عقد الصلح في القانون التجاري:
عقد الصلح: هو أحد العقود التي أعطاها القانون التجاري مصطلح العقود المسماة، لعدد من العقود التي عرف الناس إبرامها بشكل متكرر لتلبية احتياجاتهم؛ لذلك بدأوا في ضمان شرط واحد وأصبحوا معروفين بأسماء محددة، مثل البيع والتبرع والإيجار والتوكيل.
ونظراً لانتشار هذه العقود في التعامل، فقد أخضعها العرف لأحكام منفردة، وأصبحت التشريعات تُخضعها لبعض القواعد الإلزامية التي قد لا يتفق أصحاب المصلحة على عدم الموافقة عليها، وقواعد تفسيرية لا تنطبق عليها إلا في حالة عدم اتفاق الأطراف المتعاقدة على ما يخالفهم.
فالعقود التي خصص لها القانون التجاري أحكاماً خاصة لانتشارها بين الناس، يطلق عليهم اسم محدد، وهو “العقود المسماة”، أما العقود الأخرى التي يعرفها الناس فيما بينهم دون اعتماد عقد معين، فقد وضع القانون أحكاماً خاصة بها لا يمكن دخولها في نطاق أحد العقود المنصوص عليها فيه.
وأرسى المشرع التجاري ترتيب منطقي علمي لعرض العقود التي يتناولها القانون التجاري حسب موضوعها. واطلع على العقود المذكورة على التملك في البيع والمقايضة والهبة والشركة والقرض والدخل الدائم والتسوية، ثم تناول العقود الواردة على الانتفاع بالشيء، وقام بفحص عقود الإيجار والعقود المجردة في ضوء هذا التصنيف، عقد الصلح هو أحد العقود المذكورة في العقار.
مقومات عقد الصلح:
أ- نزاع قائم أو محتمل:
العنصر الأول في عقد التوفيق هو النزاع بين المصالحة، سواء كان هناك نزاع محتمل أو نزاع محتمل، ولا يتم تسوية العقد، وإذا كان هناك تعارض قائم أمام المحكمة ويتم إعلان الأطراف بالتصحيح، لكن ليست هناك حاجة لخلاف قائم على العدالة، ولكن يكفي أن يكون خلافياً حتى يمنع من هذا الخلاف، وفي هذه الحالة، المصالحة غير القضائية.
ب- نية حل النزاع:
يجب أن يقصد الطرفان بالصلح تسوية الخلاف بينهما إما بإنهائه إن وجد أو بوقفه إذا كان ذلك ممكناً، ولكن لا يشترط للصلح أن يحسم جميع الخلاف بين الطرفين، إذ قد يعالج الصلح بعض المسائل ويصلحها ويترك الباقي للمحكمة للفصل فيها، كما يجوز للطرفين التوفيق لحل النزاع، لكنهما اتفقا على أن تحكم المحكمة بما تصالحوا معه، ويرفعون الدعوى على هذا الأساس حتى تصدر المحكمة الحكم المطلوب، وهذا تصالحي رغم صدور الحكم.
ج- تنازل كل من المصالحة عن جزء من دعواه:
في المصالحة، يجب على كل من المصالحة أن يتنازل على عكس ذلك عن جزء من مطالبته، إذا لم يتنازل أحدهما عمّا يدعيه، والآخر ينحدر من كل ما يدعيه، فهذا ليس صلحًا، بل هو تنازل عن دعوى، وهذا ما يميز عقد الصلح عن التنازل عن حقه. لا يشترط أن يكون التنازل من جانب أطراف المصالحة متساوياً، حيث يتنازل أحد الطرفين عن جزء كبير من مطالبته، والطرف الآخر يتنازل فقط عن جزء صغير من مطالبته، وعلى هذا الأساس فإن التنازل من الطرفين لا يزال ساري المفعول.
وقد ينوي الشخص المصالحة مع خصمه لتلافي إجراءات التقاضي المعقدة، أو المصاريف الباهظة والمصاريف الناتجة عن التقاضي، أو تقصير المدة، أو من أجل تجنب التقاضي، أو الإعلان عن أمر قد يؤثر على سمعته وتقليل جزء من دعواه. وبالمثل، تتم المصالحة كما لو أن أحد الطرفين قد تنازل عن جميع مطالبته مقابل أموال أخرى خارج موضوع النزاع، ويطلق على الأموال المقدمة مقابل التوفيق بدلاً من ذلك.
د- تكييف عقد التوفيق:
والقاضي هو المسؤول عن تكيّف العقد بصفته صلحاً، أو عقداً آخر بحسب عناصر المصالحة. ولا يلتزم بتعديل الخصوم. وهناك تضحية من الجانبين فيها مقومات المصالحة ولا يعاقب على ذلك من قبل محكمة النقض، أما الالتزام بتوفر كل هذه العناصر، فالعقد تصالحي وهذه مسألة قانونية لا يكون فيها قاضي الموضوع مستقلاً بل يخضع لرقابة محكمة النقض.
خصائص عقد الصلح:
عقد الصلح هو عقد رضائي فلا يجب في تكوينه أن يكون له شكل معين، بل يكفي للتوفيق بين الإيجاب والقبول للصلح. لكن الكتابة ضرورية لإثبات السلام على عدم الاحتفاظ بها، إنه عقد ملزم لكلا الطرفين، حيث يلتزم كل طرف من الأطراف المصالحة بالتنازل عن جزء من مطالبته مقابل تنازل الطرف الآخر عن الجزء المقابل، ويتم حل النزاع بهذه الطريقة، فإنه عقد مقاصة فلا يتبرع أحد من المصالحة للآخر، بل يتنازل كل منهم عن جزء من مطالبته بالمقابل وهو نزول الشق الآخر ممّا يدعي.