لعب الخط العربي دوراً هاماً في الآثار الإسلامية، فإلى جانب استخدامه في تسجيل النصوص القرآنية والتذكارية والجنائزية كان له دوراً زخرفياً مميزاً على المباني الإسلامية، إذ وجد الفنان في الخط العربي مجالاً خصباً ومتنفساً لانطلاق خياله الفني، والذي يبعده عن تمثيل الكائنات الحية ومضاهات خلق الله التي شاع كراهيتها، وقد ساعد ذلك طواعية وقابلية حروف الخط العربي للتشكيل والتوازن والتناغم الرائع مع السطوح التي تحتلها، إذ لم يلعب الخط دوراً في فنون الأمم الأخرى.
وصف الزخارف الكتابية في المساجد الهندية
من خلال استعراض الكتابات المدونة على مساجد الهند العائدة للعصر المغولي، كما لوحظ أن السيادة كانت لخط الثلث في التنفيذ، وهو أشهر أنواع الخط اللين، حيث امتاز بمرونته ومطاوعته لمسارات المواضع التي نفذ فيها على تلك المباني. ولقد تطور هذا عن الخط الكوفي منذ أواخر العهد الأموي على يد قطبة المحرر المتوفي سنة 154 هجري الذي ابتكر عدة أقلام كان من أشهرها قلم الجليل وقلم الطوبار.
ولقد وجد في بعض المساجد الهندية نماذج خط الثلث على طريقة ابن البواب وياقوت المستعصمي، حيث يمكننا ادراك ذلك من خلال ما امتازت به كل طريقة، فالأولى منها امتازت بغلظ حروفها المنتصبة في قسمها العلوي وتشعيرها في قسمها السفلي مع ميلها إلى القصر ووجود الترويس على هاماتها وتضخم بقية الحروف بصورة عامة، أضف إلى ذلك خاصية ملئ المساحات المخصصة له بحركات الاعجام والإضافات الزخرفية، كما أن أسلوب تركيب الكلمات يميل إلى التسلسل.
أما الطريقة الثانية والمعروفة بطريقة ابن المستعصمي فقد امتازت برشاقة الحروف وتراكيبها وابتعادها عن الغلظة، لاسيما المنتصبة منها مع إضافة زلف ذات شكل مثلث على هاماتها وقل التشعير في حرف الالف، حيث أصبح ذو نهاية مطلقة.
خصائص الزخرفة الكتابية في المساجد الهندية
لقد تمثلت طريقة ابن البواب بشكل واضح في المحراب الرئيس لمسجد عيسى خان، حيث يلاحظ في كتابات ذلك المحراب ضخامة الحروف مع وجود الترويس على هاماتها فضلاً عن تسلسل كلمات النص، إلا أن الملاحظ في ذلك الشريط هو عدم اعتماد التشعير في حرف الألف من لفظ الجلالة (الله) التي ابتدأ بها النص.