قصة اختراع ميزان الحرارة

اقرأ في هذا المقال


ما هي قصة اختراع ميزان الحرارة؟

تمّ استخدام درجة حرارة جسم الإنسان كعلامة تشخيصية منذ الأيام الأولى للطب السريري، تمّ تطوير أقدم الأدوات الحرارية خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، في عام 1665م، اقتُرِح أن تكون نقطة انصهار الجليد ونقطة غليان الماء هي المعيار، المقاييس الأكثر شيوعًا اليوم هي مقاييس فهرنهايت، والدرجة مئوية، وكلفن (وحدات القياس المعتمدة في النظام الدولي لوحدات قياس درجة الحرارة).

منذ الأيام الأولى للطب، أدرك الأطباء أنّ جسم الإنسان يمكن أن يُظهر ارتفاعًا غير طبيعي في درجة الحرارة، يُعرَّف عادةً بالحمى، كعرض واضح للأمراض، في عام 1868م، أثبت (Wunderlich) أنّ درجة الحرارة في الشخص السليم ثابتة وأنّ الاختلاف في درجة الحرارة يحدث في المرض.

كان مقياس حرارة (Allbutt) أول جهاز عملي أصبح متاحًا تجاريًا، ثمّ تحسنت التكنولوجيا لتوفير أجهزة عالية الدقة، مثل التصوير الحراري؛ ولا يزال استخدامه ينمو في الطب، علم أبقراط أنّه يمكن استخدام اليد البشرية للحكم على وجود الحمى منذ 400 قبل الميلاد، ولكن لم يتم تطوير أدوات لقياس درجة الحرارة هذه حتى القرنين السادس عشر والسابع عشر، وحتى ذلك الحين، كانت الرحلة إلى القياس الروتيني لدرجة الحرارة في الممارسة السريرية طويلة، حيث ساهم العديد من الأشخاص المختلفين في وصول أداة صغيرة وغير مكلفة ودقيقة معروفة في جميع أنحاء العالم باسم “مقياس الحرارة السريري”.

مقياس الحرارة هو في الأساس أداة يمكنها قياس درجة الحرارة، يكتشف التغيرات في الخصائص الفيزيائية لجسم أو مادة مع تغير درجة حرارة الجسم، لاحظ فيلو البيزنطي تمدد وتقلص الهواء مع التغيرات في درجات الحرارة منذ عام 220 قبل الميلاد، تمّ لاحقًا إدراك أنّ الماء له هذه الخاصية أيضًا، مثل السوائل والمعادن الأخرى مثل الزئبق، نتيجة لذلك يوجد الآن العديد من الأشكال المختلفة لمقاييس الحرارة التي تمّ تطويرها على مدى عدة مئات من السنين، تمّ تطوير أقدم الأدوات الحرارية خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، وإنشاء هذه الأدوات البسيطة لحبس الهواء في أنابيب زجاجية مع غمر الطرف المفتوح للأنبوب في خزان ماء.

سمّيت موازين الحرارة المفتوحة هذه بالمناظير الحرارية، في عام 1610م، استخدم جاليليو النبيذ بدلاً من الماء وكان من أوائل من استخدموا مقياس حرارة الكحول، وبطبيعة الحال، وجد أنّه عند حمل مثل هذا الجهاز إلى أعلى الجبل إلى ارتفاع مختلف، فإنّ المستوى في الأنبوب يتأثر بالضغط الجوي المتغير، أوضحت هذه الأجهزة التغيرات في الحرارة المعقولة، قبل التعرف على مفهوم درجة الحرارة، بينما يُزعم أحيانًا أنّ غاليليو كان مخترع مقياس الحرارة، فإنّ ما أنتجه بالفعل كان منظارًا حراريًا، اكتشف أنّ الكرات الزجاجية المملوءة بالكحول المائي بكثافات مختلفة سترتفع وتنخفض مع تغير درجة الحرارة، اليوم هذا هو مبدأ ميزان الحرارة الجليل، الذي يتم معايرته بمقياس درجة الحرارة.

يُعد أول رسم توضيحي لمنظار حراري يظهر مقياسًا والذي يمكن وصفه بأنّه مقياس حرارة هو مقياس روبرت فلود في عام 1638م، ومع ذلك حوالي عام 1612م، قام سانتوريو بمعايرة الأنبوب ومضى في محاولة قياس درجة حرارة الإنسان باستخدام منظاره الحراري، في نهاية الأنبوب المختوم، والتي كانت مغمورة في سائل، مع تمدد الهواء بسبب درجة حرارة الفم، تمّ طرد السوائل من الأنبوب، بعد فترة في عام 1654م، أنتج فرديناند الثاني دي ميديشي، دوق توسكانا الأكبر، أنابيب مختومة وساق مملوءة جزئيًا بالكحول، كان هذا هو أول مقياس حرارة يعتمد على تمدد وانكماش السائل، والذي كان مستقلاً عن الضغط الجوي.

ظهرت العديد من المتغيرات لهذا المفهوم، كل منها فريد حيث لم يكن هناك مقياس قياسي، اقترح كريستيان هيغنز عام 1665م، استخدام درجة انصهار الجليد ونقطة غليان الماء كمعايير، استخدم عالم الفلك الدنماركي أولي رومر في كوبنهاغن هذه الحدود العليا والسفلى لميزان الحرارة الذي استخدمه لتسجيل الطقس، لا يزال هناك عدم يقين بشأن مدى جودة عمل هذه المعلمات في خطوط العرض الجغرافية المختلفة، في عام 1694م اقترح كارلو رينالديني أنّه ينبغي اعتماد حدود الجليد والماء المغلي كمقياس عالمي في إنجلترا، اقترح إسحاق نيوتن عام 1701م، أنّه يمكن استخدام مقياس 12 درجة مئوية بين ذوبان الجليد ودرجة حرارة الجسم.

في عام 1724م، أنتج صانع آلات ألماني يدعى غابرييل فهرنهايت مقياس درجة حرارة يحمل اسمه الآن، قام بتصنيع موازين حرارة عالية الجودة باستخدام الزئبق (الذي يحتوي على معامل تمدد عالٍ) بمقياس مدرج مع قابلية أكبر للتكاثر، كان هذا هو الذي أدّى إلى اعتمادهم العام، قام فهرنهايت أولاً بمعايرة مقياس الحرارة الخاص به باستخدام الجليد وملح البحر على أنّه صفر، الماء المالح لديه درجة تجمد أقل بكثير من الماء العادي، لذلك اختار درجة التجمد 30 درجة فهرنهايت، كانت درجة الحرارة داخل فم الإنسان السليم 96 درجة فهرنهايت، وحددت درجة غليان الماء عند 212 درجة فهرنهايت.

قام لاحقًا بتعديل نقطة التجمد إلى 32 درجة فهرنهايت، لذلك حدد 180 درجة فهرنهايت بين الغليان والتجميد والتي قاسها عند مستوى سطح البحر، في أوبسالا، السويد، شارك أندرس سيلسيوس (1701م – 1741م) في ملاحظات الأرصاد الجوية كطالب في علم الفلك، كان هناك في ذلك الوقت عدد كبير من موازين الحرارة المختلفة، جميعها بمقاييس مختلفة، ربما يكون قد أدرك بالفعل في تلك المرحلة المبكرة من حياته المهنية أنّ هناك حاجة إلى مقياس دولي مشترك، تمّ تعيينه أستاذاً لعلم الفلك في أوبسالا (كما كان والده من قبله) وشارك في مسوحات الأرصاد الجوية، أول من أجرى ونشر تجارب دقيقة أدّت إلى إنشاء مقياس درجة حرارة دولي يعتمد على البيانات العلمية.

منذ الأيام الأولى للطب، أدرك الأطباء أنّ جسم الإنسان يمكن أن يُظهر ارتفاعًا غير طبيعي في درجة الحرارة، يُعرَّف عادةً بالحمى، كعرض واضح لبعض الأمراض، كان الأطباء على دراية باستخدام أيديهم كوسيلة قياسية لتقدير درجة الحرارة، لاحظ أبقراط أنّ درجة حرارة الجسم مهمة وأصر على أنّ الأطباء يجب أن يكونوا قادرين على التعرف على علامات درجة الحرارة غير الطبيعية، وصف جالينوس (131م – 201م) الحمّى بأنّها “كالور بريتر ناتورام” أو أنها عبارة عن حرارة خارقة للطبيعة، كان جيوفاني بوريلي، الذي حظي بدعم الملكة كريستينا ملكة السويد، رائدًا في الميكانيكا الحيوية ودرس الحركة في الحيوانات.

يشتهر بأنّه جرب العديد من القياسات المختلفة للأعضاء الداخلية للحيوانات الحية قبل فترة طويلة من توفر التخدير، صنعت سانتوريو سانتوريو شكلاً معقدًا من المنظار الحراري الفموي لدراسة درجة حرارة جسم الإنسان، على الرغم من النجاح المحدود على الأرجح، لاحظ هيرمان بورهاف (1668م – 1738م)، وتلاميذه جيرارد فان سويتن وأنتون دي هاين قيمة مقياس حرارة فهرنهايت بعد أن أصبح متاحًا في عام 1714م، أصبح فان سويتن أستاذًا للطب في جامعة فيينا وأوصى بضرورة قياس الحمى باستخدام ميزان حرارة وليس باليد، قام بتطبيق مقياس الحرارة الزئبقي على الفم والإبط على النحو الموصى به من قبل فهرنهايت.

قام أنطون دي هاين بتدريس الممارسة السريرية في مستشفى فيينا العام وأكد لجميع طلابه على أهمية قياس درجة حرارة الجسم في الحمى، وأشار إلى أنّ لمسة الطبيب كانت غير كافية، خاصة عندما يشتكي المريض المرتعش من البرودة الشديدة أثناء تسجيل درجة حرارة أعلى بثلاث درجات أو أكثر عن المعدل الطبيعي، لسوء الحظ كانت دراساته مبعثرة في 15 مجلدًا من منشوراته، وشملت هذه الملاحظات على درجة الحرارة المتعلقة بالتقلبات النهارية، لدى كبار السن، وعلى تأثير بعض الأدوية.

نشر جورج مارتين (1702م – 1741م)، عملًا ممتازًا عن درجة حرارة الأشخاص والحيوانات الأصحاء، وهو طبيب درس في إدنبرة ولايدن، لقد افترض أنّ حرارة الحيوان كانت نتيجة سرعة تحرك الدم عبر الأوعية، ألهم عمله العديد من الآخرين، بما في ذلك جون لينينج في عام 1748م حول درجة الحرارة لدى أولئك الذين يعانون من الملاريا، وجون هانتر (1728م – 1793م)، أحد كبار الجراحين والرواد في الجهاز الدوري، اختلف هانتر فيما بعد مع مارتين، مدعيّا أنّ “الدفء يعتمد على مبدأ مختلف، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحياة نفسها، وهو قوة تحافظ على الآلة وتنظمها، بشكل مستقل عن الدورة الدموية والإرادة والإحساس.

العديد من موازين الحرارة المبكرة كانت مشكوك فيها في دقتها، وكثيرًا ما كانت كبيرة بشكل غير مريح، ومع ذلك بحلول عام 1835م، تمكن بيكريل وبريشيت من تحديد متوسط ​​درجة حرارة الشخص البالغ السليم 37 درجة مئوية (98.6 درجة فهرنهايت)، بحلول ستينيات القرن التاسع عشر، أصبح استخدام مقياس الحرارة أكثر شيوعًا، وأصبحت الأهمية الفسيولوجية لدرجة حرارة الجسم أكثر وضوحًا، بحلول عام 1863م، لاحظ جون ديفي الاختلافات في درجة الحرارة الناتجة عن ممارسة الرياضة، وتناول الطعام والشراب، وتأثير درجة الحرارة الخارجية، والاختلافات في عمليات الجسم عند الأطفال.

بحلول هذا الوقت، تمّ التعرف على أنّه في كثير من الحالات، كانت درجة الحرارة مؤشرًا سريريًا أفضل من النبض، لأنّها لم تتأثر بالنشاط العصبي أو الإثارة، توماس سيبيك، المولود في إستونيا عام 1770م، هو الشخص الأكثر ارتباطًا بالمزدوجة الحرارية كجهاز لقياس درجة الحرارة، في عام 1820م، عندما كان في أكاديمية برلين للعلوم، درس التأثير المغناطيسي للتيار الكهربائي، بعد عام أعلن اكتشافه أنّ معدنين مختلفين يشكلان دائرة مغلقة سيعرضان خصائص مغناطيسية عندما يكون هناك اختلاف في درجة الحرارة بين نقطتي التلامس.

في السنوات الأخيرة، تمّ تحسين هذه التقنية لتوفير أجهزة قياس حرارة عالية الدقة قادرة على القياس من درجات قليلة فوق الصفر المطلق إلى درجات حرارة عالية تزيد عن 1600 درجة مئوية (2912 درجة فهرنهايت)، تقع تطبيقاتها الرئيسية بشكل عام خارج نطاق درجة حرارة جسم الإنسان، ولكن بعض أجهزة مراقبة المريض المستخدمة في الرعاية الحرجة تستخدم المزدوجات الحرارية الملصقة على الجلد لإجراء قياسات مستمرة بمرور الوقت، تستخدم المزدوجات الحرارية والثرمستورات أيضًا في القسطرة المختومة لقياسات درجة حرارة الجسم الداخلية.

أيضًا، في عام 1964م، قام الطبيب الألماني الدكتور ثيودور بنزينجر، بتطوير جهاز قياس إشعاعي صغير لقياس درجة حرارة الأذن الداخلية (غشاء طبلة الأذن)، على عكس أنظمة التصوير الحراري المبكرة باهظة الثمن، وعدّ هذا الجهاز بوسائل منخفضة التكلفة وموثوقة لقياس درجة الحرارة بالقرب من الدماغ، ولكن دون الاتصال الغازي للمزدوجات الحرارية، تمّ استخدام مقياس الإشعاع الطبلي في البداية فقط للتكنولوجيا العسكرية والفضائية، وقد دخل الطب بعد حوالي 30 عامًا، وقد حفز ذلك بلا شك المخاوف بشأن استخدام الزئبق في موازين الحرارة وحظره لاحقًا.

مقياس كلفن:

في اسكتلندا عام 1848م، أدرك اللورد كلفن في دراسته للحرارة أنّه يمكن النظر في نطاق أكبر بكثير من درجات الحرارة، يتجاوز بكثير مقياس درجة مئوية، يعطي الصفر المطلق المستوى الذي تتوقف عنده كل الحركة الجزيئية أدنى درجة حرارة يمكن تصورها، لقد قرر أن تكون (273.16) درجة على مقياس درجة مئوية و(459.67) درجة على مقياس فهرنهايت، لذلك فإنّ أدنى درجة حرارة على مقياس كلفن هي 0، والوحدات هي نفس مقياس درجة مئوية، على الرغم من عدم استخدام هذا المقياس في الطب السريري، فقد يُستخدم أحيانًا لتحديد مصدر معايرة درجة الحرارة أو نظام علمي مشابه.


شارك المقالة: