نظريات تفسير نشأة المجموعة الشمسية ونشأة الأرض

اقرأ في هذا المقال


ما هي النظريات التي تفسر نشأة المجموعة الشمسية ونشأة الأرض؟

ورد الكثير من النظريات التي تقوم بتفسير سبب نشأة المجموعة الشمسية ونشأة الكرة الأرضية، وفيما يلي عرض مختصر يوضح أهم النظريات وأكثرها معرفة، حيث تم تقسيمها بالاعتماد على أساس الافتراضات الأساسية التي بُنيت وكانت في مجموعتين.
حيث أن المجموعة الأولى هي عبارة عن نظريات تفترض أن الشمس قد تشكلت من جزئيات صلبة أو من جزيئات غازية، كانت تسبح منذ القدم بشكل كبير وهي عظيمة في الفضاء، حيث أنها تجمعت على هيئة سحب كبيرة جداً من نوع السدم، ثم حدث انفصال للكواكب عنها خلال مرحلة تالية، كما قام الجيولوجيين بتسمية هذه النظريات باسم (نظريات الجزئيات الكونية والسدم).
ومن أشهر هذه النظريات وأكثرها معرفة هي نظرية الفيلسوف الألماني إيمانويل كنت، والتي كانت في عام 1755، وهناك نظرية العالم الفرنسي لابلاس Laplace، والتي حدثت عام 1796، حيث تم تعريفها باسم النظرية السديمية، بالإضافة إلى النظرية الحديثة التي قام بوضعها الباحث الأمريكي ويبل خلال عام 1948، والتي تم تسميتها باسم نظرية سحابة الغبار.
يوجد الكثير من النظريات التي افترضت أن الشمس كانت موجودة منذ القدم والأزمنة البعيدة، ثم حدث فيها انفصال للكواكب الشمسية بطريقة معينة، ومن أهم هذه النظريات هي النظريات التي تكون ذات تفاصيل مختلفة، حيث أن انفصال الكواكب قد حصل بسبب حدوث مد قوي جداً في سطح الشمس.
كان السبب في هذا المد هي جاذبية نجم آخر أعظم منها خلال مروره بالقرب منها، حيث تم العمل على تسمية هذه النظريات بشكل عام باسم (نظريات المد الغازي) أو اسم (المد النجمي)، ومن أهمها وأكثرها شهرة هي نظرية الكويكبات Planitesimal Hypothesis، التي تم وضعها من قبل العالمان الأمريكيان تشمبرلين Chamberlain ومولتون Moulton وذلك خلال عام 1905.
كما أن هناك نظرية درسها ووضعها العالمان البريطانيان جينز وجيفريز Jeans & Jeffreys، وهي في الحقيقة عبارة عن تعديل على نظرية الكويكبات بهدف تجنب بعض الانتقادات التي تعرضت لها.
وبالنسبة لنظرية الجزيئات الكونية والسدم، فقد كان هناك نظرية خاصة بذلك، والتي كانت تنص على أن المجموعة الشمسية تشكلت وتكونت في البداية من جزيئات صلبة، كانت تسبح منذ القدم داخل الفضاء بكميات عظيمة، كما أن الجزيئات كانت ذات حركة متتابعة مما تسسبب في كثرة تصادمها وارتفاع حرارتها، إلى أن تحولت بشكل تدريجي إلى كتلة ملتهبة.
ومن بعد ذلك بدأت هذه الكتلة تنكمش ويقل حجمها بسبب قوة الجاذبية، كما أنها بدأت في ذات الوقت تتصف بحركة دورانية حول ذاتها، وكانت سرعة دورانها قليلة جداً في بادئ الأمر وسرعان ما أخذت في التزايد بسبب التتابع في تناقص حجمها حتى أصبحت هذه الكتلة تحت تأثير قوتين متعارضتين.
فالقوة الأولى هي عبارة عن قوة جاذبيتها والقوة الثانية تعرف بقوة الطرد التي نتجت من دورانها حول ذاتها، وقد بدأت قوة الطرد في التزايد بسبب تزايد سرعة الدوران، مما تسبب في انبعاج الحزام الأوسط الخارجي للكتلة، حيث كان هذا الانبعاج قوياً جداً لدرجة تسببت في انفصال حلقات متتابعة منه وانطلاقها بعيدًا عن الكتلة الأساسية.
حيث وصلت كل حلقة فيها إلى البعد الذي تكون عنده قوة الطرد متساوية (تلك التي أبعدتها) مع قوة جذب الكتلة لها، ومن خلال هذه الطريقة توزعت الحلقات حول هذه الكتلة وبدأت تلتف حول نفسها، وقد تسبب دورانها حول نفسها في اندماجها وتكورها فتشكلت منها الكواكب.
وقد ساعدها على ذلك أنها لم تكن صلبة، أي أنها كانت في حالة شبه غازية، وقبل أن يحدث لها تصلب تم تقسيمها إلى حلقات صغيرة تشكلت منها الأقمار، وعلى الرغم من ذلك فقد واجهت هذه النظرية الكثير من الاعتراضات، ومن أهمها هو تعارضها مع الواقع المعروف عن دوران الشمس حول ذاتها، فإذا قلنا أن سرعة دوران الكتلة الأساسة حول ذاتها كانت تتزايد بشكل مستمر بسبب تناقص حجمها (الذي كان نتيجة اندماجها وانفصال الكواكب عنها) فإنه من المفروض أن تكون السرعة الحالية في دوران الشمس حول ذاتها كبيرة جدًّا، وهذا يعارض الواقع.
ومن الاعتراضات أيضاً أنها لا تقدم تفسير واضح عن تولد الحركة الدورانية في الكتلة السديمية، حيث أنه من غير المعقول أن تكون عمليتي التصادم والتجاذب الواقعة بين جزيئات المادة الكونية هي التي تسببت في نشوء هذه الحركة، وبالنسبة لنظرية لابلاس (السديمية) Nebular Hypothesis فهذه النظرية في الحقيقة ليست إلا تطوير لنظرية (كانت)، حيث أن الفارق بينهما أن لابلاس لم يفترض بأن المادة البدائية كانت عبارة عن جزيئات صلبة باردة ومن ثم تغيرت إلى سديم ملتهب، لكنه يفترض أنها كانت منذ البداية عبارة عن سديم كبير جداً يلتف حول ذاته.
وبهذا الافتراض تجنب لابلاس أحد الانتقادات التي وجهت إلى تفسير (كانت) لتشكيل السديم ومنحه الحركة الدورانية حول ذاته، وعلى الرغم من ذلك فإن نظرية لابلاس واجهت النقد نفسه الذي واجهته نظرية كانت، حيث أنه يقم بتوضيح سبب بطء الحركة الدورانية للشمس حول ذاتها، فإذا قمنا بفرض صحة ما افترضه لابلاس عن أن السديم البدائي كان يدور حول ذاته أثناء بداية ظهوره، فلا بد أن سرعة دورانه كانت تزداد بشكل مستمر؛ بسبب تناقص حجمه، وبالاعتماد على ذلك فقد كان من المفروض أن تكون سرعة دوران الكتلة التي وجدت بعد انفصال الكواكب والتي شكلت الشمس كبيرة جداً، وهذا لا يتناسب مع الحقيقة والواقع.
تم وضع نظرية سحابة الغبار Dust- Cloud Hypothesis، حيث تعتبر من أحدث النظريات التي ظهرت لتعمل على توضيح نشوء وتشكل المجموعة الشمسية، كما قام الباحث الأمريكي ويبل Whipple باقتراحها في سنة 1918، وهي في الأصل عبارة عن امتداد لنظرية الجزيئات الكونية التي تطرّق لها العالم كانت.
وللنظرية السديمية التي وضعها العالم لابلاس، حيث أنها تتميز عنهما من خلال ما قام به ويبل والذي حاول أن يدعمها من خلال نتائج البحث العلمي الحديث، وهو ما لم يكن متاحاً لكل من كانت ولابلاس، والحقيقة العلمية التي قام ويبل بالاعتماد عليها في نظريته هي أن الفضاء الكوني ليس فارغاً بشكل تام كما كان يظن من قبل.
ولكنه يحتوي على كميات من غبار ميكروسكوبي المنتشر على مسافات بعيدة عن بعضها البعض، لدرجة يظهر معها الفضاء وكأنه فارغ بشكل كامل، ولكن بالنظر إلى حجم هذا الفضاء الكبير بشكل لا يتصوره العقل، فإن الغبار المنتشر فيه يكفي لبناء الكثير من النجوم، وجزيئات هذا الغبار ذات دقة متناهية، حيث أنه لا يزيد قطر الواحدة منها عن 1/50.000 من البورصة، ومع ذلك فقد تبين من تحليل البعض منها أنها تتشكل من أغلب العناصر التي نعرفها، ومنها الهيدروجين والهيليوم والأكسجين والنيتروجين والكربون.



شارك المقالة: