خصائص الفناء الداخلي في دور الفسطاط
يعتبر الفناء الداخلي من العناصر المعمارية المهمة التي ترتد أصولها إلى الحضارات القديمة في المنطقة الحارة، وقد أدت ظروف المنطقة العربية الإسلامية الحارة إلى شيوع هذا العنصر في العمارة الإسلامية، وتعكس القصور الأموية والعباسية استخداماً أساسياً للفناء الداخلي في تخطيطها.
واستمر استخدام الفناء في عمارة العصور اللاحقة حتى نهاية العصر العثماني، وكان لهذه الاستمرارية أسبابها التي تتمثل في أن الفناء الداخلي يساعد على التغلب على حرارة الجو وبخاصة في فصل الصيف حتى أنه يعمل كبئر للهواء، فتكون درجة الحرارة فيه أكثر انخفاضاً من الخارج بمعدل، وكشفت الدراسات والبحوث أنه قد يصل إلى درجة 2 مئوية وهو ما يساعد على تحريك الهواء من الداخل إلى خارج الدار.
وصف الفناء الداخلي في دور الفسطاط
وتوافق الفناء الداخلي مع حرص المجتمع الإسلامي على تحقيق مبدأ الخصوصية، فقد مكن الفناء الداخلي من فتح النوافذ والمطلات عليه دون الاضطرار إلى وضع مثل هذه النوافذ في الواجهات الخارجية المطلة على الشارع تجنباً لضرر الكشف، وزاد من الاعتماد على الأفنية الداخلية –كمصدر للهواء والضوء- ضيق السكك النافذة وغير النافذة في المدينة الإسلامية التي فضل أفراد المجتمع أن تكون نوافذ دورهم مطلة عليها دون غيرها من الشوارع الواسعة الرئيسية التي تزداد بها حركة المارة وبالتالي يزاد ضرر الكشف بها وكذلك ما يحدث من ضوضاء.
ودفع ضيق هذه السكك المعمار إلى تخطيط الدور والمنشئات الأخرى مفتوحة على الداخل، ومكان الفناء هو العنصر الأصيل الذي يمكن من تحقيق هذا الغرض تجنباً لضرر الكشف الذي يحدث بسبب تقارب الواجهات المتقابلة تقاراً مؤكداً ضرر الكشف في حالة فتح مطلات أو نوافذ في هذه الواجهات.
واستخدم الفناء في الأغراض المعيشية لأفراد الأسرة وكان فيه المتسع ليلعب فيه الأطفال تحت رعاية الأسرة، ووظف الفناء بجانب كل هذه الوظائف كعنصر اتصال وحركة أساسي في الدار، حيث تصب حركة المرور من كل أجنحة الدار ومنه إلى دهليز الدار فمدخلها والعكس، وقد ساعد توسطه للدار على سهولة هذا الاتصال، وإطار جماليات عمارة الدار الإسلامية التي وصلت إلى الذروة إذا ما قورنت بالدور في الحضارات الأخرى.