يعرف التحصين على نطاق واسع بأنه وهران سوسة وصفاقس التي ترجع في بنائها إلى القرن الثالث الهجري، وذلك من حيث الأسس التي روعيت في إقامتها كالأسوار المشيدة من أحجار غير مشذبة أو سيئة التشذيب بكسوات من المداميك في زواياها وأحجار رملية منقوشة، وتكتنف الستارة أبراج مستطيلة، حيث إنها ترتد إلى الداخل بميل في حالات استثنائية، إلى جانب ممشى الدورية في سوسة الذي يحمله في بعض الأماكن رواق من عقود ممتدة وبعض الرباطات القديمة التي تشبه حصون البيزنطيين.
خصائص التحصين الإفريقي
تختلط بهذه التقاليد المحلية بعض المؤثرات الغربية وبخاصة في رباط سوسة والرباط عتيق الطراز في مدينة منستير، فحيرانها ذات الزوايا القائمة تكتنفها في الأركان، ويوجد في الوسط ومن كل جانب طواب بارزة تكاد تكون كلها نصف دائرية.
وفي الداخل فإن بعض الأبنية تكون مستندة على الأسوار الأربعة تاركة الصحن الواسع خالياً، إذ أن تأثير الحصون الأموية في الشام يستحق الذكر هنا، فهي نفسها مأخوذة عن حصون الرومانيين الصغيرة، ويدل الشكل الهرمي لبعض الأبراج وهو تقليد للمراحل الدنيا للمآذن التي ترجع إلى الزمن نفسه على التأثير المصري الواضح عليها.
وربما كان الطين المدكوك قد استخدم في بعض التحصينات التي تبنى على عجل، ومن الراجح أن يكون اللبن أو الآجر قد حل محل الأحجار في أسوار القيروان والعباسية والرقادة التي أقامتها الدولة، كما مهدت التقاليد القديمة لبلاد الصحراء الطريق لحلول مؤثرات مشرقية جديدة كانت قد وفدت من بلاد ما بين النهرين وبلاد فارسي.
التحصين في ظل الدولة الفاطمية والدولة الصنهاجية
استمر العمل في مختلف الأسوار في أشير وقلعة بني حماد المبينة بالدبش على أسلوب التحصين في العصر السابق مع الإقلال من المنشآت، حيث يندر في الجهات الجبلية ان نجد أبراجاً متاخمة، كما يقع قصر زيري في أشير داخل الحير، ذو الزوايا القائمة، والذي تتاخمه على مسافات منتظمة أبراج مستطيلة مع قيام صحن داخلي، كما وأدخلت مع ذلك بعض الخطط المبتكرة من ابتداع الفاطميين انفسهم، فالسور الخارجي للمهدية مبني بالدبش وتتاخمه أبراج قوية أحدها محلي بمحاريب عالية.