تأسيس الجامع الكبير في صنعاء:
يُعد الجامع الكبير بصنعاء من أقدم المساجد في اليمن، فهو من المساجد العتيقة التي بُنيت في زمن الرسول (عليه الصلاة والسلام)، إذ تجمع المصادر التاريخية على تأسيسه في حياة رسول الله (عليه الصلاة والسلام) حين بعث بالصحابي وبر بن يحنس الأنصاري والياً على صنعاء في عام 6 هجري، وأمره ببناء هذا المسجد، وقيل أن مؤسسه هو فروة بن مسك المرادي، ومهما اختلفت الرويات التاريخية حول شخيصة المؤسس فإن تأسيس هذا المسجد يرجع إلى فترة مبكرة ويسبق في تاريخه غيره من المساجد الأولى في كثير من بلاد العالم الإسلامي.
لقد كان من الطبيعي أن تكون عمارة هذا الجامع في بدايته بسيطة وتتمشى مع عمارة المساجد الأولى، وذلك من حيث المساحة المربعة الشكل (12 متراً)، ويوجد بها مدخل واحد، كما أنها مقسمة من الداخل إلى ثلاث ظلات بواسطة اثني عشر عموداً.
تعرض هذا الجامع إلى مراحل مستمرة من التجديد والتعمير خلال العصور الإسلامية المتلاحقة، على اعتبار أنه من أوائل المساجد التي أسست في اليمن في صدر الإسلام، من ذلك العمارة التي أجريت به في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، حيث شملت تعديلات كبيرة؛ فقد تم توسيع الجامع في الاتجاه الشمالي من ناحية قبلته الأولى إلى موضع قبلته اليوم، ويعتبر محرابه القديم في مقدمة المحاريب الأولى التي بنيت في صدر الإسلام.
التجديدات التي أجريت على الجامع خلال العصور الإسلامية:
من الإضافات والتجديدات التي حدثت بهذا الجامع ما تم في فترة عمر بن عبد المجيد بن عبد الرحمن، أول وال لبني العباس في صنعاء، حيث عمل على إقامة أبواب الجامع، كما نُقلت أحجار الأبواب من بعض المنشآت القديمة المجاورة للجامع، منها المدخل الذي يقع على يمين المحراب الذي نقل من أبواب قصر غمدان، وبه صفائح من الفولاذ متقنة الصنع، من ضمنها لوحان مكتوبان بخط المسند.
وقد تبع هذه الإضافة عمارة كبيرة أجريت عام 136 هجري يؤكدها نص هام على لوح حجري مثبت على جدار مكتبة الجامع جهة المئذنة الشرقية بالخط الكوفي، كما أجريت عمارة كبيرة أخرى بهذا الجامع في عام 265 هجري على يد الأمير محمد بن يعفر الحميري، من ضمنها عمارة السقوف الخشبية بالجامع والتي صنعت من خشب الساج والباقي منها أجزاء كثيرة.