ما هو مبدأ الأثر غير الموقوف على الطعن في قانون العمل؟

اقرأ في هذا المقال


مضمون مبدأ الأثر غير الموقوف على الطعن:

هذا المبدأ متجذر ومتأصل من قانون مجلس الدولة الفرنسي، وقد تم اعتماده بناءً على مبررات ومعطيات مختلفة. وتوطيدًا لمبدأ الشرعية، سُمح للعمال بالطعن في إلغاء قرارات إدارية للمنشآت التنفيذية من خلال دعوى إبطال، وهي دعوى قضائية بسبب إساءة استخدام السلطة أمام المحكمة، لكن لا يترتب على هذا الاستئناف على وقف تنفيذ القرار الذي يصدر عن إدارة الشركات.

حيث تم العمل على هذا المبدأ، كمبدأ مشهور في قانون العمل، ويسمى مبدأ التأثير غير الموضعي للطعن في دعوى الإلغاء، وينص هذا المبدأ على أن الطعن في القرار الذي يصدر عن الإدارة في حالة الإلغاء لا يوقف حسب المبدأ تنفيذه، والذي يجب أن يستمر حتى يتقرر إلغاء القرار المطعون فيه، أو تسحبه الإدارة، إذا كان يشبه أحد المخالفات.

وفي هذه الحالة، يكون للإدارة أيضًا الاختيار بين التباطؤ، حتى انتهاء الوضع، أو تنفيذ القرار على مسؤوليتها الخاصة، مع تحمل مخاطر هذا التنفيذ. وتم النص على هذا المبدأ في مختلف التشريعات الوطنية؛ لذلك يجد جذوره في قانون العمل الفرنسي عبر مختلف المراحل التي مر بها القضاء، كما تم النص على هذا المبدأ لأول مرة في المادة الثالثة من المرسوم الصادر في 22 يوليو 1806، ثم تم تأكيد هذا المبدأ في المادة 24 من قانون 24 مايو 1872 وقانون 18 ديسمبر 1940.

ونص عليه مرة أخرى في المادة 48 من الأمر رقم 45-1708، المؤرخ 31 يوليو 1945 والمادة 54 من المرسوم رقم 63-766 المؤرخ 30 يوليو 1963، المعدل بالمادة 13 من المرسوم رقم 84-819 الصادر في 29 أغسطس 1984، حيث استمرت هذه القاعدة في العمل بشكل منفرد، ولم يتأثر استقرارها بالإصلاحات التي أدخلت على نظام القضاء في فرنسا، بموجب المرسوم رقم 53-934 الصادر في 30 سبتمبر 1953، والذي أنشأ محاكم ذات اختصاص عام للفصل في منازعات العمل. كما لم يصدر القانون الجديد في 31 كانون الأول 1987 بشأن إصلاح القضاء الذي أنشأ مجالس استئناف.

أما قانون العمل فقد نص المبدأ في المادة 170: “إن الطعن أمام المجلس العدلي ليس له أثر قائم إلا إذا قرر استثناءً بناءً على طلب صريح من المدعي”.

وفي القانون المصري تم تطبيق نفس المبدأ ونص عليه في المادة 49/1 من قانون مجلس الدولة المصري رقم 47 لسنة 1972، التي تنص على أن تقديم الطلب إلى المحكمة لا يترتب عليه وقف الدعوى تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه. وفي هذا الصدد، قررت الجمعية أن المبدأ الذي تم على أساسه إصدار أحكام هذه المحكمة وفقًا للمبادئ العامة للقانون، والمبادئ العامة التي تنظم القضاء، سواء في الدستور أو قوانين مجلس الدولة و المرافعات المدنية والتجارية.

فإن صلاحية وصحة القرارات الصادرة واجبة التنفيذ من قبل إدارة المنشآت، وأن التقاضي بالقرار الإداري أمام محاكم مجلس الدولة بحد ذاته لا يوقف التنفيذ في تنفيذه للقانون الأول المنظم.

وقرر مجلس الدولة، والمحكمة، وبعد الإشارة إلى القاعدة العامة، أن يؤخذ كل قرار يصدر عن إدارة الشركات يخضع للتنفيذ بقوة القانون، ومجرد طلب إلغائه أمام المحكمة، وهذا المبدأ هو نتيجة منطقية لمبدأ السلطة التنفيذية للقرار الذي يصدر عن إدارة الشركات، وهي قاعدة أساسية في القانون العام ولا يجوز الخروج عن هذا المبدأ العام إلا بنص تشريعي خاص، ليس فقط فيما يتعلق بطعون الإبطال المقدمة إلى السلطات القضائية، ولكن أيضًا فيما يتعلق بالتظلمات المقدمة إلى الإدارة.

وكل هذه المظالم بالمعنى الواسع القضائية والإدارية ليس لها أي تأثير على تنفيذ القرار يصدر عن إدارة الشركات، ما لم ينص صراحة على خلاف ذلك، أو وجود نظام قانوني يتخذ مع مبدأ الأثر الإيقافي للاستئناف، كما هو الحال في النظام الجرماني ومبدأ الأثر الإيقافي للطعن في الإلغاء.

ما هي المبررات لمبدأ الأثر غير الموقوف على الطعن؟

أولاً: فكرة القرار التنفيذي لمبدأ الأثر غير الموقوف على الطعن:

من المهم معرفة أن السمة التنفيذية للقرارات التي تصدر عن إدارة الشركات في مختلف المجالات، تكمن في قاعدة التأثير غير الموضعي للطعن في القرارات التي تصدر عن إدارة الشركات، وتنبع من مبدأ عام، وهو امتياز عمل الإدارة، وافتراض الصحة الذي يميز أعمالها؛ وهي نتيجة وإبراز للخاصية التنفيذية للقرارات التي تصدر عن إدارة الشركات، وكان الفقيه موريس هوريو  أول من دافع عن هذه الفكرة في نهاية القرن التاسع عشر في كتابه “الوجيز في القانون الإداري”، ويرى الفقيه أن لإدارة الشركات صلاحية تنفيذ القرارات التي تتخذها بنفسها، دون الرجوع إلى القضاء، حتى وإن كان تنفيذ القرار حفاظًا على مصلحة الآخرين.

وينشأ القرار الذي يصدر عن إدارة الشركات بافتراض فرضية الصحة والسلامة، أي شرعية القرار، دون أن يتوقف الأمر على ذلك وإقرار من المحكمة، حيث يجد الافتراض أساسه في حقيقة أن الإدارة تهدف دائمًا وراء أفعالها من أجل الصالح العام في العمل، وليس من المفترض أن تبدأ في انتهاك القانون في أفعالها، لكن الصحة والسلامة هما الافتراضان، حتى يثبت خلاف ذلك من قبل من يدعي غير ذلك.

ثانياً: مبدأ الفصل بين السلطتين القضائية والإدارية:

إن مبدأ الفصل بين السلطات القضائية والإدارية المنصوص عليه في قانون التنظيم القضائي الفرنسي المؤرخ في 16-24 أغسطس 1790 (25) مبدأ ذو وجهين، فمن ناحية يعني أن الإدارة تمتنع عن التدخل في شؤون ومهام القضاء الإداري، ومن ناحية أخرى لا يجوز للقاضي التدخل في وظائف الإدارة. ويمكن تعطيل هذا المبدأ إذا أدى مجرد الاستئناف على القرار الإداري إلى تعليق تلقائي لتنفيذه؛ لأن مثل هذا الوضع يعني أن تنفيذ الإدارة لعملها سيعتمد في نهاية المطاف على تدخل القضاء الإداري.

ثالثًا: الاعتبارات العملية في مبدأ الأثر غير الموقوف على الطعن:

في حال أن مبدأ الأثر غير الموضعي للطعن في القرارات التي تنشأ عن المنشآت في مختلف المجالات يكمن أساسها القانوني في فكرة تطبيق القرار التنفيذي، فإن هذا التبرير يدور حول فكرة فعالية العمل الإداري وأهدافه وغاياته المتمثلة في تحقيقه المصلحة العامة، وتلبية الحاجات الاجتماعية، الأمر الذي يتطلب منفعة خاصة أعلى، لا يمكن التضحية بالمصلحة العامة من أجل المصلحة الخاصة. وبما أن الإدارة تتحمل عبء إشباع الحاجات العامة، والعمل يسعى للصالح العام، فمن المنطقي الافتراض أنه ضروري وعاجل.

ولكي تصل الإدارة إلى أهدافها دون عوائق أو تأخيرات، من الضروري ألا يُسمح لأي فرد، أياً كان، بشل حركتها أو إعاقة حركتها، بمجرد رفع دعوى كيدية أمام المحكمة لكسب الوقت، حتى لو أقيمت الدعوى في هذا السياق، يعني عدم توفير فرصة لأي شخص سيء النية يريد فقط المماطلة في الطعن وفي تصرفات التي تصدر عن الإدارة، على أساس عدم شرعيتها، وبالتالي وقف تنفيذها لتعطيل النتيجة لذلك عمل في المرافق العامة.


شارك المقالة: