المحاريب للمساجد العثمانية في ليبيا

اقرأ في هذا المقال


أغلب المحاريب بهذه المساجد الصغيرة مسقطها نصف دائري وواجهاتها ذات عقود نصف دائرية وأغلبها خالية من الزخرفة، والمحاريب في بعض الأمثلة لها عقود من نوع حدوة الفرس، وهذا راجع جزئياً إلى بروز جوانب العقد مباشرة فوق مستوى تاج العمود والتي ترتكز على أعمدة صغيرة ملتصقة بالجدار.

ففي زاوية عمورة بجنزور أحيط محراب المسجد الملحق بخلية زخرفية معمارية بارزة قليلاً عن سطح الجدار وحافة الإطار العليا تبرز قليلاً عن السطح لتتلاءم مع الارتفاع والبروز مع الحلية المعمارية التي تحدد بداية منطقة الانتقال بالقبة، وكوشتا عقد المحراب والمنطقة المحصورة بينهما، زخرفت ببلاطات القاشاني المتعددة الألوان.

خصائص المحاريب في المساجد الليبية العثمانية:

يتوج عقد المحراب عنصر الهلال والشكل المعماري والترتيب الزخرفي بهذا المحراب هو انعكاس لنفس الأسلوب المتبع في مدخل المسجد واستخدام بلاطات القاشاني في المدخل والمحراب هو استنثناء زخرفي في هذا المسجد الصغير، وهناك محراب آخر مثل المحراب السابق في جامع عمورة بطرابلس الذي شيد سنة 1174 هجري، وعلاوة على وجود نفس الترتيب الزخرفي في كلا المحرابين فإن محراب جامع عمورة بطرابلس زخرفت كوشتا عقدة بوريدات باوزة منحوتة بدلاً من بلاطات القاشاني.

هذا الترتيب الزخرفي ليس انعكاساً لزخرفة مدخل الجامع والتنظيم المعماري والزخرفي الذي قدمه مدخل مسجد زاوية عمور، حيث يتوافق مع الترتيب المعماري والزخرفي الذي نشاهده في الأبنية المدنية والدينية في ليبيا التي تعود إلى القرن الثامن عشر، كما يجب ملاحظة أن الشكل العام في كلا المحرابين هو مثيل لكثير من المحاريب الموجودة في جوامع تونس شيدت في العصر الأغلبي، كما أصبح متجذراً هذا الطراز في عمارة العصرين الحفصي والعثماني.

والأمثلة الليبية هي صدى للتقليد المعماري التونسي المستمر لقرون طويلة بدون تغير، وأشار إلى ذلك الباحث التونسي مصطفى زبيس في دراسته عن المحاريب في تونس والجزائر والمغرب والأندلس وعددها 43 محراباً، والتي شيدت بين القرن الثاني إلى القرن الرابع عشر الهجري.

ويشير العدد الكبير من المحاريب في جوامع ومساجد ليبيا خاصة التي ترجع إلى الفترة القرمانلية تشير إلى تقليد معماري تونسي تعود جذوره إلى العصر الأغلبي وتأثيره على المعمار الإسلامي الديني في ليبيا، ويعزى هذا إلى الروابط المتينة المتجذرة بين النظامين الحاكمين في تونس وليبيا، وإلى العلاقات الاجتماعية والفنية التي كانت تربط الشعبين المتجاورين.


شارك المقالة: