حرص الإنسان منذ أن كان يعيش في الكهوف في عصور ما قبل التاريخ على أن يزين جدران كهفه بالزخارف المختلفة، وقد ظل هذا الحرص ملازماً له عبر العصور التاريخية وإن اختلفت وسائل الزخرفة، ولم يقتصر استخدامه للجص فقط على الزخارف بل تعداه إلى استخدامه في تغطية الحجر غير المهذب الذي كان يبني به الدور والمنازل بطبقة من الجص تستر عيوبه وطلاء المنازل وزخرفتها بالجص.
ومما نشاهده في العمارة التقليدية في قطر وغيرها في منطقة الخليج العربي ليست وليدة اليوم بل أن تاريخها يعود إلى العصر الساساني وما قبله، حيث برع الساسانيون في طلاء جدران منازلهم بالجص، مما أتاح لهم أن ينقشوه بزخارف متنوعة يرجع بعضها إلى أصول محلية.
الحفر على الجص:
نظراً لسهولة الحفر على الجص استطاع البناء أن يزين حجرات القصور والبيوت والمجالس من الداخل وأحياناً أخرى من الخارج بحشوات جصية معمولة بطريقة القالب أو بطريقة الحفر مباشرة، وكما هو معروف فإن عملية الحفر تنقسم إلى نوعين غائر وبارز، فالغائر كان أعلى مستوياته هو سطح الوجه المنحوت فيه، وأحياناً يتم تفريخ الزخارف الغائرة فتصبح زخارف مفرغة.
أما البارز فينقسم إلى أقسام منها الحفر الخفيف والبروز الشديد والبروز والحفر المجسم، ولقد استخدم البناؤون كل تلك الأنواع في الماضي إلا أن السائد كان الحفر الغائر، ولقد ارتبطت الزخرفة الجصية بالعمارة حيث تزين بها المداخل والواجهات والأفاريز والعقود والشمسيات والتجويفات، كما دخل الحفر في زخرفة الأبواب الخشبية.
الزخرفة الهندسية على الجص:
استعمل الإنسان الزخارف الهندسية في جميع الحضارات منذ أقدم العصور، ولا شك أن اهتمام الإنسان بالزخارف الهندسية مرده إلى سببين، الأول نزوع فطري نحو التجريد والثاني التوجيه الذي تفرضه الحاجة والإرادة في أثناء عملية الإنتاج، ويمكننا القول أن نشأة الزخارف الهندسية لم تكن مسألة إرادية بقدر ما هي لا إرادية.
لم يترك المعمار في قطر ومنطقة الخليج العربي المباني التي شيدها دون الاعتناء بها، فزينها بزينة تتم عن ذوق سليم، كما اهتم بداخل البناء أكثر من اهتمامه بخارجه وانتقى الزخارف واهتم بنوعيتها فنرى غالبية الزخارف هندسية، ولقد كانت بيوت كل من مدينة الدوحة ومدينة الوكرة ومدينة الخور على وجه الخصوص تشتهر بالزخارف الجصية الهندسية.