آثار عقد الصلح:
1- حل النزاع:
متى تم التوصل إلى صلح بين الطرفين، فإن هذه الصلح ستؤدي إلى تسوية الخلاف بينهما من خلال انقضاء الحقوق والادعاءات التي تنازل عنها كل طرف، ويمكن لكل طرف أن يلزم الآخر بما لدى المصالحة أو طلب إنهاء الصلح إذا لم ينفذ الطرف الآخر ما التزم به.
ويتم حل النزاع بالمصالحة مع انتهاء الحقوق والمطالبات، إذا تنازع شخصان على ملكية المسكن والأرض، فتصالحوا مع على حقيقة أن البيت لأحدهما والأرض للآخر، فهذا الصلح عقد ملزم للطرفين ادعائه بملكية المنزل، فلا يجوز لمن حفظ له المنزل أن يعيده من جديد، وأن يتم الشجار مع الطرف الآخر في حق الأرض.
وإذا عاد إلى هذا النزاع فيجوز للطرف الآخر أن يقوم بذلك بالمرافعة أو المطالبة بإلغائها، ولا يجوز لمن حُفظت له الأرض أن ينازع الطرف الآخر في ملكية المنزل، وإلا يُدفع ذلك بالتصالح أو بطلب فسخه. وفي هذا المثال، يُلاحظ أن المصالحة لها تأثير استقرار، بالإضافة إلى تأثير انقضاء، والتأثير الأول يتبع حتماً التأثير الثاني.
وبهذا المعنى، تأسس قانون تحاري يحكم محكمة النقض عندما قضت بأن الصلح عقد يحسم الخلافات التي تتعامل معها، وأن الحقوق والادعاءات التي تضمنها تحسم عليها، ويحظر إعادة النظر في الأمور، أنه قد تم تسويته ما لم يتم إبطاله أو إبطاله لعيب في الوصية، مثل الإكراه أو الاحتيال أو الخطأ.
وقد اتخذ المشرع التجاري هذا النهج وحكم في المادة (521) في القانون تحاري أن: “الخلافات التي يتم التعامل معها تحل بالمصالحة، وسيؤدي ذلك إلى إنهاء الحقوق والمطالبات التي تنازل عنها أي من الأطراف المتعاقدة نهائيًا”.
2- أثر المصالحة الكاشفة:
يُفهم من نص المادة (522) بالنسبة للقانون تحاري أن الكشف عن أثر المصالحة يقتصر على الحقوق المتنازع عليها فقط، وإذا اشتملت المصالحة على حقوق غير متنازع عليها فيكون الأثر نقل بدلا من الإفصاح.
والهدف من هذا النص الذي يقصد به: أن الحق الذي ينتهي بالصلح من خلال الصلح مبني على مصدره الأول وليس الصلح، فإذا اشترى الطرفان منزلاً في الشركة ثم اختلف كل منهما على نصيب الآخر في المنزل، بشرط أن يكون لكل منهم نصيب معين، فيعتبر كل منهم مالكًا لهذه الحصة، ليس من خلال عقد الصلح، بل بعقد البيع الذي اشترى به المنزل مشتركًا، وبالتالي يكون حق كل منهما على أساس مصدرها الأساسي، وليس على المصالحة.
3- الأثر النسبي للمصالحة:
المصالحة كعقد مثل جميع العقود الأخرى لها تأثير نسبي؛ لأنها تقتصر على المكان الذي وقع فيه (أي العقد المتعاقد عليه)، والطرفين اللذين وقعا بينهما، والسبب الذي تم من أجله توقيعه، وبهذه العناصر يشبه الحكم فلا حجة إلا في اتحاد المكان والخصوم والسبب، ومع ذلك، أن التأثير النسبي للمصالحة يرجع إلى كونه عقدًا، وليس مستنسخًا بالحكم.
والتأثير النسبي في المكان، بمعنى أنه يتعامل فقط مع موضوع العقد وليس غيره، إذا كان الصلح الموصى به مع الورثة بناء على وصية، فإن الصلح لا يرتبط إلا بالوصية التي حصل فيها الخلاف، ولا تضمن “الصلح” وصية أخرى للموصي تظهر بعد ذلك. وأما مبدأ التأثير النسبي على الأشخاص، فيعني أن الصلح لا يترتب عليه أي منفعة أو ضرر، حتى لو وقع في مكان غير قابل للتجزئة.
إذا تصالح أحد الورثة مع الموصي عليه في الوصية، فإن الورثة الآخرين لا يطالبون بهذه الصلح ولا يتم التذرع بها ضدهم بناءً على مبدأ الأثر النسبي لعقد الصلح على الأشخاص. وأعطى القانون التجاري مثالاً تقليدياً وعملياً لتوضيح هذا المبدأ وهو: إذا صلح المصاب مع المسؤول عن الإصابة ثم توفي نتيجة تلك الإصابة، فإن هذا الصلح لا يتذرع به الورثة، أي أن ورثة المصاب فيما يتعلق بالتعويض المستحق لهم شخصياً نتيجة وفاة المصاب.
ويرتبط الأثر النسبي للصلح بالسبب عندما يكون الأثر متاحًا بسبب الصلح، فإذا نزع الوارث في صحة وصية صادرة لشخصين ثم صلح أحدهما، فلا يتم الاحتجاج بهذه الصلح في الوجه من الموصي الآخر، وهذا هو نسب الأشخاص، فإذا افترض أن الآخر الموصى له كان وارث الوصي الأول قد مات قبل الصلح.
فيجوز في هذه الحالة أن يعود الموصي الأول إلى الموصي الثاني وقت الخلاف في الوصية في حقه في الإرث، ولا يجوز للوارث أن يعترض عليها رغم وحدة المكان (وهي الوصية) ووحدة الناس (هم الوريث والأول وصية له)؛ وذلك لأن السبب لم يتحدد، فكان الموصي الأول ملزمًا بالصلح كوصية له، وهو الآن يتقدم لسبب جديد وهو الميراث عن الآخر الموصى به.
4- إنهاء عقد الصلح:
ويرى معظم المشرعين أنه يجوز طلب فسخ الصلح كما هو الحال في سائر العقود الملزمة للطرفين. وحل المصالحة هو الذي يتم فيه تنفيذ القواعد العامة المنصوص عليها في إلغاء العقود، ويجوز لأي من الأطراف، في حال إخلال أحد الأطراف بالتزامه، أن يطلب تنفيذ الصلح إذا أمكن تنفيذ الصلح العيني أو فسخ الصلح، وللقاضي تقدير طلب الإبطال. وأخيراً، نصت المادة (524) من القانون التجاري على ما يلي: “لا يجوز الطعن في التشكيل بسبب خطأ في القانون التجاري”
ويختلف الصلح عن الإعفاء في أن الإفراج خروج كامل عن الحق من جهة، أما في عقد الصلح فهو جزئي بين الطرفين، وإن كان كل منهما حسم الخلاف. ويختلف الصلح عن تأدية اليمين الحاسمة في أن الصلح يشمل التضحية من الجانبين، بينما توجيه اليمين الحاسمة لا يشمل فقط التضحية من جهة، وهو الذي يؤدي اليمين، فالجهة التي أقسمت اليمن تفوز بكل ما تدعي.
قد يتم الصلح كهدية أو بيع؛ لأن أحد الطرفين تحت غطاء التصالح ولكنه يتنازل عن حقه للآخر دون مقابل، ويمكن أن تتم المصالحة بتقسيم توافقي إذا اقترب المساهمون من حصصهم في المال المشترك بالتراضي ويحصل كل منهم على ما يعتقد أنه نصيبه الكامل حتى لو سمي القسمة بالصلح إلى الأسهم التي قاموا بتسويتها ودعوا العقد مقسمًا، ثم يبدأ التقسيم هنا في التسوية. ويتفق عقد الصلح والتحكيم على أن كلاهما يهدف إلى تسوية نزاع دون إصدار حكم قضائي، لكن التحكيم يختلف اختلافًا كبيرًا عن التوفيق.
وفي التحكيم يتفق الطرفان على المحكمين لتسوية نزاعهم، من يفصل في النزاع في التحكيم هم المحكمون ولكن في حالة الصلح هم أطراف النزاع أنفسهم، ولا يقتضي التحكيم تضحية من الطرفين، على عكس الصلح، فالمحكمون مثل القضاة الذين يحكمون على من له حقه بكامل حقوقه، وتتم مناقشة إجراءات التحكيم في قانون الإجراءات القانونية، بينما يتم شرح قواعد الصلح بموجب القانون التجاري يختلف الصلح عن الاعتراف بالحق، حيث تتطلب المصالحة دائمًا التضحية من الجانبين. أما قبول الحق وترك الدعوى فيشمل التضحية من جهة، وهي الجهة التي اعترفت بحق الخصم وترك الدعوى.