يتطلب نشر القانون الدولي الإنساني وتطبيقه على المستوى الوطني تدخل العديد من المؤسسات الدولية أو المحلية؛ بهدف تحقيق التكامل والتوافق فيما بينها لضمان احترام القانون الدولي الإنساني. وقد تم إنشاء مؤسسات على المستوى الدولي لضمان احترام قواعد القانون الدولي الإنساني، بالإضافة إلى إنشاء لجان وطنية لكل دولة تحكمها مبادئها الخاصة.
دور اللجان الوطنية في تطبيق القانون الدولي الإنساني:
تلعب مكونات الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر دورًا مهمًا في مواكبة تطوير وتطبيق صكوك القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك الجمعية الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر. وتلعب دورًا مهمًا في تنفيذ بعض هذه الأدوات لمساعدة السلطات العامة في البلاد، والتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مجال الخدمات الإنسانية وتزويدها بالمساعدة اللازمة من خلال المشاركة في رعاية الضحايا أثناء النزاعات المسلحة.
ففي بعض البلدان، تهتم بعض اللجان الوطنية بتنفيذ القانون الدولي الإنساني، والغرض منها تقديم المشورة والمساعدة للحكومة لتطبيق القانون الدولي الإنساني ونشر المعرفة حول القانون الدولي الإنساني. وبدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تكمن مسؤولية الدولة في إنشاء هذه اللجان في إحدى طرق ضمان التنفيذ الفعال للقانون الدولي الإنساني.
وحتى نهاية عام 2011، بلغ عدد الدول التي قبلت إنشاء لجان وطنية لتطبيق القانون الدولي الإنساني 101 دولة، حيث تشجع اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنشاء مثل هذه المؤسسة؛ لأنها أظهرت دورًا مفيدًا في مساعدة البلدان على الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977 و 2005، فضلاً عن الصكوك الأخرى المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني.
ولا تنص اتفاقية جنيف على إنشاء لجنة وطنية على العكس من ذلك، فإن الحكومة وحدها هي التي تتمتع بسلطة اتخاذ القرارات. كما أن هذه اللجان ليس لها شكل أو هيكل نموذجي، لذا فإن تكوينها وأساليب عملها تختلف باختلاف البلدان.
ومن أجل التشجيع على إنشاء اللجان الوطنية، وبناءً على نتائج اجتماع الخبراء الذي عقد في مدينة جنيف، أصدرت وحدة لجنة الخدمات الاستشارية الدولية مبادئ توجيهية في مجال القانون الدولي الإنساني في عام 1996. وفي عام 2003 نُشر منشور بعنوان “توصيات عملية لتسهيل عمل اللجان الوطنية المعنية بالقانون الإنساني الدولي”، حيث تعتقد اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه يجب على اللجان الوطنية تقييم تشريعاتها المحلية وفقًا لسلسلة من الصكوك المتعلقة بالقانون الإنساني الدولي، وخاصة الالتزامات الناشئة عن اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية.
ويجب أن تراقب تطبيق القانون الدولي الإنساني، وأن تكون قادرة على اقتراح نصوص قانونية جديدة أو تعديل القوانين القائمة، وتقديم التوجيه اللازم لتفسير القواعد الإنسانية. وكما ينبغي لهذه اللجان أن تعزز فهم القانون الدولي الإنساني على نطاق واسع، بما في ذلك المشاركة في تدريب القوات المسلحة في المدارس والجامعات وتدريس القانون الدولي الإنساني، حيث تعتمد فعالية اللجنة الوطنية إلى حد كبير على عضويتها، ويجب أن تشمل موظفين ذوي معرفة مهنية.
أعضاء اللجان الدولية:
من الواضح أن عضوية اللجنة الوطنية تتكون من ممثلين عن وزارات حكومية مختلفة مهتمة بشكل خاص بالقانون الدولي الإنساني، مثل وزارة الدفاع الوطني ووزارة الخارجية ووزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة التربية والتعليم. وفي العديد من البلدان، تتكون اللجنة أيضًا من كبار أعضاء السلطة القضائية ومسؤولين في القوات المسلحة وخبراء أكاديميين بارزين وممثلين عن المنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام.
وعادة ما تلعب الجمعية الوطنية للصليب الأحمر أو الهلال الأحمر دورًا رئيسيًا. وقد يساعد في إنشاء لجنة وطنية أو إنشاء أمانة أو المساهمة بخبرتها على المستوى الاستشاري أو الأعضاء. وهي تلعب دورًا خاصًا في الحوار حول العلامات وتعمل كعنصر مساعد لسلطاتها الإنسانية. ومن خلال تشكيل لجنة دائمة، تلتزم الحكومة بضمان التنفيذ الكامل للقانون الدولي الإنساني. وكما يعترف بأنه فيما يتعلق بالتغييرات في طبيعة وسلوك النزاعات المسلحة، فإن القانون الإنساني يتطور باستمرار للاستجابة للتغيرات في النزاعات المسلحة.
على الرغم من أن القانون الدولي الإنساني لا يتطلب إنشاء لجان وطنية، فإن إنشاء هذه اللجان قد يشكل نقطة مرجعية مهمة للعديد من المسائل الإنسانية على المستوى الوطني، حيث جعلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر العمل المنتظم مع اللجنة الوطنية على رأس أولوياتها. ويعتمد هذا العمل على العلاقات الثنائية، ممّا يسمح بتبادل غير محدود للخبرات والاقتراحات. وكما تشجع اللجنة الدولية اللجان المنتمية إلى نفس المنطقة الجغرافية على التعاون وتبادل الخبرات.