متطلبات إصلاح القضاء الإداري

اقرأ في هذا المقال


متطلبات إصلاح القضاء الإداري

شكّل الدستور الجديد نقطة تحول حاسمة في تاريخ القضاء وخاصة في القضاء الإداري في بعض الدول مثل تونس، حيث استمر في مبدأ استقلال القضاء من خلال الإصلاحات الهيكلية والوظيفية لمجلس القضاء الأعلى، وهو أحد أهم الحقوق الثورية. وبما أن مجلس القضاء الخاص بالمجلس الأعلى للقضاء الذي سيتم إنشاؤه بموجب النظام الأساسي هو أهم ركائز استقلال القضاء، فهو ضمان تطوير وإصلاح النظام القضائي وإصلاح القضاء وضمان استقلاليته، حيث يكون للنظام القضائي شرطان أساسيان وهما.

  • يكون الضمان ذلك في بلد يحترم سيادة القانون.
  • يكون البلد ديمقراطية.

بالنظر إلى الدور المحدد للقضاء الإداري في الإشراف على شرعية الإجراءات الإدارية وحماية الحقوق والحريات الفردية، واعتماد مبدأ الفصل بين السلطات على النحو المطلوب في الفصل 116 من الدستور، فإن موضوع إصلاح وتطوير القضاء الإداري يجب أن يكون في غاية الأهمية، خاصة بالنظر إلى العدد المتزايد للقضايا والضعف البشري، بما في ذلك الحاجة إلى إيجاد آليات للتعامل مع هذه الصعوبات. ولهذه الغاية لا بد من إيجاد استراتيجية لتطوير وتحديث نظام القضاء الإداري بعد إنشاء المجلس الأعلى للقضاء لمواكبة المتغيرات الجديدة ومعالجة الانتهاكات القائمة.

وضمانات إمكانيات تحقيق متطلبات إصلاح القضاء الإداري تكون على الشكل التالي:

  • تحسين الهيكل التشريعي للجهاز الإداري والجهاز القضائي.
  • تهيئة البنية التحتية وتوفير الاحتياجات المادية والبشرية اللازمة للقضاء الإداري. وأيضا من خلال الإشراف على المسار الوظيفي للقضاة.
  • التدريب المستمر والمؤهلات وتنمية القدرات البشرية.

تحسين الهيكل التشريعي للجهازين الإداري والقضائي يلعب مجلس القضاء الأعلى قوة مقترحة مهمة في تطوير القانون الإداري والنظام القضائي ويحتاج إلى صياغة سياسة شاملة لتطوير الشؤون القضائية وصياغة جدول زمني محدد، مثل دراسة مشاريع القوانين ذات الصلة بالقضاء الإداري. وفي هذا الإطار، يجوز للمجلس تشكيل لجان في هذا الصدد، ربما ضمن النظام الداخلي للمجلس. وفي هذا السياق، لا بد من تطوير تنظيم القضاء الإداري من خلال مراجعة قانون المحاكم الإدارية وأنظمة القضاة الإداريين وكل ما يتعلق بالهيئة التحكيمية الإدارية، بما يتوافق مع دستور بعض الدول مثل الجمهورية التونسية الجديد الذي يعيد هيكلة القضاء الإداري.

يعتمد إنشاء قضاء إداري فعّال متخصص في الفصل في المنازعات الإدارية على إنشاء محكمة إدارية عليا تتمتع بالاكتفاء الذاتي بموجب الدستور الجديد. وستتجاوز المحكمة التسلسل الهرمي للعدالة الإدارية، وتشرف على تطبيق القوانين في المحاكم الدنيا، وتوحد فقه القضاء الإداري. وفي المقابل، من الضروري صياغة قانون إجرائي للعدالة الإدارية يناسب خصوصية العدالة الإدارية من أجل تعويض النواقص التي تظهر في الممارسة القضائية وخاصة مشكلة فترات المحاكمة الطويلة.

أما النظام الأساسي للقضاة الإداريين، فيتطلب مراجعة معمقة لتحقيق الوسائل اللازمة من أجل ضمان تطبيق مبادئ تكافؤ الفرص والشفافية والكفاءة والحياد المنصوص عليها في النظام الأساسي لمجلس القضاء الأعلى. ومن بين المواد التي لا تزال قيد المراجعة في تطبيق إصلاحيات القانون الإداري، حيث سيتم استبدال المواد المتعلقة بتأسيس أول رئيس للمحكمة الإدارية بمؤسسة رئيس المحكمة الإدارية العليا وفقًا للدستور، حيث يُعيَّن رئيس المحكمة الإدارية العليا قاضيًا أعلى بمرسوم رئاسي بالتشاور مع رئيس الوزراء على أساس الترشيح الحصري من مجلس القضاء الأعلى، وفقًا لما يقتضيه الفصل 106 من الدستور.

كما أنه يميل إلى تقييد الصلاحيات الواسعة للرئيس الأول بموجب القانون الحالي، وإسناد الولاية القضائية على مسائل الوقف إلى رؤساء الإدارات الشعبية، وفي بند التشاور إلى رؤساء الإدارات الاستشارية. وكما يمكن النظر في إضفاء الطابع الديمقراطي على إدارة المحكمة من خلال إسنادها إلى هيئة جماعية. واعداد البنية التحتية وتحسين ظروف العمل الإداري للقضاء الإداري إن إصلاحات العدالة الإدارية مدفوعة بشكل حتمي بتوفير الموارد البشرية والمادية اللازمة، حيث يمكن أن تؤثر ظروف العمل المتدهورة سلبًا على الربحية والإنتاجية، والعكس صحيح.

تم اللجوء الى المحكمة الإدارية في السنوات الأخيرة كثيرا، حيث شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في عدد القضايا المعروضة عليها مقابل تدهور ظروف العمل فيها من ضغط وتكديس للقضايا المرفوعة لدى المحكمة الخاصة بالشؤون الإدارية. وكل هذه العوامل تؤدي في الواقع إلى تأخير سحب القضايا خاصة في المرحلة الأولية مما سيؤثر سلبا على مصالح الأطراف المتنازع عليها، مما يؤدي إلى انخفاض الربحية الإدارية القضائية داخل المحكمة الإدارية.


شارك المقالة: