اقرأ في هذا المقال
- تعريف القوة القاهرة في القانون التجاري
- طبيعة القوة القاهرة في القانون التجاري
- التمييز بين القوة القاهرة والحادث المفاجئ بحسب القانون التجاري
- شروط القوة القاهرة
- آثار القوة القاهرة
- تطبيق القوة القاهرة في نطاق القانون التجاري العام
تعريف القوة القاهرة في القانون التجاري:
القوة القاهرة بحسب القانون التجاري، هي شكل من أشكال السبب الأجنبي الذي ينفي العلاقة السببية بين فعل المدين والأضرار التي لحقت بالمصاب في العمل، كما أنها كل حادثة خارجة عن شيء لا يستطيع المدين توقعه ولا يستطيع دفعه، على سبيل المثال: الفيضانات والزلازل والحروب وغيرها الكثير.
إذا منع الزلزال المدين من أداء واجبه فلا يمكن للدائن أن يطالب بتعويضه عن الضرر الذي لحق به، نتيجة لذلك في العمل بحسب القانون؛ لأن عدم تنفيذها ليس لخطأ المدين، بل بسبب الزلزال الذي ضرب المدينة، وبهذا المعنى يعتبر قوة قاهرة.
طبيعة القوة القاهرة في القانون التجاري:
تصنف حوادث القوة القاهرة إلى نوعين بحسب القانون التجاري:
- القوة القاهرة حسب مصدر الحادث: تنشأ القوة القاهرة إما من فعل الحوادث الطبيعية، التي من الممكن أن تؤثر على المنشآت التجارية والمتاجر والأسواق مثل: الزلازل والصواعق والفيضانات والثلوج والانهيارات والبراكين، أو من فعل الإنسان، حيث لا يوجد فرق بين مصدر الفعل، والذي يمكن أن يكون عنفًا واقعيًا، مثل ثورة شعبية أو سطو مسلح على البنوك، أو عنف قانوني تجاري على المتاجر والأسواق والمصانع. على سبيل المثال، إذا صادرت الدولة عقارًا من صاحبه عن طريق الاستحواذ أو المصادرة أو أمر سلطة.
- القوة القاهرة في موضوع الالتزام: يقتصر تطبيقها على فعل القوة القاهرة في مجال الالتزام بالعمل التجاري، وفي مجال الالتزام بالامتناع عن العمل التجاري، والالتزام بإعطاء شيء معين.
التمييز بين القوة القاهرة والحادث المفاجئ بحسب القانون التجاري:
حيث إنّ البعض يراهم تعبيرين مشابهين لاسم واحد، وبالتالي لا فرق في التمييز بينهما، حتى لو كانت القوة القاهرة تدل على صعوبة دفع الحادث، بينما يشير الحادث المفاجئ إلى عدم القدرة على التنبؤ.
ويذهب آخرون إلى التفريق بين القوة القاهرة والحادث المفاجئ، وهذا التمييز يعتمد على طبيعة الحادث، إذا كان الحادث خارجيًا ولم يكن من الممكن توقعه أو منعه بسبب إنه قوة قاهرة، على سبيل المثال، انهيارات أدت إلى انهيار متجر، ولكن إذا كان من الداخل الشيء، وكان من المستحيل دفعه، مثل انفجار آلة في محمص قهوة، حيث يكون حادث مفاجئ.
شروط القوة القاهرة:
- عدم القدرة على التنبؤ بالحادث: إذا كان الحادث متوقعاً فلا يعتبر قوة قاهرة، حيث إنّ معيار عدم القدرة على التنبؤ هنا هو معيار موضوعي يتطلب أن يكون عدم القدرة على التنبؤ مطلقًا، ولا يكفي أن تكون غير متوقعة من جانب المدين، ولكن يجب أيضًا أن تكون غير متوقعة من جانب الأشخاص الأكثر حرصًا وحذرًا.
ومن المهم معرفة أنه إذا كان الحادث متوقعًا من أجل التمييز بين المصطلحين، حيث إن الحادث متوقع لا يُنفى من المسؤولية؛ على سبيل المثال، يعتبر تساقط الثلوج في فصل الشتاء في مدينة لبنان أمرًا متوقعًا وبالتالي لا يعتبر قوة قاهرة.
ويختلف الوقت الذي يجب فيه تلبية عدم القدرة على التنبؤ حسب نوع المسؤولية، في المسؤولية التعاقدية، حيث يجب أن يكون الحادث غير متوقع في لحظة إبرام العقد. وبالنسبة للمسؤولية التقصيرية، يجب أن يكون هناك عدم القدرة على التنبؤ في لحظة وقوع الحادث.
- استحالة دفع الحادثة: لا يكفي لظروف قاهرة عدم توقع وقوع الحادث، بل يجب صعوبة دفعها. وهذا يعني أن الحادث يجب أن يؤدي إلى الصعوبة مطلقة للوفاء بالالتزام، ليس للمدين وحده ولكن لأي شخص في وضع المدين ووضعه المالي.
أمّا إذا كان المدين قادرًا على دفع الحادث ولم يقم بذلك، فإن هذا الحادث لا يعفي المدين من المسؤولية القانونية المالية حتى لو لم يكن متوقعا. ولا يوجد فرق هنا بين ما إذا كانت صعوبة الوفاء بالالتزام ماديًا، مثل الزلزال، أو استحالة أن تكون أخلاقيًا، كما لو أن الشخص يلتزم بعمل معين في يوم معين، وانتهاك ذلك نتيجة وفاة والده.
لذا فإن حدوث الموت هنا أمر أخلاقي مستحيل/ وبالتالي فهي معفاة من المسؤولية إذا كانت أيضًا غير متوقعة، حيث أنّ مسألة تقدير الاستحالة متروكة للمحكمة التجارية المختصة في هذا الشرط؛ هو تطبيق للقاعدة التي تقول: “لا يوجد التزام في التنازل”. وإذا أصبح تنفيذ الالتزام التعاقدي، نتيجة للحادث، عبئًا على المدين ولم يكن مستحيلًا، فإن الحادث لا يعتبر قوة قاهرة بل تسري عليه أحكام نظرية الأحوال الطارئة بشرط استيفاء بقية شروطها.
- أن يكون الحادث خارجيًا: إذا تسبب المدين في وقوع الحادث أو ساعد في وقوعه، فلا يعتبر الحادث قوة قاهرة حتى لو استوفى الشرطين السابقين، ومن ثم فهي ليست معفية من المسؤولية. وبالمثل، إذا كان الحادث داخليًا للشيء، فلا يعتبر قوة قاهرة، وبالتالي فهو غير معفي من المسؤولية، على سبيل المثال انفجار الإطار في السيارة.
آثار القوة القاهرة:
في حال كانت القوة القاهرة هي العامل الوحيد للضرر؛ أي أنه يؤدي إلى نفي المسؤولية من المدين؛ لأنه يكسر العلاقة السببية بين فعل المدين والضرر. أما إذا ساهمت القوة القاهرة في ارتكاب خطأ المدين في التسبب في الضرر، فإن المدين مسؤول مسؤولية كاملة عن ذلك الضرر؛ لأنه في مثل هذه الحالة لا يمكن تقسيم المسؤولية بين المدين وشخص آخر.
حيث تجدر الإشارة إلى أن القوة القاهرة يمكن أن تؤدي إما إلى الإعفاء من تنفيذ الالتزام بشكل دائم، أو إلى تعليق تنفيذ الالتزام حتى انتهاء الحادث.
تطبيق القوة القاهرة في نطاق القانون التجاري العام:
لا تنطبق القوة القاهرة في البلدان التي تميز بين المحاكم العادية والمحاكم التجارية، فإذا تعذر على المدين بموجب عقد تجاري الوفاء بالتزامه بسبب قوة قاهرة، وله أن يلتزم بها أمام المحكمة الإدارية المختصة، وإذا تبين لهذه المحكمة أن شروط القوة القاهرة قد استوفيت، وجب عليها أن تحكم بانقضاء التزام المدين بسبب قوة قاهرة.
وفي هذه الحالة لا يجوز أن يأمره بدفع المبلغ للدائن نتيجة الضرر الذي لحق به من خلال تعويضه بسبب عدم تنفيذ المدين لالتزامه، حيث تجدر الإشارة إلى أن القوة القاهرة التي تعرض قضيتها أمام القضاء تحمل صفة فعل الذي سبقه.
ومن ناحية أخرى، تسود نظرية ظروف الطوارئ في مجال العدالة الإدارية على نظرية القوة القاهرة، حيث أخذت التشريعات العربية المعنية بنظرية القوة القاهرة، على سبيل المثال التشريعات السورية والمصرية واللبنانية والعراقية؛ لأنها أقدم تشريعات الدول العربية المستقلة.