كانت فرنسا مقسّمة في أوائل العصور الوسطى إلى عدة قطاعات متفرقة، حيث كانت في تلك الفترة في حالة من الفوضى المعمارية، حتى أوائل القرن الحادي عشر، حيث نشطت جماعة الرهبان وزاد نفوذها وأصبحت الأديرة مصدر الثقافة والعلوم، أما في منتصف القرن الثاني عشر بدأت بظهور أمثلة معمارية على جانب كبير من الأهمية المعمارية، وبالأخص في جنوب فرنسا، التي كانت واقعة تحت تأثير الطراز الروماني القديم.
يمكن ملاحظة أن الطراز البيزنطي والطراز العربي كان لهم تأثير كبير على هذا الطراز الرومانسكي الفرنسي، ذلك بسبب وجود علاقة واختلاط بين جنوب فرنسا والشرق عن طريق البندقية، أما بالنسبة للتأثير البيزنطي فكان عن طريق استعمال القباب المعلقة، والطراز العربي كان واضح في استعمال العقود.
العوامل المؤثرة على الطراز الرومانسك الفرنسي:
1- من الناحية الجغرافية
تتميز فرنسا بموقع ممتاز بالنسبة للقطاع الغربي من أوروبا، حيث تقع في الوسط بين الشمال والجنوب، كانت متصلة بطرق طبيعية داخلية تربط بها جهات متعددة، مثل الأنهار والطرق التي تربط المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط وبحر الشمال الإنجليزي، فالحضارة الرومانية دخلت إلى فرنسا عن طريق نهر الراين، أما حضارة الشرق اتخذت طريقها عن طريق البحر الأبيض المتوسط والجنوب فينسيا ومن شمال إفريقيا.
2- من الناحية الجيولوجية
كانت محاجر الأحجار متوفرة في فرنسا لدرجة أنه كان يصدر إلى إنجلترا لكثرته في البلاد، استعمل الحجر في البناء كمادة أساسية وجمالية، ونظراً لاختلاف درجات الحرارة بين الشمال إلى الجنوب، فأثر ذلك على فتحات الأبواب والشبابيك.
3- من الناحية الدينية والتاريخية
بدأت المسيحية في فرنسا عام 35 ميلادي، بعد ذلك أخذ الدين المسيحي بالانتشار في البلاد، أقيمت الكنائس العديدة والأديرة والرهبنة، أما من الناحية التاريخية فقد مرت فرنسا بعدة أحداث هامة انعكس تأثيرها على المباني والمنشئات العامة في تلك الفترة، ضلت فرنسا خمسة قرون محافظة رومانية أيام حكم قيصر وغيره، بعد ذلك أصبحت تحت حكم شرلمان ثم النودماندين عام 911 ميلادي، بعد ذلك الحروب التي دارت بين فرنسا وإنجلترا، فكانت جميع هذه القوى المتصارعة داخل البلاد وخارجها عنيفة أصقلت شعب فرنسا وتأثرت بالمدنية والحضارة اللاتينية، ممّا أدى إلى ظهور المباني متأثره بالطابع والنسق الروماني.