اتصالات التلغراف

اقرأ في هذا المقال


كانت المطبعة بمثابة الابتكار الكبير في مجال الاتصالات حتى تم تطوير التلغراف، كما بقيت الطباعة هي التنسيق الرئيسي للرسائل الجماعية لسنوات بعد ذلك، لكن التلغراف سمح بالاتصال الفوري عبر مسافات شاسعة لأول مرة في تاريخ البشرية، وتلاشى استخدام التلغراف لأنّ الراديو أصبح سهل الاستخدام وشائعاً.

ما هي اتصالات التلغراف؟

اتصالات التلغراف “Telegraph”: هو جهاز أو نظام يسمح بنقل المعلومات عن طريق إشارة مشفرة عبر مسافة، وتم استخدام العديد من أنظمة التلغراف على مر القرون ولكن المصطلح غالباً ما يُفهم على أنّه يشير إلى التلغراف الكهربائي، والذي تم تطويره في منتصف القرن التاسع عشر ولأكثر من 100 عام كان الوسيلة الرئيسية لنقل المعلومات المطبوعة عن طريق الأسلاك أو موجة الراديو.

أثناء تطوير الراديو وسرعان ما أصبح الهاتف أسرع وسيلة للتواصل بين شخص وآخر وبعد أن تم إتقان التلفاز وتطور محتواه بشكل جيد، أصبح الشكل المهيمن لتكنولوجيا الاتصال الجماهيري، وجاء الإنترنت بعد ذلك وتم إدخال الصحف والراديو والهواتف والتلفاز في وسيلة المعلومات البعيدة المدى هذه.

تم الانتهاء من أول نظام تلغراف في الولايات المتحدة في عام 1844م، واستخدم التلغراف في الأصل كوسيلة لإدارة حركة السكك الحديدية، وسرعان ما أصبح التلغراف وسيلة أساسية لنقل الأخبار في جميع أنحاء العالم.

أساسيات التلغراف:

تم تشكيل العديد من شركات التلغراف في السنوات الأولى من العمل، ولكن بحلول عام 1856م أصبحت شركة ويسترن يونيون تلغراف أول نظام تلغراف وطني مهيمن، وفي عام 1861م أكملت أول خط عابر للقارات لربط سان فرانسيسكو أولاً بالغرب الأوسط ثم بالساحل الشرقي.

ومع تزايد الاهتمام العالمي بتطبيقات التلغراف تم تشكيل الاتحاد الدولي في عام 1865 لوضع معايير للاستعمال في الاتصالات الدولية، وفي عام 1866م تم الانتهاء من أول كابلات عبر المحيط الأطلسي، كما انتهى عصر التلغراف بعد الحرب العالمية الثانية مع ظهور تقنيات الإرسال عالية السرعة التي لا تستخدم أسلاك التلغراف والهاتف.

أنظمة التلغراف الكهربائية:

بدأ استعمال التلغراف في نهاية القرن الثامن عشر للدلالة نظام إشارة ضوئية تم تطويره في فرنسا، ومع ذلك تم استعمال الكثير من أنواع الاتصالات البرقية منذ ما قبل التاريخ المسجل، واستعملت أقدم وسائل الاتصال عن بعد وسائل مثل الدخان والنار “Fire” والطبول وأشعة الشمس المنعكسة.

تم استعمال الإشارات المرئية التي قدمتها الأعلام والشركات للاتصالات قصيرة المدى واستمر استعمالها بشكل جيد في القرن العشرين، وعندما تم استعمال نظام السيمافور ذي العلمين “The two flags semaphore” على نطاق واسع خاصةً من قبل القوات البحرية العالمية، وقبل تطوير التلغراف الكهربائي تم استعمال الأنظمة المرئية لنقل الرسائل عبر المسافات عن طريق شاشات العرض المتنوعة.

واحدة من أكثر التلغراف المرئي نجاحاً كانت الإشارة التي تم تطويرها في فرنسا من قبل الأخوين تشاب كلود وإيجناس في عام 1791م، ويتكون هذا النظام من أزواج من الأذرع المتغيرة المثبتة في نهايات عارضة وقتية على أبراج قمة التل، ويمكن أن يُعد كل ذراع من السيمافور سبعة مواضع زاوية “45 درجة” على حدة ويمكن للشعاع الأفقي أن يميل “45 درجة” في اتجاه عقارب الساعة أو عكس اتجاه عقارب الساعة.

وبهذه الوسيلة كان من الممكن ترجمة الأرقام والحروف الأبجدية، كما تم بناء سلاسل هذه الأبراج للسماح بالإرسال عبر مسافات طويلة، وتم تباعد الأبراج على فترات من “5 كيلومترات” إلى “10 كيلومترات” أي “3 أميال” إلى “6 أميال”، ويمكن تحقيق معدل إشارة يبلغ ثلاثة رموز في الدقيقة.

آلية عمل التلغراف في الاتصالات:

يشتغل التلغراف من خلال إرسال إشارات كهربائية عبر الأسلاك، ويتضمن التلغراف على جهاز إرسال وجهاز استقبال وجهاز الإرسال هو مفتاح التلغراف أو الإرسال، وتصل الأسلاك بين المرسل والمستقبل، حيث تُعد هذه الأسلاك دائرة متسلسلة ويتم إتاحة التيار الكهربائي من خلال بطارية، ويقوم المقبض المتوفر على مفتاح التلغراف كمفتاح.

عندما يتم النقر على المفتاح لأسفل فإنّه يرتبط بالقاعدة ويغلق الدائرة، كما يمكن أن يتدفق التيار الكهربائي بعد ذلك إلى جهاز الاستلام، وعندما يتم تحرير المقبض فإنّه يفتح المفتاح والدائرة، وعندما بدأ بيل بتجربة الإشارات الكهربائية وكان التلغراف وسيلة اتصال ثابتة منذ حوالي “30 عاماً”، وعلى الرغم من أنّ نظام التلغراف ناجح للغاية، إلّا أنّ التلغراف برمز مورس النقطي والاندفاعي كان محدوداً بشكل أساسي على تلقي وإرسال رسالة واحدة في كل مرة.

كما عملت معرفة بيل الواسعة بطبيعة الصوت وفهمه للموسيقى على تحديد إمكانية إرسال رسائل متعددة عبر نفس السلك في نفس الوقت، وعلى الرغم من أنّ فكرة التلغراف المتعدد كانت موجودة لبعض الوقت قدم بيل مقاربته الموسيقية أو التوافقية كحل عملي محتمل

واعتمد “التلغراف التوافقي” على قاعدة أنّه يمكن إرسال العديد من الحاشيات في وقت واحد على طول السلك نفسه إذا تنوعت النغمات أو الإشارات في درجة الصوت، كما يحتوي جهاز الاستقبال على مغناطيس كهربائي، وعندما يستلم المغناطيس الكهربائي نبضاً من الكهرباء فإنّه يحرك عضواً موصولاً بأسطوانة حبر، وتحدد بكرة الحبر شريطًا من الورق.

عندما تم ظهور التلغراف سبب ثورة في الاتصال، ولأول مرة يمكن للأشخاص من جميع أنحاء العالم التواصل بشكل مباشر تقريباً، فمثلاً جميع أنحاء كندا كانت خطوط التلغراف موحدة على طول خطوط السكك الحديدية، وهذا يعني أنّ سكة حديد المحيط الهادئ الكندية توفر نظام تلغراف، وعمل نظام التلغراف هذا في توحيد البلاد وكذلك وفر للأشخاص البقاء على اتصال طوال الوقت.

كان التلغراف البصري مهماً في التطبيقات العسكرية لكن بقية المجتمع لم يتأثر كثيراً بهذا الابتكار، ومن ناحية أخرى كان للتلغراف الكهربائي تأثير كبير على جميع أجزاء المجتمع، وفي الأعمال التجارية وتوزيع الأخبار والمراسلات الخاصة، كما تم توفير أساس هذا الاختراع من خلال اكتشاف الدنماركي “H C Örsted” للكهرومغناطيسية في عام 1820م، ثم حدث التقدم في هذا المجال بسرعة.

وفي عام 1832م جاء دبلوماسي روسي يُدعى شيلينغ فون كانشتادت بفكرة استخدام تيار كهربائي تنتجه إبرة ممغنطة، وبعد خمس سنوات قام بريطانيان “كوك وويتستون” باستخدام تجارب “Cannstedt” كنقطة انطلاق ببناء برقية كهربائية عاملة، وفي نفس الوقت تقريباً قدم الأمريكي صموئيل مورس تلغرافاً أكثر تعقيداً، حيث سجل مغناطيس كهربائي نبضات تيار على شريط من الورق.

اعتمد التسجيل على الأبجدية التي أنشأها مورس والتي تتكون من مجموعات مختلفة من النبضات القصيرة والطويلة، كما تم تشكيل الحروف عن طريق تشغيل وإيقاف التيار الكهربائي باستعمال ما يطلق عليه مفتاح التلغراف، وباستخدام سلك معدني يمكن إرسال رسائل مورس عبر مسافات طويلة في لحظة.

على الرغم من استمرار بريطانيا العظمى والولايات المتحدة في قيادة تطوير التلغراف الكهربائي لبقية القرن إلّا أنّ الاهتمام بالاختراع كان كبيراً في جميع أنحاء العالم الغربي بأكمله، وسرعان ما أصبحت أعمدة التلغراف جزءاً طبيعياً من المناظر الطبيعية، وفي عام 1851م تم وضع كابل تحت الماء بين دوفر في بريطانيا العظمى وكاليه بفرنسا والذي يربط بين شبكات التلغراف في البلدين.

وفي السويد تم إدخال التلغراف الكهربائي في عام 1853م وبعد أربع سنوات وامتدت شبكة التلغراف من “Ystad” في الطرف الجنوبي إلى “Haparanda” في أقصى شمال السويد، وبحلول عام 1855م أقامت السويد اتصالاً بشبكة التلغراف الأوروبية عبر كابل عبر أوريسند.

المصدر: Introduction to Analog and Digital Communications/ Simon HaykinData Communication and Computer NetworkWIRELESS COMMUNICATIONS/ Andreas F. MolischTheory and Problems of Signals and Systems/ Hwei P. Hsu, Ph.D./ JOHN M. SENIOR Optical Fiber Communications Principles and Practice Third Edition


شارك المقالة: