شروط أحكام ضمان العيوب الخفية

اقرأ في هذا المقال


ما هي شروط ضمان العيوب الخفية؟

أولاً: فحص المبيع وإخطار البائع بالعيب:


يجب على الطرف المشتري أن يتحقق من حالة المبيع بمجرد تمكنه من ذلك، وأن يبادر إلى إخطار الطرف البائع بالعيب لأن أي تباطؤ في ذلك يؤدي إلى ضياع معالم العيب ويجعل أمر أثباته عسيراً، وحدد المشرع هذه المدة؛ بالمدة المعتادة وفقاً للمألوف في التعامل، وإذا كان العيب لا يمكن إكتشافه بالفحص المعتاد فالمشرع لا يلزم بإجراء الفحص غير المعتاد على المبيع فلا يعتبر هنا المشتري راضياً بهذا العيب إلا إذا كشفه بالفحص الفني ويلتزم بأخبار البائع به بمجرد كشفه، ولم يحدد القانون شكلاً معيناً للإخطار فيجوز أن يكون عن طريق كاتب العدل أو برسالة عادية ويبقى عبء أثبات وقوع الإخطار على المشتري.

ثانياً: دعوى ضمان العيب الخفي:

إذا تحقق العيب الخفي بكل شروطه فيكون المشتري مخير بين رد المبيع عن طريق فسخ العقد أو قبول المبيع بثمنه المسمى، فليس له أن يطالب بنقصان الثمن أو فرق السعر، ولا يوجد ما يمنع من مطالبة الطرف المشتري للبائع بتنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً جبرياً وذلك بإصلاح العيب أو إستبدال الشء المبيع المعيب بغيره على نفقة البائع ويستثنى من ضمان العيوب الخفية البيوع التي تجري عن طريق المزاد العلني بمعرفة الدوائر الحكومية فلا يوجد هناك ضمان في هذه البيوع بسبب ما سيبق هذه البيوع من الإجراءات الطويلة التي تتيح الفرصة للمزايدين فحص المبيع.

ثالثاً: موانع الرد:


إذا ظهر العيب الخفي فيكون للطرف المشتري الحق إما بفسخ العقد أو أخذ المبيع بالثمن المسمى.

ما هي شروط العيب الموجب للضمان؟

لا يتحقق موجب الضمان إلا إذا توفّرت في العيوب بعض الشروط وتتلخص بوجوب كون العيب مؤثراً:

1– العيب المؤثّر:


هو بطبيعة هذا العيب الذي يعتبر جسيم الذي يُنقص من مقدار الشيء المبيع فيعمل على إنقاصه ويعتبر محسوساً أو يجعله غير صالح للإستعمال في ما أُعدّ له بحسب ماهيّته أو بمقتضى عقد البيع الذي تم الاتفاق عليه؛ فينشأ عنه موجب الضمان. وأما إذا لم يكن العيب محسوساً، بل كان خفيفاً أو طفيفاً، بحيث لا يترتب عليه سوى نقص في بعض الأمور الثانوية الكمالية بالنسبة للمشتري، فلا يكون موجباً للضمان.

وكذلك، بطبيعة هذا العيب الذي لا يعد موجباً للضمان، وهذا يعد العيب المتسامح به عُرفاً أي العادة التي درج الناس على إتباعها في زمن معيّن مع اعتقادهم الراسخ بإلزاميتها وبوجوب تطبيقه، كإحتواء القمح كمية مألوفة من الأتربة، أو وجود بعض المواد الغريبة في حبّ السمسم بشكل مألوف عرفاً. وإذا كان المبيع من الأشياء التي لا تُعرَف حقيقة حالها إلاّ بإحداث تغيير فيها، كالأثمار ذات الغلاف اليابس (مثلاً البطيخ واللوز والجوز والبندق)، فالبائع لا يضمن العيوب الخفيّة فيه إلا إذا تعهد صراحة بذلك، أو إذا كان العرف المحلّي يوجب عليه هذا الضمان.


ويجدر إشارة إلى أنّ العيب قد يكون بطبيعته مؤثراً في الشيء المبيع ومن الممكن أن يكون غير مؤثراً في الشيء المبيع الآخر، فطبيعة الشيء هي التي تفرض خصائص المنافع من الشيء المبيع، وهي التي تؤثر على تحديد وجهة إستعماله، مثلاً: إنّ وجود ذرّات من الرمال في الطحين يُعتبر عيباً ذا تأثير بالغ؛ أما وجود هذه الذرّات في القمح، فلا أثر له فيه. وكذلك إذا كانت الفرس مشتراة للسباق ثم تبيّن أنها بطيئة، فهذا العيب يُعتبر مؤثراً، أما إذا لم تكن مشتراة للسباق فلا أهمية لمثل هذا العيب.


وأيضاً يمكن الحكم ما إذا كان العيب يعد مؤثراً أم لا، فإن أمر يرجع لقرار القاضي الذي يعتمد في حكمه في هذا المعيار الموضوعي، بغض النظر عمّا يكون قد قصده الطرف المشتري بصورة خاصة وغير متوقعة، إلاّ إذا عُيّن هذا القصد الخاص في متن العقد. فلو أخذنا مثلاً آلة تقطير أراد مشتريها أن يستعملها لصناعة الجعة (البيرة)، وكانت هذه الآلة تعمل بصورة عادية وتقتل الجراثيم، ولكنّها بالنسبة للجعة تحديداً تترك فيها خميرة حامضة تضرّ بحفظها؛ ففي هذه الحالة لا يستطيع المشتري مطالبة البائع بضمان هذا العيب بالرغم من كونه مؤثراً، إلا إذا كان قد صرّح في العقد عن وجهة الإستعمال التي ينوي إعتمادها؛ لأنّ هذا الإستعمال هو إستعمال خاص لا يُعتبر من الخصائص العادية لهذه الآلة.

2– العيب القديم:


ويعتبرقِدَم العيب هو من أحد الشروط التي يجب أن تتوافر من أجل أن يتحقق موجب الضمان على البائع، ويكمن تعريف العيب القديم: هو العيب السابق للبيع أو على وجه أصحّ، العيب الموجود قبل إنتقال الملكية إلى المشتري أو عند إنتقالها كحدّ أقصى (في الأشياء المِثلية يؤخَذ بوقت التسليم، أما في الأشياء العينية فيؤخَذ بوقت إنعقاد البيع).

وأما في حالة إذا كان العيب من النوع الذي لا يظهر بطبيعته إلاّ بعد إنعقاد عقد البيع (وانتقال الملكية) واتفاق أطراف العقد عليه, ولكنّ سببه أو جرثومته موجودة في الشيء قبل البيع، فيكون الضمان واجباً على البائع مثال ذلك أن يشتري أحدهم حيواناً فيه جرثومة لمرضٍ ما، ويتمكّن من إثبات وجودها في الحيوان قبل إستلامه. وإشارة إلى أنّه إذا كان إنتشار المرض أو العيب يعود إلى خطأ وإهمال من المشتري، فعلى هذا الأخير أن يتحمّل وحده الضرر. فمَن يشتري مثلاً سيارة ويُلاحظ أنّ الحرارة تزداد في محرّكها عن المعدّل العادي، ومع ذلك لا يعمد إلى فحصه مُهملاً تزويده بالزيت, فيُعطب لا يحقّ له المطالبة بالضمان.


3– العيب الخفي وغير المعلوم من المشتري:


العيب الخفي هوبطبيعته العيب الذي لم يكن واضحاً للطرف المشتري في حالة إنتقال الملكية والذي لم يتم معرفته من قبل، ولم يكن قادراً على إكتشافه في ما لو فحص المبيع بعناية الشخص العادي المتنبّه للأمور. والعيب الخفي الذي يدخل في دائرة الضمان هو ذلك الذي يكون في المبيع ذاته أو في أحد ملحقاته، ولا فرق في أن يكون مستمراً أو متقطعاً (كظهور المياه داخل المبنى المُباع في أيام الشتاء مثلاً).


في حين تكمن طبيعة العيب الظاهر في حالة وقت إنتقال الملكية، فلا يتم إخضاعه لضمان البائع إذا لم يتم فحصه من قبل أي مشتري، إذ يُفهم من عدم إعتراضه أنه رآه وقَبِلَ به فقام بشراء الشيء على حالته قابلاً بالعيب.وكذلك بالنسبة إلى العيب الخفي عند إنتقال الملكية، إذا كان من السهل على المشتري أن يعرفه لو فَحَصَ المبيع بعناية الرجل المتنبّه للأمور أو لو كان جدياً في فحصه المبيع؛ فإذا لم يقم بالفحص الجدّي تحمّل وحده مسؤولية هذا التقصير، وذلك بحرمانه من الضمان.
إنّ كلمة العيب تعبر عن الصفة، لجهة القول بأنه بطبيعت خفي أو ظاهر وإذ تختلف بين الطرف المشتري العَرَضي (غير الممتهن) والطرف المشتري المهني الخبير؛ فيُعتبر العيب خفياً على المشتري العَرَضي عندما لا يتيسّر إكتشافه إلاّ لذوي الخبرة, أما إذا كان بمقدوره إكتشافه ضمن مؤهّلاته العادية, فلا يُعتبر خفياً. ولكنّنا نسارع الى القول بأنّه واجب الشخص العادي أن يلجأ الى أهل الخبرة لكشف العيب. أما بالنسبة الى المشتري ذي الخبرة, فلا يستطيع الإدّعاء بوجود عيب خفي في المبيع إذا كان من المفترض فيه أن يكشفه بحكم خبرته وفنّه.

ما هي دعوى ضمان العيوب الخفيّة؟

إنّ طبيعة دعوى ضمان العيوب الخفيّة في الشيئ المبيع بطبيعتها تتخد شكلين وذلك وفقاً لاختيار الطرف المشتري عملية البيع وهما: إمّا أن يقوم بدعوى يطلب فيها ردّ المبيع إلى البائع وإسترجاع الثمن، وهذا ما يسمّى دعوى الردّ (Action Rédhibitoire)، أو أن يطلب فقط تخفيض الثمن بنسبة العيب (Action Estimatoire) وله في الحالتين أن يُطالب بالعطل والضرر إذا توفّرت شروط معيّنة. ولكن على المشتري وقبل أن يُبادر إلى تقديم دعوى الضمان، أن يقوم ببعض الإجراءات التي يفرضها القانون، وهي تتلخّص بموجبين أساسيين أوّلهما فحص المبيع وإخبار البائع بالعيب, وثانيهما إثبات العيب.


وبالإضافة إلى ذلك فإنه ينص القانون على أنه إذا كان الشيء المبيع بطبيعته من المنقولات غير الكائنات الحية مثل الحيوانات, وجب على الطرف المشتري أن ينظر في حالة المبيع على أثر إستلامه، وأن يُخبر البائع بلا إبطاء في خلال السبعة أيام التي تلي الإستلام، عن كلّ عيب يجب على البائع ضمانه وإلاّ فالمبيع يُعدُّ مقبولاً ما لم تكن العيوب ممّا لا يُعرَف بفحص عادي أو تكن هناك موانع لا علاقة لها بمشيئة المشتري حالت دون النظر في حالة المبيع. وفي مثل هذا الموقف، يجب إبلاغ عيوب المبيع إلى البائع على أثر إكتشافها وإلاّ عُدّ المبيع مقبولاً. غير أنه لا يحقّ للبائع السيئ النيّة (أي الذي علم بالعيب وأخفاه عن المشتري) أن يتذرّع بهذا الحكم الأخير؛ بمعنى آخر, يبقى بإمكان المشتري أن يرجع عليه بالضمان طيلة مدّة مرور الزمن.


المصدر: الحماية القانونية للأسرار التجارية،2014م - 1441هـ،زياد بن أحمد القرشيالأوراق التجارية،الدكتور علي جمال الدين على، جامعة القاهره،1995الدفاع الشرعي،د. ناشر بن حمد اللوفان،2012م - 1441هنظام الشركات،1437هـ / 2015م,وزارة التجارة والصناعة،المملكة العربية السعودية


شارك المقالة: