في ضوء المعلومات المتوافرة حالياً قد لا يستطيع أن يحدد بالضبط متى وأين تم بناء أول مسجد ذي قبيات في ليبيا، إن هذا النوع منتشر في كافة أرجاء البلاد، وقد يخطر على البال أنه برز إلى حين الوجود وفقاً للتطور المنطقي التلقائي.
خصائص أول مسجد ذي قبيات في ليبيا
إن واحداً من أقدم المساجد الموجودة هو جامع عبد الله بن أبي سرح في واحة أوجلة، ويرتكز اعتقادنا هذا على الاعتبارات التالية:
قبل الفتح العربي جرى تنصير سائر سكان شمال إفريقيا تقريباً، ومن المعروف عنهم أنهم كانوا ميالين إلى بناء الأنصاب والعمارات التذكارية إحياء وتخليداً لشهدائهم، حتى أن انحراف هذه الظاهرة قد أثار آنئذ سخط سلطات الكنيسة.
ومنذ البداية عمل الإسلام على قمع هذه الميول المتمكنة في سكان شمال إفريقيا، وقد اشتد هذا القمع وازداد صرامة في القرن الثامن عندما انتصر الخوارج، ولكن فيما بعد إبان حكم المرابطين الموحدين تجددت هذه الميول مع ظهور المرابطية أي ظاهرة إقامة الأضرحة وظلت قائمة إلى الأبد.
وتوجد في واحة اوجلة مجموعتان من المباني الدينية (أضرحة ومساجد ذات قبيبات جرى تشييدهما في فترتين تفصل بينهما بضعة قرون، أما بالنسبة إلى المجموعة الثانية فنعلم بالضبط أنها ظهرت إلى الوجود في القرن الماضي حينما انتشرت في ليبيا الطريقة السنوسية التي أسسها في مكة المكرمة العالم الجزائري السيد محمد بن علي السنوسي سنة 1837 ميلادي، والتي لها في أوجلة والواحات المجاورة بعض المراكز النشيطة جداً.
خصائص المسجد الليبي الأول
فيما بتعلق بمسجد عبدالله بن أبي سرح قد بلغت الرمال السطح إلى مستوى منابت القبيات، حتى أنه يبدو لنا اليوم كأنه مشيد تحت الأرض، إن وجود رفات عبدالله بن أبي سرح في أوجلة حقيقاً كان أو مفترضاً قد أبقى احترام شخصيته موقع دفنه حياً في الأذهان عبر القرون، وإن إقامة أقدم مجموعة من المساجد والأضرحة قد يجوز أنها جاءت تجسيماً لاستجابة السكان المحليين إلى موجة الصوفية تماماً مثلما كانت المجموعة الثانية من المباني تجسيداً لاستجابتهم إلى الدعوة السنوسية.