اقرأ في هذا المقال
يرتبط نشوء المدينة إلى حد كبير بالعامل الاقتصادي، حيث يوفر هذا العامل التمويل المادي لإنشاء المدن والأساليب المستخدمة في تشييد ونوع المواد المستخدمة في البناء والحفاظ على المدينة وصياتنها، وقد ارتكزت دعائم هذه العوامل في اليمن القديم على قاعدتين أساسيتين، هما الزراعة القائمة على الري المنظم والتجارة في المواد الطبيعة.
الزراعة وتأثيرها على نشوء المدينة اليمينة القديمة:
تعامل الإنسان اليمني القديم مع الظروف المحيطة به بوعي وإدراك واستغل الموارد الطبيعية لتهيئة الأراضي المختلفة للممارسة نشاطه الزراعي، فقد أنشأ المزارع الوديان ومصبات الأنهار، واستفاد من الطبيعة الملائمة للزراعة في مناطق المرتفعات، فبنى المدرجات الزراعية استغلالاً للأرض وللتحكم في تدفق المياه والحفاظ على التربة الغرينية التي تجلبها مياه السيول لزيادة خصوبة االأرض.
وقد أشارت الدراسات الأثرية في أن المنطقة الجبلية لجنوب الجزيرة قد لعبت دوراً كبيراً في التطور الزراعي، كما أن جنوب الجزيرة تمثل مركزاً زراعياً صغيراً بجوار الصحراء،وقد اعتمد على السدود والحواجز المائية التي أنشئت في مضايق الوديان لحجر المياه المتدفقة في المواسم المطيرة للاستفادة منها بقية المواسم، وأكدت الدراسات الجيمورفولوجية للبعثة الألمانية لمنطقة سد مأرب، أنه كان هناك استصلاح أراضي واعتماد وسائل ري.
التجارة وتأثيرها على نشوء المدينة اليمنية القديمة:
إن لموقع اليمن الجغرافي الاستراتيجي على مفترق طرق التجارة العالمية آنذاك فضلاً كبيراً في نشوء وتطور المدينة اليمنية القديمة، حيث كانت التجارة فيها نشطة داخلياً وخارجياً، حيث تم إقامة المحطات التجارية على طول الطريق التجاري الممتد من مناطق إنتاجها في ظفار مروراً بميناء قناء وحضرموت وغيرها من الطرق التجارية.
حيث ساعد مرور القوافل البرية عبر المحطات التجارية في ازدهار مدن مهمة سميت دول المدن، إلى جانب ذلك ازدهرت النهضة الاقتصادية باستغلال الخامات المحلية كالأحجار الجيرية والجرانيت في بناء المدن وإنشاء أسس الهندسة المعمارية اليمنية من خلال بناء القصور والمعابد والمساكن بمختلف مساحاتها البنائية وارتفاعاتها، بما فيها المباني البرجية المتعددة الطوابق وإقامة المشاريع المائية.
وفي الجانب الآخر ظهرت مهارة الإنسان اليمني القديم في استغلال الطين كمادة للبناء، حيث أنتجت تقنيات رئيسية وفرعية متعددة الاستخدامات في تطوير البناء بالطين، وأفرزت أنماط مختلفة من المباني منها المباني البرجية المتعددة الطوابق.