عندما أقلع الأخوان رايت في رحلتهما الأولى في 17 ديسمبر 1903 بطائرة تعمل بمحرك واحد، فتحوا حدودًا جديدة تمامًا للتحليق والطيران، واستغرق الأمر ما يقرب من نصف قرن حتى يتم تشغيل الطائرات النفاثة الناجحة، وقد قاد المهندسون الألمان الطريق في هذه الجبهة، وكانت الطائرات التي تعمل بالمحرك النفاث هي إحدى الأشياء القليلة الجيدة التي خرجت من الحرب العالمية الثانية، وأبرزها: طائرة ميسرشميت مي 262 وهنكل هو 162 وأرادو Ar 234 وفوك وولف تا 183 وجونكرز جو 287. وهورتن هو 229.
أبرز الطائرات والتصميمات التي تعمل بالطاقة النفاثة
مع سباق الطيران في ما قبل الحرب العالمية الثانية، تم تكليف المهندسين من جميع أنحاء العالم بمهمة هائلة لتطوير أفضل الطائرات، بينما شهدت الحرب العالمية الأولى استخدام الطائرات للبحث والاستطلاع وجمع المعلومات، وكان ذلك خلال العصر الذهبي للطيران عندما أحدث الابتكار والإبداع والهندسة الممتازة ثورة في الحرب الجوية وغيرت الحرب إلى الأبد.
طائرة ميسرشميت مي 262
لها محركان نفاثان (Juno 004B)، والسرعة القصوى: 540 ميلا في الساعة، أما المدى: 650 ميلا، تميزت بتصميمها المجنح، الذي صعد إلى سجلات تاريخ الطيران كأول محرك نفاث يتم إطلاقه في القتال، ونظرًا لكونها أسرع 100 ميل في الساعة على الأقل من المقاتلة الأولى في العصر، موستانج (بي-51) في أمريكا الشمالية، فإن (مي-262) قد تحولت بشكل أساسي إلى القتال الجوي مع قدراتها التي لا مثيل لها في القصف، وكانت هذه الطائرة قوة لا يستهان بها.
وفي الهواء، تمكن طيارها من استخدام مناورات فعالة وأدوات تحكم خفيفة بأقصى سرعة وطيران متناسق تمامًا، كما كانت قادرة على الحفاظ على سرعتها عند المنعطفات الضيقة، والتي كانت ميزة كبيرة في المعارك الجوية، ومع ذلك فقد حُرِق وقود الطائرات بسرعة، تاركًا وراءها دخان العادم، وهذا يجعلها عرضة لقوات الحلفاء التي ستتبع المسار ثم تهاجم أثناء هبوط الطائرة.
في عام 1945 تم الاستيلاء على الطائرة من قبل القوات الجوية الأمريكية، واستخدم المصممون الأمريكيون والبريطانيون بعض ميزات تصميمها، بما في ذلك الجناح الممسوح وفتحات الجناح وتسليح المدفع الثقيل المثبت على المقدمة في نماذج الطائرات اللاحقة.
طائرة هنكل هو 1623
كان لها محرك أحادي التدفق المحوري (BMW 003)، السرعة القصوى له: 490 ميلا في الساعة، والمدى: 606 ميلا، وعلى الرغم من أن الحرب قد تم شنها بالفعل لمدة خمس سنوات، قامت (Luftwaffe) الألمانية، بطرح مسابقة ببرنامج (Emergency Fighter) لتصميم وإنتاج مقاتلة ذات مقعد واحد، مصنوعة من مواد غير استراتيجية، ويمكن تجميعها باستخدام عمال غير مهرة.
استغرق الأمر ثلاثة أشهر فقط لبدء الإنتاج على نطاق واسع لهذه الطائرة المقاتلة، وصُنعت في الغالب من الخشب وتضمنت معدات هبوط دراجة ثلاثية العجلات غير معقدة، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تشغيل مثل هذه التروس.
وبسبب نقص القوى العاملة، كان من المتصور أنه مع القليل من التدريب، سيكون الطيارون المبتدئون قادرين على قيادة هذه الطائرة المقاتلة للقتال الجوي واعتراض التهديدات الجوية الواردة، ومع ذلك سرعان ما ثبت أن هذه الطائرة تحتاج إلى معالجة دقيقة من قبل الطيارين ذوي الخبرة.
وكانت الطائرة أحادية السطح عالية الأجنحة مع أطرافها المعلقة إلى أسفل لتحسين الاستقرار الجانبي، وهي أول مقاتلة نفاثة عاملة تتميز بمقعد، وعلى الرغم من ميزات التصميم المبتكرة، عانت بسبب موادها التي تسببت في عدم استقرار الطائرة، والحوادث الناجمة عن طياريها عديمي الخبرة.
وتم تسجيل انتصار قتالي واحد فقط في 4 مايو 1945 عندما أسقطت طائرة بريطانية من طراز هوكر تايفون، ومع بعض التحسينات في التصميم والوظائف، كانت الأجنحة المميزة التي تدور لأسفل، وتظهر السجلات أنه على الرغم من إنتاج 320 من هذه الطائرات، تم تسليم 116 فقط منها، قبل أن يتم الاستيلاء على جميع المصانع من قبل قوات الحلفاء، ودخلت في كتب التاريخ كواحدة من أسوأ الطائرات المقاتلة في الحرب العالمية الثانية.
طائرة أرادو Ar 234
لها محرك تحت كل جناح، والسرعة القصوى: 480 ميلا في الساعة، أما المدى: 1240 ميلا، وحازت الطائرة على شرف كونها أول قاذفة تعمل بالطاقة النفاثة في العالم وتُستخدم في القتال، وكان هذا الطراز، بمقدمة زجاجية مستديرة وتعمل جيدًا في جميع السرعات.
وفي أول ابتكار ألماني آخر، تم إرفاق آلية المظلة المزلقية بالجزء الخلفي منها لمساعدتها على الهبوط وتوفير الاستقرار، وأعطى الاستيلاء على الطائرة السليمة تقريبًا لقوات الحلفاء فرصة لدراسة نقاط قوتها وضعفها، وتم استخدام بعض الميزات الديناميكية الهوائية في المقاتلات الأمريكية النفاثة ذات المحرك الواحد في وقت مبكر.
كما استولى الاتحاد السوفيتي أيضًا على والتر بلوم، مصمم الطائرة هذه والطيار المقاتل في الحرب العالمية الأولى، للمساعدة في تطوير طائراتهم العسكرية، وعلى الرغم من أن السجلات تشير إلى أن الطائرة تم بناؤها، لكن لم يتم نشر الكثير منها بشكل نشط بسبب نقص الموارد الذي عانت منه ألمانيا.
طائرة فوك وولف تا 183
لها محرك نفاث واحد، والسرعة القصوى: 597 ميلا في الساعة، أما المدى: 615 ميلا، وقدم خيار التصميم الخامس تقنية رائدة لهذه المقاتلة على ارتفاعات عالية، حيث صُممت أجنحتها الرقيقة ذات الارتداد بزاوية 40 درجة لتقليل الاضطراب عن طريق إبطاء الهواء، وبالتالي خلق المزيد من الاستقرار الجانبي.
توفر قمرة القيادة المضغوطة الموضوعة في المنتصف، مع مظلة رؤية ممتازة من جميع النواحي للطيار، حيث أعطى جهاز الهبوط للهيكل السفلي للدراجة ثلاثية العجلات للطيار رؤية أفضل للميدان والأهداف، ومن خلال تقليل التعرض للرياح المستعرضة، أدى أيضًا إلى تحسين الديناميكا الهوائية.
طائرة جونكرز جو 287
لها أربعة محركات، والسرعة القصوى: 347 ميلا في الساعة، أما المدى: 963 ميلا، وبحلول عام 1943، عندما اقترح مهندس الطيران هانز ووك الاستخدام التجريبي للأجنحة الأمامية لمقاتلة تعمل بالطاقة النفاثة، وكانت المواد ومكونات تصنيع الطائرات نادرة، ويعتبر بناءها المصنوع عن طريق انتشال أجزاء من الطائرات التالفة، مثالًا غير عادي إلى حد ما لتقليل المواد وإعادة استخدامها.
وبدأ التطوير في البداية كاختبار حيث كان تصميمها غير عادي للغاية، وكانت معدات هبوطها من مقاتلة أمريكية ثقيلة، والعجلات الرئيسية من ناقلة يونكرز، بالإضافة لمجموعة من مقاتلات يونكرز الثقيلة، وجسم الطائرة من قاذفة ثقيلة من طراز هينكل، وكانت أجنحتها المذهلة للأمام هي الجزء الوحيد من القاذفة السريعة التي لم تكن مصنوعة من مواد مستخدمة سابقًا.
طائرة هورتن هو 229
لها محركان اثنان، والسرعة القصوى: 607 ميلا في الساعة، أما المدى: 1181 ميلا، وهي من الطائرات المقاتلة الأكثر غرابة التي تم اختبارها خلال الحرب العالمية الثانية، والأكثر إثارة في هذه الطائرة السرية هو أنها كانت أول قاذفة شبحية في العالم.
أدرك الأخوان هورتن وريمار المصممين الموهوبين ووالتر، الطيار المقاتل ذو الخبرة، أن تأثير السحب الناجم عن السمات الرأسية على الطائرة من شأنه أن يقلل من سرعة الطائرة، ولمعالجة هذا الأمر، درسوا قدرات تصميمات الأجنحة الطائرة باستخدام مبادئ الديناميكية الهوائية للطائرات الشراعية.
ولها جناحان اللذان يبلغ طولهما 50 قدمًا إلى الخلف بزاوية 32 درجة ولا يوجد ذيل، ونصت وزارة الطيران الألمانية على أنه يتم إنتاج الطائرة كقاذفة جوية للأهداف الأرضية، وأقلعت هورتن في رحلتها الأولى في 1 مارس 1944، وكان الهدف تصميم الطائرة لتكون قادرة على حمل 1000 كيلوجرام من القنابل لأكثر من 1000 كيلومتر وأنتحلق بسرعة 1000 كيلومتر في الساعة.