مبدأ التكامل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية

اقرأ في هذا المقال


مبدأ التكامل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية:

يسعى مبدأ التكامل جاهداً إلى وضع حد لإفلات مفتعلي الجرائم الدولية المعنية في المادة الخامسة من نظام روما الأساسي من الجزاء والمقاضاة، والتي أطلق عليها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية بأنها أشرس الجرائم الدولية فظاعة على استقرار وطمأنينة المجتمع الدولي. وعلى الرغم من وجود هذا المبدأ ضمن خطة النظام الأساسي وبعض من مواده، إلا أن هناك مواد أخرى تؤكد على ظاهريته من خلال تمتع المحكمة الجنائية الدولية بسلطة الرقابة على المحاكم الجنائية الوطنية وبالتالي التفوق عليها.

وتتمحور الجرائم الخاصة للمحكمة الجنائية الدولية في جريمة الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب وجريمة العدوان، بالإضافة إلى أن هذه الجرائم تدخل في اختصاص القضاء الجنائي الوطني، غير أنه في حال ثبت عدم قدرة القضاء الوطني على مقاضاة مفتعلي هذه الجرائم؛ بسبب عدم اختصاصه أو فشله في ذلك، لسقوط نظامه القضائي أو نظامه الإداري، أو بسبب عدم إظهار الجدية في تسليم المدانين للمحاكمة، حيث ينتقل وقتها الاختصاص للمحكمة الجنائية الدولية التي تترأس مجازاة مفتعلي هذه الجرائم تطبيقاً لمبدأ التكامل.

ويعود اختصاص المحكمة الجنائية الدولية اعتماداً إلى مبدأ التكامل، وذلك بهدف إبراز جوهر هذا المبدأ، بداية من تحديد تعريفه، والدلائل التي دعت إلى كتابة هذا المبدأ. ومبدأ التكامل له أهمية عظيمة، حيث يلعب دوراً واضحاً في حظر الجريمة الدولية، ومحاولة منع وقوعها بأي شكل من الأشكال، بالإضافة الى أنه يوضح الحدود الحائلة بين ما يدخل في مهمة القضاء الجنائي الوطني، وما يدخل في مهمة القضاء الجنائي الدولي ممثلاً بالمحكمة الجنائية الدولية، حيث مبدأ التكامل يخصص العلاقة بين القضاء الوطني والقضاء الدولي الجنائي بجميع أشكالها.

وتأسست المحكمة الجنائية الدولية لغاية وضع حدود لهروب مفتعلي أكثر الجرائم خطورة ومساساً بالإنسانية؛ أي أن الغاية الأساسية من وجودها هو حماية كافة الحقوق و الحريات الأساسية للإنسان، حيث يحدد اختصاص المحكمة في الجرائم المنصوص عليها ضمن المادة الخامسة من نظام روما الأساسي، ولا ينعقد لها هذا الاختصاص إلا بصفة تكميلية لتجنب المساس بالسيادة الوطنية، فالأولوية هي للقضاء الجنائي الوطني (الداخلي للدولة)، ومبدأ التكامل يعتبر من أهم الأركان الأساسية التي قام عليها نظام روما وذلك تحقيقاً للعدالة الجنائية الدولية.

وتقوم المحكمة الجنائية الدولية على مبدأ التكامل، حيث أن المحكمة الجنائية الدولية لا يمكنها المحاكمة إلا باستثناء الجرائم الدولية الأساسية والمعاقبة عليها، عندما تكون هيئات القضاء الوطني غير قادر على المحاكمة أو غير راغبة رغبة حقيقية في ذلك. ويعكس المبدأ تفضيل التحقيق في تلك الجرائم والمحاكمة عليها في البلد الذي ارتكبت فيه. وقد صيغ ذلك المبدأ باعتباره أحد مبادئ قبول الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية.

تعريف مبدأ التكامل:

يعرف مبدأ التكامل، الأساس في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وعلى أساسه فإن أولوية الاختصاص في معاقبة مفتعلي أشد الجرائم الدولية خطورة على المجتمع الدولي مثل جريمة الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب وجريمة العدوان، تكون للقضاء الوطني، غير أنه اذا توقف هذا القضاء عن ممارسة ولايته الجنائية لأي سبب كان، أو لعدم رغبته في مباشرة مهامه، فإن الاختصاص ينعقد وقتها للمحكمة الجنائية الدولية بوصفها قضاءً شاملاً للقضاء الدولي.

ويعتبر مبدأ الاختصاص العالمي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية بحكم الملاذ الأخير الذي حثّ عليه العديد من التشريعات الجنائية الوطنية، عندما يتعذر المحاكمة على الجرائم الدولية الأساسية اعتماداً على مبدأ الإقليمية (في الدولة التي ارتكبت فيها الجرائم)، أو الجنسية الإيجابية (في البلد التي ينتمي إليها المتهم بافتعال الجريمة) أو الجنسية السلبية (في البلد التي ينتمي إليها المجني عليه).

والبلدان الإقليمية عادة ما تتأثر تأثراً شديداً بالجرائم الدولية الأساسية التي ترتكب عن طريق حدوث النزاع الدولي، أو أي هجوم يُوجَه نحو السكان المدنيين، بحيث إن العلاقة بين مبادئ التكامل والاختصاص العالمي علاقة طردية، حيث تُقيم أغلب الضحايا في هذه الدول. وهناك يوجد الكثير من الممتلكات التي أصيبت بالتدمير الكامل أو للنهب، كما تشهد الدول الإقليمية انتهاكات خطيرة جداً للنظام العام والأمن الدولي. وتوجد في أراضيها الكثير من الأدلة على الجرائم المزعوم ارتكابها. وبالتالي، هناك سياسة واضحة وأسباب عملية تدعو الدول إلى إعطاء الأولوية للاختصاص الإقليمي.


شارك المقالة: