تعكس عمارة الجامع الأزهر حالياً صورة لتاريخ العمارة الدينية في مصر من العصر الفاطمي حتى نهاية العصر العثماني، وذلك بسبب ما أحدث فيه الخلفاء والسلاطين والأمراء وغيرهم من إصلاحات وإضافات معمارية ابتداء من تاريخ إنشائه على يد جوهر من سنة 361 هجري وحتى الآن.
موضع الأزهر
يلاحظ أن موضع الجامع الأزهر لا يتوسط القاهرة التي أنشأها جوهر ولكنه بني في الثلث الجنوبي من المدينة، حيث إن ذلك غالباً كان مرتبطاً إلى حد كبير بعلاقة موضع القاهرة بمدن عواصم مصر الإسلامية في الجنوب منها، حيث إن وضع الجامع في هذا الموضع ييسر دخول المصلين في الجامع من هذه المدن، وكذلك القطاع الجنوبي من القاهرة دون الولوج إلى منطقة القصر التي تقع إلى الشمال من الجامع.
ويبدو أن موضع الجامع في الثلث الجنوبي الشرقي من القاهرة كان له علاقة أيضاً بمواضع أبواب القاهرة في الثلث الجنوبي والتي بلغ عددها خمسة أبواب من مجموع ثمانية أبواب في أسوار القاهرة، وهذه الأبواب هي سعادة وفرج وزويلة والبرقية والقراطين.
ويلاحظ أن البابين الأخيرين اللذين يقعا في الضلع الشرقي من أسوار القاهرة وضعا متقاربين وقريبين من موضع الجامع تسهيلاً لمرور من يأتي من الجهة الجنوبية الشرقية إلى الجامع على مقربة من القصر الشرقي من الجهة الجنوبية، وهو ما ييسر وصول موكب الخليفة إليه، وهو في ذلك يتفق والسمة العامة في المدن الإسلامية من مجاورة المسجد الجامع لقصر الخلافة أو دار الإمارة، لكن المجاورة هنا لم تكن لصيقة كما هو الحال في العديد من المدن الإسلامية، ولكن كان الخليفة يركب في موكبه ليصل إلى الجامع في إطار الرسم الملكي الفاطمي الدعائي الذي اتسم به خلفاء الفاطميين.
تاريخ بناء الجامع
بدأ جوهر الصقلي في بناء الجامع الأزهر في يوم السبت من جمادى الأولى لسنة تسع وخمسين وثلاثمائة، أي بعد حوالي تسعة شهور من بدء إنشائه لأسوار القاهرة والقصور الفاطمية، وفي ذلك ما يشير إلى ان جوهر تمهل في إنشاء الجامع الذي بناه بالآجر وأعمدة الرخام التي جلبت من عمائر قديمة هي مواد في الإنشاء يحتاج إعدادها بعض الوقت.