خصائص وأركان المقاولة في عقد الإيجار

اقرأ في هذا المقال


المقاولة: هو عقد يتعهد به أحد الطرفين أن يصنع شيئاً أو يؤدي عملاً لقاء أجر يتعهد به الطرف الآخر.

ما هي خصائص المقاولة؟

1- عقد رضائي: فهو ينعقد بمجرد ارتباط الإيجاب والقبول وتطابقهما، ولا يوجد ما يمنع المتعاقدين من الاتفاق على وجود شكلية معينة لا ينعقد العقد إلا باستيفائها كالكتابة مثلاً.
2- يقع التراضي على العمل المطلوب تأديته وعلى الأجر.
3- عقد من عقود المعاوضة، لأنه كل طرف يأخذ مقابلاً لما يعطي.

4- عقد ملزم للجانبين فهناك التزامات في ذمة المقاول والتزامات في ذمة رب العمل.

كيف يتم تمييز عقد المقاولة عن العقود الأخرى؟

1- تمييز المقاولة عن عقد العمل:


إن اعتبار العقد عقد عمل يعني أن رب العمل يكون مسؤولاً عن العامل مسؤولية المتبوع عن التابع. فيخضع العامل لإدارة وتوجيه رب العمل، أما في عقد المقاولة فيكون المقاول مستقلاً عن رب العمل ولايخضع لإدارته وتوجيهه.

2- تمييز المقاولة عن البيع:


يصعب التمييز في حالة ما، إذا قدم المقاول عمله والمادة معاً فهل هذا العقد عقد بيع أم مقاولة؟ فهنا نقارن بين قيمة المادة وقيمة العمل اللذين يقدمهما المقاول، فإذا تساوت قيمتهما أو كانت إحداهما أقل من الأخرى بشيء قليل، فالعقد يكون خليطاً من بيع تسري عليه أحكام عقد البيع ومقاولة تسري عليه أحكام عقد المقاولة. أما إذا كانت قيمة المواد أكثر من قيمة العمل بكثير فيكون العقد بيعاً لا مقاولة. ويكون العقد مقاولة إذا كانت قيمة العمل تزيد بكثير عن قيمة المواد التي يقدمها المقاول.
وبالنسبة إلى العقود التي ترد على إقامة الأبنية فيلزم التمييز بين ما إذا كانت الأرض مملوكة إلى المقاول أم إلى رب العمل، فإذا كانت مملوكة إلى المقاول فهذا عقد بيع أما إذا كانت مملوكة إلى رب العمل فهذا العقد هو عقد مقاولة.

3- تمييز عقد المقاولة عن عقد الإيجار:

يصعب التمييز بين العقدين في بعض الأحيان فمثلاً إذا اتفق شخصاً مع شركة من شركات النقل على أن تضع تحت تصرفه إحدى سيارتها مع سائقها فهل هذا العقد هو مقاولة أم عقد إيجار؟ فالتكييف القانوني لهذا العقد يكمن في معرفة من يملك السيطرة على السيارة وسائقها خلال الرحلة. فإذا كانت الشركة هي التي تملك هذه السيطرة باحتفاظها برقابة وتوجيه السائق فإن العقد يعتبر مقاولة، أما إذا انتقلت الرقابة والتوجية إلى الراكب فيعتبر العقد إيجارًا.

5- تمييز المقاولة عن عقد الأشغال العامة:


إن عقد المقاولة من عقود القانون الخاص أما عقد الأشغال العامة فهو عقد إداري يخضع إلى القانون الإداري، وحتى يكون العقد عقد أشغال عامة لا بد أن تتوافر فيه ثلاث شروط؛ أولها أن يرد على عقار وثانيهما أن يتم العمل لحساب شخص عام كالدولة أو إحدى مؤسساتها العامة وثالثها أن يكون الغرض من العمل تحقيق منفعة عامة.
ويرى الفقه أن العقد يعتبر عقد أشغال عامة وأن لم يرد على عقار مملوك للدولة ما دام الغرض منه تحقيق منفعة عامة وإن لم يتصل العمل بمال عام أو بمرفق عام، والراجح فقهاً إذا كان العقد لحساب شركة مساهمة عامة أو شركة من
شركات الاقتصاد المختلط فيكون العقد مقاولة لا عقد أشغال عامة.

ما هي أركان عقد المقاولة؟

أركان عقد المقاولة هي التراضي والمحل والسبب.

1- التراضي:

يجب لانعقاد عقد المقاولة أن يتم التطابق بين الإيجاب والقبول على ماهية العقد وعلى العمل وعلى الأجرة. فإذا اختلف الطرفين على أي عنصر من هذه العناصر لا ينعقد العقد. فيجب لانعقاد المقاولة وجود التراضي وأن يكون هذا التراضي صحيحاً وحتى يكون التراضي صحيحاً لا بد من توافر الأهلية اللازمة لكل من المقاول ورب العمل ويجب أن تكون إرادتيهما خالية من عيوب الإرادة. ومن الجدير بالذكر بأنه إذا حدث غلط في شخص المقاول فلا يؤثر على العقد إلا إذا كانت شخصية المقاول محل اعتبار.

ويجب أن يكون الأجر غير مخالف للنظام العام والآداب العامة أو لنص قانوني ولذلك يجب أن يكون أي شخص يعقد العقد سواء كان مدني أو تجاري بالغاً راشداً بحسب السن الذي يشير إليه قانون الدولة الذي يخضع له العقد، ويجب أن يتمتع بأهلية التصرف حتى يصح تعاقده بالمقاولة، واستناداً إلى هذه القاعدة يرى الفقه أنه لا يجوز للقاصر أو للمحجور عليه لسفه أو غفلة أن يبرم عقد المقاولة، ولو كان مأذوناً في الإدارة. وإذا فعل، كان العقد قابلاً للإبطال لمصلحته وحده.
ويزول الحق في الإبطال إذا أجازه القاصر بعد بلوغه سن الرشد أو إذا صدرت الإجازة من وليه أو من المحكمة بحسب الأحوال وفقاً لأحكام القانون (المادة 112/2) مدني، فإذا طلب الإبطال جاز لرب العمل مطالبته بالتعويض إذا كان المقاول قد أخفى نقص الأهلية بطرق احتيالية (المادة120) مدني، لأن عمل القاصر يوصف بالتدليس والعمل الخاطئ، ويحكم عليه بالتعويض وفقاً لقواعد المسؤولية التقصيرية.

2- المحل:


إن المحل في عقد المقاولة له وجهان فهو بالنسبة إلى التزامات المقاول، العمل المتعاقد على تأديته، وبالنسبة إلى التزامات رب العمل الأجر.

أ – العمل في المقاولة:


إذا قدم المقاول العمل والمادة فإن العقد يسمى استصناعاً، أما إذا اقتصر دور المقاول على تقديم العمل بينما قدم رب العمل المادة فإن المقاول يعتبر أجيراً مشتركاً. ويشترط في العمل حتى يكون محلاً لعقد المقاولة ما يأتي:
1- أن يكون العمل ممكناً: فلا التزام بمستحيل وإلا كان العقد باطل. والمقصود هنا بالاستحالة هي الاستحالة المطلقة وهي أن يكون العمل مستحيلاً على أي شخص آخر غير المقاول، كمن يتعهد بأن يطير إلى السماء بدون أستخدام أي
وسيلة للطيران.

2- أن يكون العمل معيناً أو قابلاً للتعيين: فإذا لم يكن العمل كذلك كان العقد باطلاً كما لو اتفق الطرفان على قيام المقاول بعمل دون ذكر طبيعته وأوصافه.


3- يجب أن يكن العمل مشروعاً: فإذا كان مخالفاً للقانون وللنظام العام كانت المقاولة باطلة.

ب: الأجر في المقاولة


هو الوجه الثاني للمحل في عقد المقاولة وهو المال الذي يلتزم به رب العمل بإعطائه للمقاول في مقابل قيام الأخير بالعمل المعهود إليه. ويشترط في الأجر نفس شروط العمل.

1-أن يكون موجوداً: فإذا لم يكن الأجر موجوداً كان العقد من عقود التبرع فلا يعتبر مقاولة بل عقد غير مسمى. والأصل أنه متى دلت الظروف على أن العمل ما كان ينجز بدون أجر فإن رب العمل يكون ملزماً بدفعه وذلك حتى لو جاء العقد خالياً من أية إشارة إليه. ويجب أن يكون الأجر جدياً أي مقارباً للحقيقة وأن تتجه إرادة رب العمل
إلى دفعه وأن تتجه إرادة المقاول إلى استيفائه.
2- أن يكون الأجر معيناً أو قابلاً للتعيين: فيكون الأجر معين عندما يتفق الطرفان عليه في العقد. وقد يحدد من قبل
المتعاقدين بعدة صور كالتالي:

الصورة الأولى: أن يتم تحديد الأجر إجمالياً فيتفق رب العمل مع المقاول على مبلغ إجمالي يقدر مقدماً عند إبرام عقد المقاولة. فمثلاً لو طلب رب العمل بناء دار يتكون من طابق واحد وفي غرفتين بمساحة معينة ويتفقان على مبلغ عشرة مليين.
الصورة الثانية: قد يحدد الأجر على أساس ثمن القائمة حيث توجد قائمة تتضمن سعراً لكل وحدة من وحدات البناء كسعر المتر الواحد من الحديد أو سعر المتر الواحد من البناء.

الصورة الثالثة: قد يحدد الأجر على أساس وحدة القياس حيث يجري عمل مقايسه مقدماً وتكون مكتوبة تحتوي على بيان مفصل للأعمال الواجب القيام بها والمواد الواجب استخدامها والأجر الواجب دفعه يجب أن يكون الأجر ممّا يجوز التعامل فيه.

3-السبب:

إن السبب يعتبر ركن آخر من أركان العقد، وذلك من خلال المقصود بالسبب أنه الهدف الأساسي الذي يهدف له كل من أطراف العقد من أجله سعي إلى تحقيقة من العقد، فسبب التزام البائع بنقل ملكية المبيع هو الحصول على الثمن، ويجب أن يكون السبب مباحًا وغير مخالف للنظام العام. وبعد بيان أركان العقد في القانون لا بُدّ من معرفة الجزاء المترتب على الإخلال بالشروط المدرجة في العقد، حيث يجب على كلا المتعاقدين بتنفيذ الالتزامات المترتّبة على عاتق كلٍّ منهم، وفي حال الإخلال بذلك تقوم مسؤولية المتعاقد المخل بتعويض المتعاقد الآخر عمّا لحق به من ضرر نتيجة الإخلال بالشروط المُدرَجة بالعقد.

وحيث أنه يطلق على هذه المسؤولية (بالمسؤولية العقدية) والتي أيضاً يكمن المقصود منها على أنّها: “العقاب الذي يصدر من خلال الإخلال ومخالفة بالالتزامات التعاقدية”، أما بالنسبة للتعويض فيكون إمّا نقديًا أو عينيًا إن أمكن ذلك، ويشمل التعويض الخسارة التي تسبّب بالشخص المضرور بالإضافة إلى تعويضه عن الأرباح التي كان من الممكن أن يحصل عليها لولا هذا الإخلال.
ويعدّ مصدرُ الالتزام السّببَ القانوني الذي ينشأ به الالتزام، فالالتزام الذي يقع على عاتق المشتري بدفع الثمن مصدرُه عقد البيع، أما التزام الشخص بتعويض الضرر الذي سبَّبَه لشخص آخر مصدره الفعل الضارّ، والتزام الأب بالإنفاق على أبنائه مصدرُهُ القانون، وبالتالي فإنّ مصادر الالتزام خمسة، هي: العقد والإرادة المنفردة والفعل الضارّ والفعل النافع والقانون، ويعدّ العقد أول مصدر من مصادر الالتزام، وبالتالي سيتم بيان مفهوم العقد وأنواع العقود وأركان العقد في القانون المدني والمسؤولية العقدية.

المصدر: عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، المجلد الرابع (دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان).مصطفى الزرقاء، شرح القانون المدني السوري ـ العقود المسماة ـ عقد البيع والمقايضة (مطابع فتى العرب، الطبعة السادسة، دمشق 1965).سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني ـ العقود المسماة ـ عقد البيع، المجلد الأول (دار الكتب القانونية، الطبعة الخامسة، مصر).جاك يوسف الحكيم، العقود الشائعة أو المسماة ـ عقد البيع (مطبعة محمد نهاد هاشم الكتبي، الطبعة الثانية دمشق 1973).


شارك المقالة: