وصف الخانقاوات في العصر المملوكي:
وهي بمعنى بيت الصوفية أي مكان أكل الملك، وقيل أن أول خانقاه بنيت كانت في حدود الأربعمائة للهجرة، وإن أول من اتخذها بيتاً للعبادة زيد بن صوحان بن حبرة في البصرة، حيث بنى مكاناً لعبادته في البصرة وجعل فيه أكلاً ومشرباً وملبساً، وقد ترجع الجذور إلى أهل الصفة الذين كانوا بلا مأوى، إلا صفة المسجد النووي، وهي مؤخرة المسجد؛ وهي القبلة التي كانت قبل أن تحول القبلة إلى مكة، حيث كانوا غرباء فقراء فكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يطعمهم مما يسره الله له، غير أن هؤلاء الصحابة لم يكن هدفهم التفرغ للعبادة فلا رهبانية في الإسلام.
والخانقاه أشبه ما تكون بمدرسة شعبية وليست علمية ومنهجية ويرتادها من نذر نفسه للزهد والذكر أو أهل الحرف والصناعات لقضاء أوقات فراغهم مع العباد ويعملون على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأسواق والطرق، وهم جماعات الإخوان، ومنهم من يتعاون في شؤون الخير والحياة كجماعة، وهكذا أصبح تخطيطها كتخطيط المدرسة وبنيانها، حيث يتوسطها صحن مركزي مكشوف تحيط به الأواوين، ثم الغرف مع وجود المصلى والضريح، مما أدى لاختلاط الأمر بينهما فسميت مدرسة بيبرس الجاشنكير التي أسسها عام 710 هجري بالخانقاه وبالمدرسة أيضاً.
خانقاه سلار وسنجر الجاولي:
أما عن مسجد ومدرسة سلار وسنجر الجاولي بالقاهرة بين ميدان السيدة والقلعة فتعتبر خانقاه، وهي مبنية على الصخر مباشرة ولها مدخل مرتفع وللخانقاه واجهة فريدة تعلوها قبتان متجاورتان إلى جانب المئذنة، والواجهة نفسها تحملها بروزات ودخولات رأسية تنتهي بشرفات مسننة.
أما مدخل الخانقاه فيظهر أسفل المئذنة في شكل قوس مدبب مرتفع يذكرنا بالطراز القوطي بمدخل مدرسة الناصر محمد المستوحى من عكا الفرنجية وقتها، والقبتان فوق الضريحين -ضريحي سلار وسنجر- مضلعتان وهما مبنيتان من الطوب المكسو في شكل عقد مدبب، كما أن المئذنة مبنية بالحجر، لها ذات ثلاث طبقات يفصل بينهما المقرنصات.
إلى جانب ذلك فإن الطبقة السفلى مربعة والوسطى مثمنة والعليا مستديرة، وبها فتحات تعلوها طاقية مضلعة وخلف الضريحين ممر مغطى بأقبية متقاطعة به فتحات مشبكة بزخارف تمثل النماذج النادرة لزخارف الحفر على الحجر في العصر المملوكي.