اقرأ في هذا المقال
وصف القواقع المروحية في العمارة الحمادية:
يمكن القول بأن بنّائي قلعة الحمادية استحدثوا عنصراً آخر لا يختلف كثيراً عن الدلايات والمقرنصات، خاصة في الوظيفة المعمارية إلى حد ما، وكانت تسمّى القواقع المروحية، وهي التي تربط بين ركني السقف في شكل دائري منساب، حتى لا يشعر البناء والناظر بصعوية الانتقال من المربع إلى ما يشبه الاستدارة، ومن أجل ملء الفراغ الناتج من انفجار أركان السقف بأعلاه، شكلت القواقع المروحية على صورة مخروطية متعددة البتلات، كانت البتلة الأولى قد استحوذت على زاوية الجدارين المتلاحمين، مثلما عثر عليها دي بيلى في قصر البحر.
وباكتمال وامتداد هذه القواقع الوردية (المخروطية) الشكل نحو الأعلى من السقف تكون قد ابتعدت عن المقرنصات الركنية المضلعة، مثلما هي في مسجد قصر الأخيضر ببداية العراق أو بصورة أقرب من حنيات مسجد القيروان بتونس، ذلك أن سقف قصر البحر بالقلعة يبدو أشبه ما يكون إلى السقف البرميلي.
كما استعمل البناء الحمادي القواقع المروحية في تكسية مشكاوات واجهة مئذنة مسجد القلعة، وهنا ينحصر دورها أساساً في تزيين تلك المشكاوات مع تأطيرها بأشرطة من قطع الفسيفساء الخضراء، مثلما اتبع في عمارة الموحدين ومن جاء بعدهم.
وتمتاز هندسة القواقع المروحية التي تزدان بها مئذنة المسجد بالقلعة الحمادية بحافة مشرشرة ذات قنوات غير متساوية، تتوسطها قناة مقعرة في شكل مثلث تختلف عن بقية القنوات المقعرة.
خصائص القواقع الروحية الإسلامية في العمارة الحمادية:
كثر استعمال مثل هذه القواقع المروحية في العمارة الإسلامية خاصة حنيات المحاريب وفي قبيبات المسجد الأموي بقرطبة، الموزّعة في الفراغات الناتجة بين تقاطع أضلاع قبوة مقصورة القبة المخرمة بالمسجد الكبير في قرطبة، كما كثرت مثل هذه القواقع في شمسيات الاستدارة المشرشة والمتساوية في أبعاد القنوات.
ونظراً لتأخر القواقع الحمادية عن التي أشير إليها في القرن التاسع ميلادي، فإنها قد امتازت بالتكلف الفني والجهد الذي بذله الفنان الحمادي، وخاصة في معالجة التقويسات والانحناءات للقنوات التي أضفت عليها رواء صافياً ورشاقة دقيقة، حتى أصبحت على شكل قمع، ممّا يدل على الاستقلال الفني ولو جزئيياً.
إذا ما قارنا العمر القصير الذي استمرت فيه الدولة الحمادية الذي يدل على عمرانها، والذي يبدو بأنه طفرة أو فورة فجائية شملت كل المجالات المعمارية والفنية والصناعية أيضاً.