ما هي قصة اختراع سماعة الطبيب؟

اقرأ في هذا المقال


بدايات ظهور سماعة الطبيب

واحدة من أولى الصور التي يستحضرها دماغنا عندما نفكر في الأطباء هي الجهاز الطبي الصوتي الذي يسمّى السماعة الطبية، تتكون السماعة الطبية عمومًا من ثلاثة مكونات، الرنان الصغير على شكل قرص، والأنبوب الأسود الطويل الذي ينقسم إلى قسمين، وسماعات الأذن، بالطبع التصميم الذي نعرفه الآن على أنّه سماعة الطبيب قد خضع لبعض التحسينات الطفيفة، وتغييرات في التصميم، وتعديلات في المواد المكونة لها، إنّ أصل السماعة الطبية ومبتكرها هو رينيه ثيوفيل هياسينث لينك، كان فضولي وغريب بعض الشيء ولكن يعتبر اختراعه تقدم ضروري للغاية في المجال الطبي.

كلمة سماعة الطبيب مشتقة من الكلمتين اليونانيتين، (Stethos) وتعني الصدر و(scopos) وتعني الفحص، بصرف النظر عن الاستماع إلى أصوات القلب والصدر، فإنّها تُستعمل أيضًا حتى يتم سماع أصوات الأمعاء وضوضاء تدفق الدم في الشرايين والأوردة، منذ أن بدأت البشرية لأول مرة في دراسة علم وظائف الأعضاء البشرية، والخصائص الفيزيائية المرتبطة بالأمراض المختلفة، كان من الواضح أنّ القلب يلعب دورًا مهمًا في أجسامنا، يمكن أن تكون الأصوات التي يصدرها وكذلك الأصوات التي تصدرها الأعضاء المحيطة، مثل الرئتين مؤشرات مهمة عند فحص المريض.

تم تنقيح فعل الاستماع إلى هذه الأصوات، والمعروف باسم التسمع باستخدام أدوات أكثر قوة لمساعدة الأطباء في هذا الفحص الحاسم، في أوائل القرن التاسع عشر وقبل تطوير سماعة الطبيب، كان الأطباء كثيرًا ما يقومون بإجراء فحوصات جسدية باستخدام تقنيات مثل الإيقاع والتسمع الفوري، في التسمع الفوري وضع الأطباء أذنهم مباشرة على المريض لملاحظة الأصوات الداخلية، عانت سماعة الطبيب رينيه ثيوفيل هياسينت 1819م من عدة عيوب، أهمها أنّها تتطلب الاتصال الجسدي بين الطبيب والمريض ووضع الأذن بشكل مناسب.

بالإضافة إلى ذلك لم يتم تضخيم الأصوات التي لاحظها الطبيب بأي شكل من الأشكال، مما أدّى إلى احتمال فقدان الأصوات الرئيسية التي قد تشير إلى مرض محتمل، أخيرًا قد يكون إجراء الاستماع الفوري محرجًا لكل من الطبيب والمريض، لحل قيود التسمع الفوري، اخترع طبيب فرنسي يُدعى رينيه ثيوفيل هياسينث لينك (1781 – 1826م) في مستشفى نيكر إنفانتس مالاديس في باريس أول سماعة طبية في عام 1816م، وأثناء فحص المريض حصل على القليل من الأدلة التشخيصية من وضع اليد على الصدر أو طريقة الإيقاع الشائعة، وكان غير راغب في إجراء تسمع فوري للمريضة الشابة.

استخدم ورقة ملفوفة لإنشاء أنبوب سمعي وتسهيل التسمع، كان متحمسًا لاكتشاف أنّ أصوات القلب كانت مسموعة بوضوح، وأدّى هذا الاكتشاف لاحقًا إلى تطوير أول جهاز مخصص لهذا الغرض، كانت السماعة الطبية الأولى من أنبوب خشبي وكانت أحادية الأذن، على غرار المعينات السمعية المعروفة باسم بوق الأذن، فقد سمحت للطبيب بإجراء الاستماع بشكل أكثر راحة.

قصة اختراع سماعة الطبيب

خلال أشهر الخريف من عام 1816م، كان من المقرر أن يقوم لينك بفحص امرأة شابة كانت تعاني من أعراض أمراض القلب، لسوء الحظ كان لينك يركض في وقت متأخر من ذلك اليوم، لذلك سلك طريقًا مختصرًا عبر فناء في متحف اللوفر ورأى مجموعة من الأطفال يلعبون، كان الأطفال يلعبون بعارضة خشبية ضيقة يرفعها أحد الأطفال إلى أذنهم بينما ينقر آخر بالمسامير عليها لنقل الصوت عبر العارضة، بدأت هنا الفكرة باختراع سماعة طبية لينك ذكر أنّ اختراعه مستوحى من علم الصوتيات وعلى وجه الخصوص وهي كيفية نقل الصوت من خلال الأجسام الصلبة.

عندما وصل لينك أخيرًا إلى مريضه، بدلاً من استخدام تقنيات الإيقاع والتسمع للاستماع إلى صدرها، طلب قطعة من الورق، قام بلفها في اسطوانة ووضعها على صدر المريض وتفاجأ بمدى قدرته على سماع صوت القلب، كانت أصوات القلب أكثر وضوحًا وتميزًا مما كان قادرًا على سماعه من خلال وضع أذنه على الصدر، عند اندهاشه مما سمعه بدأ لينك في تجربة سلسلة من الأنابيب المجوفة المصنوعة من خشب الأرز وخشب الأبنوس، بين عامي 1816 و1819م، كان لاينيك يجرب باستمرار حتى وصل إلى نموذج يبلغ طوله قدمًا واحدًا وقطره (1.5) بوصة مع قناة مركزية (4 / 1) بوصة.

سمح اختراع السماعة الطبية لرينيه لينك بأن يصبح أول طبيب يميز بشكل موثوق بين خراجات الرئة وتوسع القصبات وانتفاخ الرئة والتهاب الجنب النزفي واسترواح الصدر واحتشاء رئوي، كان قادرًا أيضًا على وصف أصوات القلب والنفخات المرتبطة بها، مما يوسع التفاهم بين أمراض القلب هذه، على الرغم من أنّ السماعة الطبية خضعت لبعض التغييرات الرئيسية في الجودة الصوتية والتصميم، إلّا أنّ المبدأ الأساسي ظل كما هو منذ بدايته وأصبح الآن أداة تشخيصية أساسية ومقبولة على نطاق واسع.

التطورات في اختراع سماعة الطبيب

قبل تطوير واختراع السماعة الطبية، كان الأطباء خلال القرن التاسع عشر يستكشفون بشكل منهجي المعاني وراء أصوات القلب والتنفس من خلال جمع البيانات أثناء فحوصات المريض، خلال هذه الفحوصات الجسدية، يستخدم الأطباء تقنية تسّمى الإيقاع والتسمع، حيث يقوم الطبيب بضرب الصدر بأطراف أصابعه ثم يضع أذنه على صدره على الفور للاستماع، لسوء الحظ لم تأتي هذه الأساليب فقط مع قيود مثل عدم القدرة على تضخيم الأصوات ولكنها تتطلب اتصالًا جسديًا محرجًا مع المريض ووضعًا دقيقًا للأذن.

على الرغم من أنّ رينيه لينك كان بارعًا جدًا في الإيقاع والتسمع، فإنّ مطالبته بالدقة التشخيصية وآرائه الانتقادية لمرضى السمنة وعدم قدرته على الحضور في الوقت المحدد للمواعيد هي ما أدّى إلى اختراع سماعة الطبيب، في عام 1851م شهدت السماعة تحسينها الرئيسي التالي، وهو جعل الجهاز ثنائي الأذنين، اخترعه الطبيب الأيرلندي آرثر ليرد، وصقله جورج كامان عام 1852م لتسويقه، كتب كامان أيضًا أطروحة رئيسية حول التشخيص عن طريق التسمع، والتي أتاحتها السماعة الطبية بكلتا الأذنين.

في البداية كان هناك بعض القلق من أنّ سماعة الطبيب ثنائية الأذن يمكن أن تخلق اختلالات في السمع والتي قد تكون مشكلة أثناء الفحوصات، ولكن بحلول أوائل القرن العشرين، هدأت هذه المخاوف إلى حد كبير وكانت السماعة الطبية الثنائية الأذن أداة تشخيصية شائعة الاستخدام، على مدار القرن العشرين، تمّ إجراء العديد من التحسينات الطفيفة على هذه الأجهزة المميزة لتقليل الوزن وتحسين الجودة الصوتية وتصفية الضوضاء الخارجية للمساعدة في عملية التسمع.

تمّ تقديم إصدارات إلكترونية من سماعة الطبيب لزيادة تضخيم الصوت، السماعات الطبية متاحة الآن في مجموعة واسعة من الأساليب، مع تصميمات متاحة لكل فرع من فروع الطب تقريبًا، على الرغم من جميع التحسينات والتغييرات فإنّ المبدأ الأساسي وراء السماعة يظل كما هو تزويد الأطباء بالوسائل اللازمة لإجراء التسمع وتحديد أصوات معينة داخل الجسم.


شارك المقالة: