التزامات الإدارة وحقوق المتعاقد

اقرأ في هذا المقال


لكل إدارة عامة التزامات واجب عليها تنفيذها لكي تحقق بذلك هدفها المرجو والسعي نحو غايتها، حيث تقوم الإدارة بعملها من خلال توجه المتعاقدين نحو إبرام العقود الإدارية، فبالتالي يجب حماية حقوق المتعاقد.

التزامات الإدارة وحقوق المتعاقد

أولا التزامات الإدارة

تم الإقرار أن العقد الإداري هو عقد بكل معاني هذه الكلمة، وهو اتفاق بين الطرفين، ويرتب الآثار القانونية التي يجب على الطرفين احترامها، ومن بين هذه الآثار احترام الالتزامات التعاقدية من قبل الإدارة كما هي بالنسبة للمقاول، والإدارة ملتزمة تجاه المقاول بنوعين من الالتزامات:

  • الالتزامات العامة: وهي تتطابق في جميع العقود الإدارية، وتنقسم هذه الالتزامات إلى نوعين: احترام العقد بشكل عام، واحترام المدة التعاقدية.

1- احترام العقد: يجب أن يتم تنفيذ العقد من قبل الإدارة، والتي يجب أن تحترم جميع الشروط التعاقدية، إلا في حالة حدوث تغيير في شروط التنفيذ أو متطلبات أداء خدمة المنشأة، حيث يجوز للإدارة تعديل الالتزامات التعاقدية بما يحقق المصلحة العامة، وهذا يعني أنه يجب على الإدارة تنفيذ العقد الإداري بشكل صحيح.

على سبيل المثال لتسهيل وظيفة المقاول الملتزم في عقود الالتزام بعملية استثمار المرفق العام من خلال ضمان حقه في عدم وجود منافسين، وفي عقود الأشغال العامة، تلتزم الإدارة بالسماح للمقاول بإنجاز جميع الأعمال اللازمة لتنفيذه من خلال منحه التراخيص الإدارية التي تسمح له باستخدام مكان العمل والطرق العامة وجميع الأشياء اللازمة للتنفيذ السليم العقد.

بالإضافة إلى ما سبق يجب على الإدارة من حيث المبدأ أن تنفذ بالكامل التزاماتها المحددة في العقد حتى لا يمكنها تحت أي ذريعة كانت رفض الاستيلاء على بعض المباني المنفذة من قبل المقاول وفقًا للمواصفات التعاقدية، ولكن في حالة الضرورة العامة، يحق للإدارة تعديل أو إنهاء الجمعية التعاقدية، وفقاً للشروط القانونية المطلوبة، على أن تتعهد الإدارة بتعويض المقاول عن جميع الأضرار التي لحقت به نتيجة عملها.

2- احترام مدة العقد: تلتزم الإدارة من حيث المبدأ باحترام المواعيد المحددة لتنفيذ العقد الإداري؛ لأن عنصر الوقت مهم بالنسبة للمقاول، كما هو بالنسبة للإدارة؛ لأن المقاول يأخذ ذلك بعين الاعتبار عند التعاقد مع الإدارة، فلا يمكن للإدارة تعديل هذه المدة إلا في حدود ضرورات المنشأة العامة، وأي تقصير أو مخالفة من جانبها يترتب عليها مسئولية.

  • الالتزامات الخاصة: يمكن تقسيم هذه الالتزامات إلى جزأين، الأول يتعلق بالأشغال العامة أو التوريد. ومن واجب الإدارة دفع الثمن، والثاني هو التزام التعريفة أو الرسم في عقود الالتزام.

1- الالتزام بدفع السعر المتفق عليه: قضية السعر أو التعويض النقدي لها أهمية كبيرة في عقود الأشغال والتوريد، وتعيينها بالعقد ضرورة حتمية للإدارة والمقاول، كعقد يحدد مقدار العمل الذي يتعين القيام به والتعويض النقدي الكامل الذي يجب على الإدارة دفعه للمقاول.

وهذا يعني من حيث المبدأ أنه لا يجوز للإدارة أن تؤثر على المقابل المالي المحدد في العقد إلا باتفاق الأطراف المتعاقدة، أو في حالة وجود تشريع يؤدي إلى تغيير في المقابل المادي للعقد، وأي مخالفة لها يترتب عليها مسؤولية.

2- الالتزام بدفع الملتزم به (التعرفة أو الرسوم): يتلقى الملتزم ضمن عقود التزام المرافق العامة حقوقه المالية بفرض رسوم على مستخدمي المرافق العامة في حدود التعريفة المنصوص عليها في العقد، مع العلم أن هذه التعرفة يتم تحديدها بالعقد أو من قبل المقاول الملتزم أو السلطة العامة.

ويؤكد الفقه الإداري أن التعرفة هي مطلب تنظيمي للعلاقة بين المستفيدين والسلطة المتعاقدة، في حين أن العلاقة بين الإدارة والمتعهد موضوع مختلف.

بما أن معظم الفقهاء يعتبرون مطلب التعرفة مطلبًا تنظيميًا؛ لأن التعرفة عنصر أساسي في قواعد تنظيم المرفق العام وهي تتعلق مباشرة بالمستفيدين من التسهيلات بالإضافة إلى ذلك، فهي تخضع لإرادة الإدارة، وهي الحكم الوحيد لتقييم المصلحة العامة.

ومع ذلك على الرغم من هذه المبررات المنطقية، يؤكد البعض أن التعرفة شرط تعاقدي، ومما سبق يترتب على ذلك أنه لا يحق للمتعهد له تعديل التعرفة المنصوص عليها في العقد بشكل فردي ما لم ينص العقد على منحه هذا الحق.

ومع ذلك يمكن للإدارة أن تتفق مع المقاول على تخفيضها أو زيادتها أثناء التنفيذ، وللإدارة الحق في تعديل هذه التعرفة بشكل فردي، بشرط أن تلتزم بالشروط والإجراءات المنصوص عليها من أجل الحفاظ على التشغيل المنتظم للتعرفة.

ثانيا حقوق المقاول

بغض النظر عن مدى أهميتها للمصلحة العامة لا يمكن للمقاول أن يكون الضحية الوحيدة، ولا يمكنه أن يقف مكتوف الأيدي أمام الامتيازات التي تتمتع بها الإدارة في مواجهته، بالإضافة إلى حقه في استعادة التوازن المالي للعقد الناجم عن ظروف خارجية لا يد له فيها. وحصوله على حقوقه المالية مقابل خدماته أو توريداته أو أعماله. ومن حقوق المتعاقد ما يلي:

1- الحقوق التعاقدية في الحصول على تعويض مالي: يعني أنه عندما يفي المتعاقد بكافة التزاماته في التعاقد مع الإدارة، حسب الشروط والمواصفات المطلوبة، ودون إهمال أو تأخير، يحق له أن يستلم من الإدارة المبالغ المالية التي يستحقها مقابل أعماله التعاقدية، مع العلم أن التعويض المادي للأعمال والخدمات منصوص عليه في العقد وبأشكال مختلفة حسب النوع.

وتجدر الإشارة إلى أن الشروط التي تشمل التعويض المادي للمقاول هي شروط تعاقدية لا يجوز المساس بها من حيث المبدأ إلا بعد الاتفاق مع المقاول، وتقديس هذه الشروط المتعلقة بالتعويض المالي يرجع لسببين، الأول هو إزالة شبح الخوف من تفكير المقاول من حق الإدارة في تعديل هذه الشروط وبالتالي يتم تجنيد العديد من الأفراد للتنافس والتعاقد مع الإدارة.

وبالتالي الحفاظ على المال العام بدلاً من إهمالهم عن التعامل مع الإدارة وانعكاساتها السلبية على المصلحة العامة والثاني هو الأساس الذي بنية عليه هذه السلطة، والتي تلزم الإدارة بتعديل الشروط المتعلقة بتنظيم وتشغيل المنشأة العامة، وليس المالية. والظروف لا علاقة لها بعمل المرفق العام.

2- حق المقاول في الحفاظ على الرصيد المالي للعقد: أقرت المحكمة الإدارية بحق المقاول في التعويض عن التعديلات التي أجرتها الإدارة لتحقيق المصلحة العامة بالإضافة إلى حقه في الرصيد المالي للعقد نتيجة الظروف أو الصعوبات التي لم تكن متوقعة وقت إبرام العقد.

ورغم أن هذه المخاطر لا علاقة لها بالإدارة إلا أن العدالة تتطلب أن تعوضه الإدارة للمساهمة في المحافظة الاستمرار في إشباع الحاجات العامة، ولقد أوجد القضاء الإداري نظريات عديدة في تخصص العقود الإدارية من أجل تسهيل مهمة المقاول في متابعة مسيرته المهنية في تطبيق المصلحة العامة والحفاظ على دوامها.

الرصيد المالي على أساس نظرية الظروف الطارئة: ويجوز تعديل العقد من خلال تدخل أحداث غير عادية غير متوقعة في لحظة إبرام العقد، والتي تكون خارجة عن سيطرة الأطراف المتعاقدة وذلك لتنفيذ العقد أصعب وأكثر عبئاً مما توقعه الأطراف دون أن يجعل تنفيذ العقد مستحيلاً، لذلك يجب على الإدارة تعويض المقاول جزئياً نتيجة ظروف طارئة لتمكينه من الاستمرار في تنفيذ العقد دون انقطاع.

3- حق التعويض على أساس نظرية التحديات  المادية غير المتوقعة: إذا واجه المقاول أثناء تنفيذ العقد صعوبات مادية غير عادية، أو حالات طارئة غير متوقعة، أو لم يكن من الممكن توقعها في وقت إبرام العقد، مما يجعل تطبيق العقد مرهق للغاية لدرجة أنه يزيد من أعباء المقاول على الإدارة بزيادة مصاريف التنفيذ بما يتجاوز الأسعار المتفق عليها في العقد يحق للمقاول في هذه الحالة المطالبة بتعويض كامل عن جميع الأضرار التي لحقته نتيجة هذه الصعوبات.

وفي النهاية يجب الإشارة إلى أن أهم الآثار الناتجة هي التزام المقاول بمواصلة تنفيذ العقد كشرط أساسي للتعويض الكامل عن الأضرار، بالإضافة إلى تعويض المقاول بمنحه مبلغًا إضافيًا من المال، أو تحديد سعر جديد يتناسب مع الظروف المستجدة في حال تغير شروط العقد وتنفيذه بالكامل.


شارك المقالة: