العمارة السكنية في مدينة الفسطاط

اقرأ في هذا المقال


قبل أن نتحدث عن منازل الفسطاط لابد من الإشارة إلى أن التاريخ العمراني لهذه المدينة تخلله فترات انحدار وانحسار؛ وذلك بسبب ما تعرضت له من حرائق على وجه التحديد، وقد جرت العادة في العصور الوسطى على أن يقوم حاكمين المدن في حرق مدنهم نظراً لخوفهم من هجوم الأعداء وسيطرتهم على مدنهم، وقد مرت الفسطاط بهذه التجربة الأليمة أكثر من مرة، فعندما فر مروان بن محمد آخر خلفاء بني امية إليها أمام جيوش العباسيين في عام 132 هجري اضطر إلى حرقها أثناء انسحابه منها.

التاريخ العمراني لمدينة الفسطاط

كما تعرضت مدينة الفسطاط للنهب أيضاً عندما قدم محمد بن سليمان على رأس الجيوش العباسية في عام 292 هجري بهدف القضاء على الدولة الطولونية، إذ نهب أصحابه الفسطاط ودمروا بعض أجزائها وامتد تخريبهم إلى القطائع فأحرقوا دورها.

وفي العصر الفاطمي وعلى الرغم من ازدهار الفسطاط كعاصمة تجارية للدولة باعتبار أن القاهرة كانت مديمة ملكية، إلا أنها نهبت وسلبت على يد الجنود الفاطميين، وبخاصة في زمن الحاكم بأمر الله وأبيه العزيز بالله، وشهدت الفسطاط آثار الشدة المستنصرية التي شهدتها مصر كلها في زمن هذا الخليفة في المدة من 457 – 464 هجري، وكان للشدة آثار عدة حيث  كانت أكثر من غيرها، إذ تعتبر الشدة مركز النشاط التجاري.

وصف العمارة السكنية بالفسطاط

وتكشف المصادر التي سجلت مراحل ازدهار عمران الفسطاط عن الصورة التي كانت عليها منازل الفسطاط، فقد ذكر المقدسي عام 380 هجري في حديثه عن دور الفسطاط أنها أربعة طبقات وخمس منابر التي يدخل إليهم الضياء من الوسط، كما أنه يسكن بالدار الواحدة مائتا نفس وشخص.

وهذا الأمر يدل على الامتداد الرأسي المعماري للدور في الفسطاط ، حيث بلغ عدد الطوابق 54 طابق، كذلك تبين أن الدور تعتمد على فكرة الفناء الداخلي في وسط البيت، وتم استخدامه لإدخال الإضاءة والتهوية بسبب ضيق طرق الفسطاط، ومن ناحية ثالثة يشير الوصف المقدسي إلى ضخامة عمارة هذه الدور حتى أن الدار الواحدة كانت تتسع لمائتي فرد، كما يذكر ناصر خسرو (روائي) القصور التي تشتمل على غرف للإيجار تتسع الواحدة من هذه الغرف لسكن ثلاثمائة وخمسين شخصاً.


شارك المقالة: