منشأ الفحم الحجري:
يبدو جليّاً أن الفحم ينجم عن تراكم هائل لمواد نباتية تحولت في معزل عن الهواء وبتأثيرالجراثيم، ولو كان هذا التراكم قد تم بالواقع في الهواء الطلق لكان كل شيئ قد تعرض للتلف، وبما أن الفحم من جهة أخرى يُبدي آثاراً أكيدة عن تصنيف عناصره، حيث يظهر دائماً بمظهر طبقات سميكة نوعاً ما موجودة بين عناصر حطامية (شيست أو صخور رملية) تُشكل السقف والحائط فقد أصبح من الواجب الإقرار بأنه تشكل في الماء بعمليات الترسيب الإعتادية ولكن الأفكار عندها تتباعد وتظهر نظريتان متقابلتان تعالجان الميكانيكية التي سيطرت على عملية تراكم المواد النباتية في موضعها.
واستناداً إلى النظرية المسماة المجلوبية والمبنية على الدراسات الدقيقة التي تحصل في المنجم الكومنتري، فإن المادة النباتية التي تحولت لتعطي الفحم كانت قد نُقلت بواسطة السيول إلى أحواض الترسب، حيث توضعت بين مواد فلزية أخرى لتساهم في إشادة دلتاوات سيلية فهنالك حيث بلغ تراكم النبات حداً كافياً نشأت طبقة من الفحم، وبالواقع فإن عند ملاحظة طبقات كومنتري ستظهر هذه الطبقات متداخلة في تشكيلات حطامية متشابكة لدرجة يتخذ مجموعها شكل التطبق المتصلب الدلتاوي المتميز جداً، ونضيف أن البقايا النباتية تتواجد في طبقة الفحم أو في رسوبات السقف أو الحائط.
كما أنه ومن الممكن أن تحتل تلك البقايا أوضاعاً متنوعة؛ الأمر الذي ينطوي على عمليات التعويم والنقل لمسافاتٍ طويلة، وقد اتشرت نظرية فايول هذه المرتكزة على عدة تجارب لمجهود آدي لاباران في كتابه المطول في الجيولوجيا، حيث بقيت معتبرة ردحاً طويلاً من الزمن لتفسير منشأ جميع أحواض الفحم، وبذلك كان الفحم على هذا الأساس من اللحقيات النباتية الحقيقية، غير أن دراسة هذه الأحواض بدقة من شأنها ان تُظهر أن آلية المجلوبية لا تنطبق عليها بسهولة، وأن إكتشاف ترب نباتية أصيلة فتح الباب على مصراعية أمام فرضية معاكسة مدعومة من قبل الكسندر برونيار.
ثم من قبل غرانديري وهي فرضية الموضعية الذاتية وبذلك أيضاً يُصبح الفحم على عكس فرضية فايول حيث يصبح في هذه المرة نتاجاً موضعياً نشأ على طريقة نشأة الطورب أو بالأحرى في شرائط مماثلة تماماً، وبقطع النظر عن الجذوع المنتصبة المؤلفة للفحم (ليبيدودندرون، سيجيللير أو كالاميت) التي ذكر وجودها في كثير من مناجم الفحم الحجري والتي أصبحت مستحاثة نوعاً ما، فإن معظم طبقات الفحم تبدأ بحائط مؤلف من شيست أو حجر رملي ومغروز بجذريات تظهر غالباً على اتصال مع جذوره هذه الأشجار أو ستيغماريا.