى “Stop”، قدم المخترع الأمريكي (John S. Allen)، إحدى أقدم براءات الاختراع في عام 1947 لإشارة مرور مخصصة للمشاة، كان تصميم (Allen) يحتوي على إشارة المشاة المركبة على مستوى الرصيف، اقترح ألين أيضًا أنّ الإشارات يمكن أن تحتوي على إعلانات، وأوضح في طلبه أنّ الكلمتين (“Stop” و”Go”) يمكن أن يتبعهما كلمة “for”، والتي ستتبع بدورها اسم العلامة التجارية.

ما هو مستقبل إشارات المرور؟

مع تحول السيارات ذاتية القيادة إلى حقيقة واقعة، فإنّ العديد من التحسينات على إشارات المرور تدرس التقنيات الجديدة والقادمة، نشر الباحثون في (MIT Senseable City Lab) سيناريو، بأنّه في عام 2016 في (PLoS ONE)، حيث تكون إشارات المرور غير موجودة بشكل أساسي، في هذا المستقبل المحتمل، ستكون جميع السيارات ذاتية القيادة على اتصال مع بعضها البعض فيما يُعرف باسم تقاطع “قائم على الفتحات”، حيث تقوم السيارات بدلاً من التوقف بضبط سرعتها تلقائيًا لتمرير التقاطع مع الحفاظ على مسافات آمنة للمركبات الأخرى، هذا النظام مرن ويمكن أيضًا تصميمه لأخذ المشاة وراكبي الدراجات في الاعتبار.
ابتكار آخر يسمّى (Surtrac) يخرج من بيتسبرغ، بنسلفانيا، من شركة تُدّعى (Rapid Flow Technologies)، تجري الاختبارات التجريبية منذ عام 2012، حيثُ تستخدم إشارات المرور الذكاء الاصطناعي للتكيف مع ظروف المرور المتغيرة، وتقول الشركة إنّ أوقات السفر قد تم تخفيضها بأكثر من 25 في المائة وأوقات الانتظار في الضوء الأحمر تنخفض بمعدل 40 في المائة لتقليل الانبعاثات، يأخذ النظام في الاعتبار ظروف الوقت الفعلي الثانية تلو الثانية ويمكن توسيعه ليشمل مناطق أكبر نظرًا لأنّ كل تقاطع يتخذ قراراته الخاصة بدلاً من نظام مركزي واحد.


شارك المقالة: