ما هي قصة اختراع العجلة المائية؟
تنوعت وتعددت الاكتشافات والاختراعات البدائية قديمًا حيث قامت الحضارات القديمة بابتكار أجهزة وأدوات متنوعة تساعدهم في أمور حياتهم المختلفة، من بين تلك الأجهزة القديمة البدائية ذات الفائدة الكبيرة هي العجلة المائية حيث تُعتبر جهاز قديم يتم استعمالها للقيام بتدفق المياه وجريانها، وحتى يتم توليد الطاقة من خلال المجاذيف التي يتم تثبيتها حول العجلة، تدفع قوة الماء المضرب الذي يقوم بدفع المياه ثم يتم دوران العجلة إلى الآلة من خلال العمود.
تاريخ استعمال وابتكار العجلة المائية خلال الحضارات القديمة:
يمكن إرجاع تاريخ اختراعها إلى عدة قرون وحسب الأدلة والمصادر التاريخية تعود لحوالي 4000 ق.م، وجد دليل آخر يظهر استعمالها خلال القرن الأول والقرن الحادي عشر حتى القرنين السادس عشر والتاسع عشر، حيث أظهرت الأدلة استعمال أعداد هائلة من عجلات المياه وخاصةً في إنجلترا حيث كانت العجلة المائية أهم مصدر للطاقة في إنجلترا وأوروبا، كان ذلك بفضل المهندس فيتروفيوس، وزاد عدد بناءها خلال وقت لاحق خلال العصر الروماني.
تم استخدامها على مر العصور القديمة لري المحاصيل وطحن الحبوب وتوفير مياه الشرب للقرى، في السنوات اللاحقة، خلال الثورة الصناعية أدّى ابتكار المضخات والمطارق البخارية إلى إنتاج الطاقة الميكانيكية لتحل محل الطاقة البشرية والحيوانية، حيث عززت تلك الابتكارات من مبدأ عمل العجلات والطواحين المائية، وقد تم استعمالها أيضًا لطحن الحبوب، والتوسع في إنشاء إمدادات ضخمة لتوصيل المياه، ومن ثم ري المحاصيل والأمور الزراعية المختلفة.
خلال الحضارة البابلية ومصر اقتصر استخدامها على أمور الري فقط، ولكن بعد فترة من الزمن ومع توالي جهود الأشخاص والعلماء اتسع نطاق استخدامها في العديد من المجالات، ففي القرن الرابع الميلادي استخدمها الرومان في باربيجال في مطحنة الحبوب، حيث كان هناك حوالي ستة عشر عجلة مائية، قام أيضًا الصينيون باستخدامها لغايات متنوعة، ثم سرعان ما ابتكر المسلمون تقنيات جديدة لنقل المياه، حيث استعملوا عجلات ضخمة ومتقنة الصنع.
تم بناء عجلات مبتكرة في البصرة ولا تزال موجودة حتى يومنا هذا، كما تم بناء العديد من الابتكارات المتعلقة بالعجلة المائية وذلك خلال أواخر القرن (12)م كالدواليب المائية، حيث عُدّت هذه ثورة حقيقية في عالم الهندسة الهيدروليكية وتم وضع آلية عملها في كتاب يشرح آلية استخدامها.
لكن بقيت العجلات المائية هي المستخدمة في المقام الأول خاصةً في العصور الوسطى الأوروبية وانتشرت في باقي لدول، كشفت الآثار في لندن، على أنه تم العثور على عجلات قديمة مائية تعمل من خلال سلسلة من المطاحن، سهّل استخدام دواليب المياه ضخ المياه من المناجم وطحن المواد الخام المستخرجة تحت الأرض.
لا تزال العجلات المائية مستخدمة حتى اليوم لكن ليس كما تم استعمالها قديمًا، يتم استخدامها من قبل محطات الطاقة الهيدروليكية لتوليد الكهرباء، ومحطات طاقة مائية ممتازة لتوليد الكهرباء في محطات الطاقة النووية، لكن التكلفة لا تزال مرتفعة، لكن بقي جوهر عجلات المياه التي استخدمها الفراعنة لا يزال أساس البناء هذه المحطات لتوليد الكهرباء على مر السنوات البعيدة، حيث كان يوجد عجلات مائية أفقية وعمودية ورأسية.
يتم استعمال النوع الأفقي بشكل أساسي لكافة أنواع المطاحن لطحن الذرة والقمح، تكون العجلة على شكل دوار خشبي، تم استعمالها بكثرة في سوريا، والآخر عبارة عن عجلة عمودية تعمل من خلال حركة تدفق المياه من المجرى المائي، يتم وضع عجلة المياه العمودية في النهر، وتحركها حركة النهر، العجلات الرأسية تعمل على نفس المبدأ، باستثناء أنها تحتوي على مجموعة تروس متشابكة تدفع تدفق الماء من الأسفل أو تدفع تدفق الماء من الأعلى.
فيما بعد تم ابتكار التوربينات المائية هي اختراعات حديثة تستند إلى نفس مبادئ عجلات المياه، هي عبارة عن آلة كهربائية دوارة تستخدم الغازات لتدوير العمود الذي يجعل الآلة تتحرك، تستخدم التوربينات المائية في محطات الطاقة الكهرومائية، يتدفق الماء عبر سلسلة من البكرات المتصلة حول العمود الدوار، يدور العمود ثم يحرك الدوار الذي يحرك المولد.
وجدت أدلة أظهرت فيها العثور على عجلات مائية توربينية وذلك في شمال إفريقيا الرومانية، يعود تاريخها إلى حوالي أواخر القرن الثالث أو أوائل القرن الرابع الميلادي، كان ذلك آخر ابتكار وتطور في تاريخ العجلة الدوارة قبل أن يختفي استعمالها، واستخدام الآلات الحديثة عوضًا عنها.