ما هي امتيازات أجرة البحار في عقد البحرية؟
إنّ البحار مثل أي عامل يعتمد على أجره في معيشته؛ ولأنه لا يستطيع مزاولة أي عمل آخر، فهو مضمون لحماية أجره، وهذه سلسلة من الامتيازات التي يمنحها المشرع لتحقيق هذا الهدف، لذلك يواصل التفكير المحتوى المرتبط براتب النظام العام، ولا يجوز الاتفاق على تناقضاته، وسواء كان ذلك من حيث الأجور أو التعويض أو البنود الإضافية، فإنّ جميع المبالغ التي يجب أن يدفعها مقابل عمله قد تؤدي إلى نزاعات في هذا الشأن.
وفي هذا الصدد، اقترح المشرع مجموعة من الإجراءات التي يجب اتباعها لعرض الموضوع على السلطة البحرية لحل قضية السلام بين أطراف النزاع، وفي حالة إخفاق الهيئة في أداء واجباتها، يجب عليها تنظيم سجلات النزاع وإعداد جميع القضايا يحدث وبعد ذلك، بناءً على طلبها تم تسليمها إلى القاضي المختص للبت في القضية، كل قضية تُحال مباشرة إلى القضاء، بدلاً من محاولة إحالتها إلى السلطة المختصة، تضطر حتماً إلى الوقوع في مشاكل لأنه من الضروري حلها قبل الذهاب إلى المحكمة.
أهم الامتيازات المقررة للأجر:
أولاً: اقتراض البحار
يُسمح للبحارة باقتراض الراتب، ويتم تسجيل كل دفعة مقدمة قبل الرحلة في دفتر الملاحظات الخاص بالبحار، أما الدفعة المقدمة التي أخذها خلال الرحلة، فسيتم تسجيلها في اليوميات وإرفاق توقيعه أو بصمة إصبعه لضمان الاحتفاظ بالدفعة المقدمة، إذا تم إنهاء العقد بسبب تصرفات البحار، فإنه ملزم بإعادة جميع السلف والمكافآت والمدفوعات إلى المورد، باستثناء تلك التي يتم تسليمها للزوجة والأطفال بموجب تفويض، لم يتم ردها لأنهم حددوا دعمهم وبما أن هذا هو مصدرهم الوحيد، فإنّ هذا الحق يعتبر نظامًا عامًا، وحتى إذا تم التوصل إلى توافق في الآراء، فلا يجوز انتهاك هذا الحق، لأن الوضع هنا فقط يقتصر على المصاريف التي يتحملها الملاح.
ثانياً: صحة البحار وعلاجه
قبل الدخول في العقد، يجب فحص البحار من قبل طبيب معين من قبل إدارة الميناء للتأكد من خلوّه من الأمراض الخطيرة. ثم قدرته الجسدية، ومن ثم منحه إجازة مرضية ليحق له العمل، وتدوينها في دفتر ملاحظاته، إلا أنه قد يعاني أثناء العمل من أمراض أو جروح تتعلق بمهنته، لذلك بما أن البحار لا يستطيع القيام بذلك، فإنّ المورد ملزم بعلاجه لأنه بعيد عن المنزل والأسرة لرعايته وميّز المشرع بين حالات الإصابة: إذا كانت ناتجة عن العمل كان صاحب العمل مسؤولاً عن علاجه، وكان من حقه أن يتقاضى أجره كاملاً أثناء الرحلة، ويعوض عن تكاليف العجز الدائم.
سواء كان المرض أو الإصابة ناجمة عن أعمال الشغب أو الشغب التي قام بها البحارة، أو ما إذا كان المرض وراثيًا، فإنّ السؤال مختلف المبدأ الأساسي هو أن المزود لا يتحمل تكلفة العلاج، لكن البيئة المحيطة تفرض حقه في اقتطاع هذه التكاليف من راتبه وإعادتها إليه.
تشمل الرعاية الطبية للبحار جميع النفقات التي تتطلب حالته الطبية من الطبيب دفعها، بما في ذلك الأدوية والمكوث في المستشفى والمصاريف الطبية، ولكن إذا تبين أن المرض لا يمكن علاجه، فلا يتعين عليه تحمل النفقات الطبية، وتعتبر مصاريف العلاج دفعة واحدة ديون صغيرة لأنها ناتجة عن عقد استخدام الملاح كما ذكرنا سابقاً.
ثالثاً: تأمين الغذاء والمسكن المناسب
وفقًا للقوانين واللوائح ذات الصلة، يلتزم أصحاب العمل بتناول البحارة مجانًا والبقاء على متن السفينة خلال الرحلة، طالما أنه يحتوي على عناصر مبيت كافية، بما في ذلك التهوية والنظافة، ذلك وفقاً للقوانين والأنظمة الخاصة بذلك فيتوجب عليه تقديم وجبات غذائية منتظمة وصالحة للاستهلاك البشري وضمن الحد المعقول، وذلك لإعالة البحار، ومن ناحية الإقامة فلا بد من تهيئة مكان يقيم فيه البحار خلال رحلته؛ على أن تتوافر فيه عناصر السكن المناسب من تهوية ونظافة ولا يوجد بدل نقدي.
لا تقتصر التزامات المزود هنا على مدة الرحلة، ولكنها تمتد أيضًا إلى فترة إعادة الملاح إلى الوطن صاحب العمل مسؤول عن توفير الطعام والسكن له حتى وصوله إلى منزله، وكذلك تكاليف النقل؛ لأن الملاح لا يستطيع تحمل هذه التكاليف.
رابعاً: رد البحار إلى الوطن
يجب على المورد إعادة البحار إلى منزله وفقًا للاتفاقية المحددة في العقد، وذلك لاعتبارات متعددة من جهة، إذا لم يكن ملزمًا بذلك، فإنه تعسفي للبحار من الصعب التأقلم مع الإقامة في الخارج، فلا عمل لديه سوى المال غير الضروري بعد المهمة، لذلك يصعب عليه العودة إلى الوطن.
من ناحية أخرى، من الواضح أنه عندما يتضمن العقد شروطًا لفرض استخدام الملاحين السوريين، يمكن للمشرعين طلب المساعدة من الأجانب في ظروف معينة وضمن نطاق معين؛ على العكس من ذلك، فإنّ الغرض من وراءه هو استخدام ملاحين آخرين بمساعدة الخبراء الوطنيين، يتم تشجيع الملاحة في البلاد، لذلك هناك حاجة إلى ضمانات لتعزيز هذا الهدف، وتضمن عودة الملاح إلى وطنه، فقرن المسألة هنا بالنظام العام فلا يجوز للملاح التنازل عن حقه هذا.
وهي عودة البحار إلى وطنه، أي إعادته إلى الميناء الذي استعمل فيه، وليس إلى محل إقامته الأصلي أو مكان إقامته. على سبيل المثال: إذا دخلت سفينة سورية ميناء طرطوس مع ملاح أجنبي؛ ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك، يقتصر الالتزام على إعادتها إلى الميناء وليس مكان منشأها، (تحمل جميع المصاريف المرافقة) سواء كانت مواصلات أو سكن وطعام، حتى يعود إلى المنزل.
وإنّ الفكرة في المثال السابق؛ المبدأ هو أن يلتزم المورد بإعادة البحارة السوريين إلى الجمهورية العربية السورية، أي إذا حدث شيء أثناء الرحلة يضطر إلى إنزالها وكأنه مصاب أو مريض أثناء خدمته في البحر، وفي المقابل قد يكون البحارة والموردون السوريون في سوريا أو موانئ أجنبية بمجرد التوصل إلى اتفاق، فللبحار الخيار هنا بإعادته إلى الميناء السوري أو الميناء الآخر الذي تم الاتفاق عليه.
وأما بالنسبة للبحار الأجنبي، فيمكنه هو والمورد إبرام عقد لتحديد الميناء الذي يجب أن يعود إليه، أو أن يشترط في العقد أنه يجب عليه العودة إلى ميناء في سوريا، فالنقطة هنا هي الاتفاقية.
قد يجد المشغل بحارًا ينزل بأمر من الجهة الأجنبية، ويكون الغرض من الهبوط التحقيق معه في الفعل الإجرامي المشتبه به، وقد يصاب البحار أو يكون مريضًا لأسباب أخرى غير العمل التي يصعب علاجها، ويجب معالجته في قسم متخصص مستشفى؛ فضلاً عن الاتفاق الذي قد يحصل بين رب العمل والبحار؛ فقد يعفيه من إعادته إلى موطنه ويحدد له مكاناً آخر.
وإذا تم إنهاء العقد باتفاق الطرفين، فلن يجبر المورد البحارة على العودة إلى ديارهم، لأن العلاقة التعاقدية بينهم قد انتهت بانتهاء العقد، وبالتالي تنازل الطرفان عن التزامات بعضهما البعض.