خصائص دعوى الإلغاء في قانون العمل:
أولاً: دعوى الإبطال:
تمثل دعوى الإبطال بأنها الدعوى الوحيدة والفريدة من نوعها التي تسعى إلى إلغاء الإجراءات غير القانونية، ولا يمكن لأي من الدعاوى أن تحقق الأهداف والنتائج في تطبيق دعوى الإلغاء، أي إزالة آثار القرارات غير القانونية بأثر رجعي. وعليه فإن مهمة القاضي في دعوى الإلغاء تتركز في النظر في مشروعية القرار المطعون فيه بالإلغاء، وما إذا كان هذا القرار مشبوهًا بإحدى العيوب التي تجعله قرارًا غير قانوني، أم أنه قرار سليم لا ينتهك القانون.
ومن المهم معرفة أن آثار دعوى الإلغاء تؤثر على استقلالية أعمال السلطة التنفيذية، فقد أصبح من الضروري إخضاعها لإجراءات خاصة سواء كانت دعاوى الإبطال المرفوعة أمام المحاكم أو المرفوعة أمام مجلس الدولة، حيث تخضع دعوى الإبطال للعديد من الشروط الخاصة بالإضافة إلى الشروط العامة التي يجب توافرها في أي دعوى قضائية.
ومن أجل قبول قضية تجاوز السلطة في النظام القضائي، يجب مراعاة الإجراءات والشروط المعقدة، ولعلّ أهم هذه القواعد هي قواعد الاختصاص، مع احترام المواعيد المحددة في القانون، وهي قصيرة نسبيًا، شرط التظلم المسبق، حتى لو اعتبره قانون الإجراءات المدنية والإدارية وتجارية شرطًا إباحيًا، على أن يرفق طلب الإلغاء بالقرار المطعون فيه.
ثانياً: الدعوى الموضوعية:
تتميز دعوى الفسخ بطابعها الموضوعي والعيني على عكس الدعاوى القضائية، فإنه يركز كليًا وبشكل أساسي على القرار التجاري المطعون فيه بعدم الشرعية من قبل الأشخاص بغض النظر عن السلطة أو الجهة التي أصدرتها. والهدف الرئيسي لدعوى الإبطال هو حماية مبدأ الشرعية، من خلال حماية شرعية القرارات من مظاهر وأسباب عدم الشرعية.
ويترتب على ذلك أن مقدم التماس دعوى الإبطال، يجب أن يكون معنيًا بالقرار المطعون فيه باعتباره مستندًا قانونيًا وأن يبرز عيوبه دون قلق على الشخص الذي أصدر القرار، وله أن يثير مسائل تتعلق بالقرار في شكله وموضوعه، كما يجوز له إثارة مسائل تتعلق بالجوانب الإجرائية أو شروط القرار، والمهم أن وسيلة الهجوم وهي الدعوى تركز على القرار.
ثالثاً: الدعوى الشرعية:
دعوى الإبطال إحدى الدعاوى القضائية الشرعية؛ لأنها تتحرك وترفع بناء على قرارات تجارية مخالفة لمبدأ الشرعية، فتركز على القرارات تجارية من حيث شرعيتها وتطالب بإلغائها في حال مخالفتها. والهدف الأساسي لدعوى الإبطال هو حماية مبدأ الشرعية بشكل عام وحماية شرعية القرارات تجارية بشكل خاص.
كيف نشأت وتطورت دعوى الإلغاء؟
تتميز دعوى الإبطال بالصفة والأهلية القضائية، فهي دعوى قرارية بطبيعتها وليست دعوى قضائية أو تسعى إلى التظلم الإداري. ونشأت في فرنسا، كدعوى عادية ومن ثم تم رفعها من قبل مجلس الدولة الفرنسي، والتي يُنسب إليها إنشائها وتطويرها، حتى أصبحت دعوى قضائية بموجب القانون العام.
ويُعرف مراقب النظام القضائي الفرنسي مدى تطور دعوى الإبطال، حتى وصلت إلى الصورة التي هي عليها الآن. ولم تكن الإدارة تفصل في القضايا الخاصة بالأعمال التجارية، ولكن لم يكن هناك موقف مخالف، أي أنه كان مجرد شكوى أن الإدارة كانت مختصة بالنظر في إصدار قرارات الخاصة بالمنشآت، وفي هذه المرحلة لم يكن هناك أي جهة قضائية لها صلاحية مراقبة عمل الشركات بشكل عام.
ثم ظهرت دعوى الإلغاء في شكل دعوى إدارية شبه قضائية، وذلك بعد صدور الدستور الفرنسي لعام 1800، الذي نص على إنشاء مجلس الدولة الفرنسي كهيئة إدارية وقانونية وقضائية واستشارية ومساعدة رئيس الدولة، حيث كان من بين اختصاصاته النظر في التظلمات المتعلقة بإلغاء القرارات غير القانونية للمنشآت. وكانت قرارات مجلس الدولة مجرد توصيات اكتسبت قيمة قانونية بعد موافقة رئيس الدولة.
ثم شهدت قضية البطلان تطوراً آخر بعد صدور مرسوم 2 نوفمبر 1864 القاضي بإعفاء القضية من الرسوم القضائية وضرورة رفعها أمام محامٍ؛ ممّا أدى إلى زيادة عدد المحامين في قضايا الإلغاء من جهة وتوسيع مجلس الدولة في قبولها من جهة أخرى، وقد أدى هذا التطور في هذه المرحلة إلى ظهور خلل جديد في إلغاء القرار الذي يصدر عن الإدارة، فيما يخص منشآت الأعمال والمنشآت التجارية، وهو عيب مخالفة القانون.
وبإصدار قانون 24 مايو 1872 المتعلق بمجلس الدولة الفرنسي، والذي أعطى هذا المجلس طابعًا قضائيًا سياديًا مستقلًا عن السلطة التنفيذية، نظر مجلس الدولة الفرنسي في قضية الإلغاء بشكل مستقل وقرر إلغاء القرارات الإدارية غير القانونية تطبيقاً لنص المادة 9 من هذا القانون، التي أعيدت صياغتها بنص المادة 32 من القانون الصادر في 31 يوليو 1945 بشأن تنظيم مجلس الدولة.