المرافق الإدارية العامة تعني تلك المرافق التي تتعامل مع نشاط لا ينخرط فيه الأشخاص عادة إما بسبب عدم قدرتهم على القيام بذلك أو بعدم اهتمامهم به، مثل مرافق الدفاع والأمن والقضاء. وتعود المنشآت الإدارية في أصل المنشأ لأحكام القانون الإداري، حيث يُعَد عمالها موظفين عموميين وأموالهم أموال عامة وأعمالهم أعمال إدارية وقراراتهم قرارات إدارية وعقودهم عقود إدارية.
المرافق العامة الإدارية من حيث طبيعة نشاطها
تتفرع المرافق العامة إلى ثلاثة أنواع من حيث موضوع نشاطها وطبيعة هذا النشاط وهذه الأنواع هي:
أولا المرافق العامة باستخدام امتيازات السلطة العامة
تتمتع المرافق العامة باستخدام امتيازات السلطة العامة من أجل تحقيق غاياتها، ومع ذلك قد يخضعون أحيانًا لاستثناء من أحكام القانون الخاص عندما يجد المسؤولون عنهم أن هذه الطريقة كافية لتحقيق أهداف المنشأة وتحقيق المصلحة العامة.
ثانيا مرافق التسهيلات الاقتصادية
بسبب الأزمات الاقتصادية ومواكبة دور الدولة، حيث برز نوع آخر من المرافق العامة التي تمارس نشاط تجاري أو صناعي مشابهًا لنشاط الأفراد وتعمل في ظروف مشابهة لظروف عمل المؤسسات الخاصة، وبسبب وطالبت طبيعة النشاط الذي تقوم به هذه المرافق والفقه والقضاء بضرورة تحرير هذه المنشآت من الخضوع لقواعد القانون العام، والأمثلة على هذه المرافق عديدة، بما في ذلك مرفق النقل والاتصالات ومنشأة لتوليد المياه والغاز والمنشأة بريدية.
واختلف الفقه في معيار تمييز المرافق العامة الاقتصادية عن المرافق العامة الإدارية على النحو التالي:
- المعيار الرسمي: يعتمد هذا المعيار على شكل المشروع أو شكله الخارجي، فإذا كان المشروع يأخذ شكل مشاريع خاصة كما لو كانت تدار من قبل شركة، فهو منشأة اقتصادية وعلى العكس، إذا كانت تدار من قبل الإدارة أو تحت إنها رقابتها وإشرافها وباستخدام طرائق السلطة العامة ومنشأة إدارية عامة.
- معيار الهدف: يميل هذا المعيار إلى التمييز بين المنشآت الإدارية والمنشآت الاقتصادية على أساس الغرض من المنشأة، حيث تقوم المنشآت الاقتصادية بنشاط صناعي أو تجاري يهدف إلى تحقيق الربح، كما هو الحال في المؤسسات الخاصة، بينما لا تسعى التسهيلات الإدارية إلى تحقيق ربح وإنما لتحقيق منفعة عامة وإشباع حاجات الأفراد.
ومع ذلك فإن هذا المعيار قاصر من حيث أن الربح الناتج عن المرافق الاقتصادية ليس الهدف الأساسي من إنشائها ولكنه بالأحرى تأثير للطبيعة الصناعية أو التجارية التي تمارسها، فهي غايتها بشكل أساسي إلى تحقيق المنفعة العامة، يمكن للمرافق الإدارية أيضًا تحقيق ربح من الرسوم التي تفرضها مقابل الخدمات التي تقوم بها.
- معيار القانون الواجب التطبيق: ذهب جزء من الفقه إلى التمييز بين المنشأة العامة الاقتصادية والمنشأة العامة الإدارية على أساس النظام القانوني الذي تخضع له المنفعة، إذا كانت خاضعة لأحكام القانون الخاص، تعتبر المنشأة اقتصادية، على العكس من ذلك، إذا كانت خاضعة لأحكام القانون العام، فهي منشأة إدارية عامة.
ومع ذلك فإن هذا المعيار غير صحيح ولا يتوافق مع منطق القانون الإداري؛ لأن المطلوب هو تعيين نوع المنشأة العامة قبل إخضاعها لنظام قانوني محدد وليس العكس، أي تبعية منشأة اقتصادية للمرفق الاقتصادي.
وقواعد القانون الخاص هي نتيجة إثبات الطابع الاقتصادي للمنشأة، كما أن خضوع المنشأة العامة للقانون الخاص هو مجرد افتراض بأن هذا المرفق له وضع اقتصادي، ولكن لا يمكن الاعتماد عليه لإثبات هذا الوضع بشكل مؤكد.
- معيار طبيعة النشاط: هناك رأي آخر من الفقه الإداري وهو الرأي الأكثر ترجيحاً، أن المنشأة تعتبر اقتصادية إذا كان النشاط الذي تمارسه يعتبر نشاطاً تجارياً بطبيعته وفقاً لموضوعات القانون التجاري، وتعتبر المنشأة مرفقاً إدارياً عاماً إذا كان النشاط الذي تؤديه هو نشاط إداري ويقع في نطاق القانون الإداري، هذا الرأي أخذ به قسم كبير من الفقهاء ورغم أن القضاء الإداري لم يتبن منه معيارًا واحدًا، إلا أنه اعتمد معيارًا مبنيًا على فكرتين أو عنصرين:
العنصر الأول: ويعتمد على موضوع وطبيعة النشاط الإداري الذي تقوم به المنشأة الاقتصادية والذي يشبه النشاط الخاص.
العنصر الثاني: يعتمد على أساليب تنظيم وتشغيل المنشأة في ظل ظروف مشابهة لظروف عمل المؤسسات الصناعية. وفيما يتعلق بالقانون الذي تعود له المنشآت الاقتصادية، فقد أقر القضاء الإداري بضرورة خضوعها لقواعد القانون الخاص في نشاطها وطرائق إدارتها، مع خضوعها الى بعض قواعد القانون العام مثل الانتظام.
وأيضاً لتشغيل المرافق العامة والمساواة بين مستخدمي خدماتها وقدرتها على التغيير بما يتماشى مع التطورات والتمتع بعدة امتيازات السلطة العامة اللازمة؛ لأداء نشاطها بشكل صحيح، مثل نزع الملكية للمنفعة العامة والحجز المؤقت يخضع الاختصاص القضائي في هذا الجانب من نشاطها لسلطة القضاء الإداري.
وفي هذا المعنى يخضع الى نظام قانوني مشترك يجمع بين أحكام القانون الخاص وأحكام القانون العام معًا، ومع ذلك فقد تم العمل في القضاء لاستبعاد المرافق الاقتصادية العامة التي تديرها الشركات العامة والمؤسسات العامة من التطبيق، ومن أحكام القانون الإداري، بحيث لا يعتبر موظفوها موظفين عموميين، ولا ترقى القوانين الصادرة منهم إلى مرتبة القرارات الإدارية ويخضع نظامهم المالي لأحكام القانون الخاص والعقود الخاصة بهم إبرام العقود الخاصة.
ثالثا المرافق المهنية
وهي منشآت عامة إدارية يتم تأسيس لهدف تحديد النشاط المهني وتوجيهه والاهتمام بالمصالح الخاصة لمهنة معينة، وتدار هذه المرافق من قبل هيئات أعضائها الذين يمارسون هذه المهنة ويمنحها القانون امتيازات معينة للسلطة العامة.
وذلك مثل نقابات المهندسين والمحامين والأطباء والنقابات المهنية الأخرى، وظهر هذا النوع من المنشآت بعد الحرب العالمية الثانية لمواجهة المشكلات التي تعرض لها أصحاب هذه المهن والدفاع عنها وحماية مصالحهم، خاصة في فرنسا حيث ظهرت لجان تنظيم الإنتاج الصناعي عام 1940.
وتخضع هذه المرافق لنظام قانوني مختلط، حيث تخضع لنظام القانون العام وولاية القضاء الإداري في بعض النزاعات المتعلقة بنشاطها، لكن الجانب الرئيسي من نشاطها يخضع لأحكام القانون الخاص. تخضع النزاعات المتعلقة بلوائحها الداخلية وعلاقة أعضائها ببعضهم البعض وشؤونها المالية للقانون الخاص واختصاص المحاكم العادية، بينما تخضع النزاعات المتعلقة بمظاهر نشاطها كمنفعة عامة وممارسة امتيازات تخضع الهيئة العامة لأحكام القانون العام واختصاص القضاء الإداري.
وفي الخاتمة نستنتج أن المرافق المهنية مع المرافق الاقتصادية العامة تخضع من حيث اشتراكهم إلى نظام قانوني مشترك، ولكن يتم تنفيذ نظام القانون العام على نطاق أوسع في نطاق المرافق المهنية وهذا ينعكس في امتيازات القانون العام التي تمارسها المنشأة الإدارية، بينما يقتصر تطبيقه في مجال تنظيم المنشأة الإدارية على المنشآت الاقتصادية.