الطريقة السينمائية في الجيولوجيا:
لقد نشأة التقنية السينمائية في المختبر على أيدي علماء الفسلفة المهتمين بتفكيك ظاهرات تحرك السرعة المفرطة بقصد تحليلها، ونظراً لبقاء هذه التقنية فوق أرضها العلمية الأصلية رغم انحراف مبكر تجاري فهي لم تصبح أداة تربية لا مثيل لها فحسب بل أصبحت أيضاً أداة عمل ثمينة وذات أصالة قادرة على الدفع نحو اكتشافات هامة، وهكذا هناك تطبيقات عديدة في مجال علم البيولوجيا وفي العلوم الفيزيائية، الكيميائية وحتى في الرياضيات.
وعند تطبيق التقنية السينمائية في علم الجيولوجيا فإنها تستطيع أن تصلح طريقة للعرض والبرهنة ولا سيما أداة فحص وتحقق رائعة وذلك بالسماح لعامل الوقت بالتدخل والذي تكون أهميته هنا حاسمة، ولنتذكر أنه من أجل صنع فيلم علمي يمكن استخدام بضع طرائق ففي أكثرها تبسيطاً أي في الطريقة الوثائقية يتم بكل بساطة ونقاوة تسجيل ظاهرة نرغب في الاحتفاظ بها وملاحظتها على مهل، وعلى هذه الطريقة يتم الاعتماد عادة لدراسة الظاهرات الجيولوجية الحالية (ثورانات بركانية، فيضانات سيلية، حت).
وهناك طرائق أخرى أكثر تعقيداً تسمح باستعادة تطور ظاهرة مفرطة في بطئها أو في سرعتها وذلك دون ملاحظتها، فبعضها تدعى طرائق التحليل أو لقطات سريعة والهدف منها تمديد أو مط ظاهرات نوعاً ما أي ظاهرة يعجز البصر عن رؤية تفاصيلها (مثلاً تفكيك الحركة، جري فرس، طيران عصفور، وقفزة رياضي)، في حين تدعى الأخرى طرائق التراكيب أو اللقطات البطيئة ويقصد بها تكثيف ظاهرة مفرطة في بطئها نحسبها جامدة كتفتح زهرة أو تطور بيضة.
تلك هي طبعاً الطريقة التركيبية التي يجب أن نستعملها في استعادة تصور الظاهرات الجيولوجية العظيمة التي غيرت وجه الأرض (التحولات الجيولوجية القديمة، تغير وتكوين الجبال، الحت)، خلال الديمومة المديدة للأزمنة الجيولوجية، ولكن بما أنه ليس هناك مجال للقيام بتسجيل مباشر لظاهرات غابرة والتي استمرت ملايين السنين فإن على الجيولوجي السينمائي أن يلجأ لحيلة الرسوم المتحركة، إذ سيكون من المناسب تجهيز عدد كبير جداً من الرسوم المنجزة أو شواخص أساسية (خرائط ومقاطع أو مجسمات حسب الحالة).
بحيث يمكن ربطها ببعضها بعضاً وتطابق ذلك خلال المراحل الأساسية من التطور في الزمان أي الظاهرة المدروسة، وفي خلال هذا العمل المستند على وقائع جيولوجية موثوقة لا يجوز ترك شيء لمحض الصدفة كما يجب أن تكون ديمومة الحوادث الممثلة دائماً متناسبة مع الديمومات المطلقة التي وفرتها الأبحاث الحديثة التي قام بها الجيوفيزيائيون، ويمكن التوصل لذلك على وجه الضبط بأن ندرج بين الشواخص الأساسية عدداً كبيراً نوعاً ما من الشواخص الوسيطة مخصصة من ناحية أخرى لتحقيق استمرارية الفيلم.