إن مصدر اشتقاق المسجد المسقوف بقبة من مبنى الضريح المقبى تناوله كل من جورج مارسيه وغاسبري ميسانا اللذين وصلا إلى نتائج متعارضة ومتضادة ومختلفة فجورج مارسيه يرى أن بناء ضريح بقبة في المغرب الإسلامي اشتق من قبة المحراب بالمسجد، ويرى أن القبة التي تغطي منطقة المحراب في المساجد الجامعة كانت مصدر الإلهام لبناء ضريح مسقوف بقبة.
ونظريته يدعمها وجود مساجد مبكرة مؤرخة وبها قبة فوق منطقة المحراب، والتي تسبق تاريخياً أي ضريح بما في ذلك قبة الصليبية في سامراء وضريح إسماعيل الساماني في بخارى 298 هجري، ويضيف جورج مارسيه أن الأقطار الإسلامية بالمغرب الإسلامي قد تعرضت للتأثيرات الفنية والمعمارية العثمانية ابتداءاً من القرن السادس عشر.
مصدر الإلهام لهذا النوع من المساجد:
ويعتقد غاسبري ميسانا أن الأضرحة ذات القبة كانت مصدر الإلهام لبناء المساجد المسقوفة بقبة أو بكثير من القباب وخاصة المساجد الليبية المسقوفة بمجموعة من القبيبات، فقبة الضريح يمكن تكراراها في كل اتجاه بحيث يتمكن المعماري من أن يشيد أي عدد من القباب في كل الاتجاهات لكي يسقف بيت صلاة مربع أو مستطيل الشكل.
ويحاول ميسانا أن يدعم نظريته، فيقول لو أننا أزحنا الجدران الأربعة لأي بيت صلاة فماذا يبقى لنا؟ تبقى العقود والأعمدة والدعامات الساندة التي تحمل القبة أو القباب، فإذا كررنا هذه الفكرة البنائية الإنشائية، أي كررنا بناء القبة بهذه الكيفية، فإننا نحصل على بيت صلاة به الكثير من الوحدات الفراغية المسقوفة بقباب.
وقام بدارسة الأضرحة شمال إفريقيا (باستثناء) كومندان كوفتن وهذه الأضرحة الصغيرة عبارة عن حجرة صغيرة مربعة ذات 2×2 متر أو 3×3 متر مسقوف بقبة، وأصبح المعماريون والبناؤون الليبيون متمرسين في بناء مثل هذه الأضرحة الصغيرة، وأصبح هذا النوع مألوفاً لديهم.
وعند الحاجة لتسقيف بيت صلاة كبير يقفز هنا الحل العلمي، كما يذكر ميسانا وهو تكرار القبيبة من نفس النوع والحجم، والمعماريون الليبيون الذين كانت تنقصهم الخبرة والمهارة الفنية الإنشائية لبناء قبة كبيرة كان عليهم استخدام الهيكل البنائي للضريح بقبة، وكرروه بأعداد كبيرة تصل في بعض الأمثلة إلى 42 مرة مثل جامع الناقة وجامع درنة.
ويضيف ميسانا أن المساجد الليبية المسقوفة بقباب هي نتاج معمارية محدودة ومحصورة في بناء ضريح صغير بقبة.