ابتكر المسلمون بعض العمائر ذات الصبغة الإسلامية البحتة من حيث الوظيفة والأهمية لحياة المسلم، كما استمروا بطبيعة الحال في بناء العمائر التي لا غنى عنها في حياة أية أمة ومجتمع، لكنها اتخذت صبغة إسلامية شكلاً ومضموناً، فقد ظل الفن الإسلامي فناً تطبيقياً يجمع بين احتياجات الفرد اليومية وبين الجمال في آن واحد، ومن أبرز العمائر الإسلامية المساجد.
المساجد هي أقدم العمائر الإسلامية وأكثرها ارتباطاً بالإسلام، لأنها مكان إقامة صلاة الجماعة، كما كان أول مسجد بني في الإسلام هو مسجد قباء، ثم مسجد الرسول بالمدينة، كان تخطيط المساجد عامة في العصور الأولى يشبه مسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، أي أنه يتكون من صحن مسقوف ويحيط به أربعة أورقة. كما كانت المساجد تبنى من الطوب اللبن وجذوع النخيل، ثم تطور عمران وتخطيط المسجد بتطور الحضارة الإسلامية، وأضيف إليه السور والمئذنه وغيرها من العناصر المعمارية الخاصة بالمسجد.
كانت المساجد تلعب دوراً كبيراً يتجاوز دورها كمكان ذا طابع ديني تؤدى فيه الصلاة، فكانت تخرج منها القرارات السياسية وتلقى فيها الخطب السياسية وكان مكاناً للتشاور في أمور المسلمين العامة، كانت المساجد في القاهرة كثيرة العدد لدرجة تسمية القاهرة بمدينة الألف مئذنة، يؤدي المسلم صلاة الجماعة في صفوف طويلة متتالية، لهذا جاءت أشكال المساجد مستطيلة؛ لأنه الذي يستوعب أكبر عدد من المصلين.
تطور المساجد الإسلامية:
قد ظهر التطور في تصميم المساجد عندما ظهر نظام المدراس في الإسلام، حيث كانت المدارس في العصر الإسلامي الأول مركزاً للتدريب والتعليم، ثم رأى السلاطين السلاجقة في القرن الحادي عشر أن يشيدوا عمائر خاصة للتدريس الديني على مذاهب السنة، وكانت هذه المباني الخاصة أو المدراس مساجد جعلت وقفاً على العلم إلى جانب إقامة الشعائر الدينة فيها، لكنها تمتاز عن المساجد الأولى بما أضيف إلى تصميمها من ملحقات شيّدت لإيواء الطلبة والأساتذة.
ومن المعروف أن المساجد الأولى ذات الأورقة كانت لا تمكّن بعض المصلين بسماع الخطب ورؤية الإمام، ولا سيما إذا كان السقف محمل على أكتاف كما في جامع بن طولون، بينما كان ذلك أيسر في نظام المدراس، حيث كان السلاطيين يشيدوا مساجد على نظام المدراس في قلب المدينة بغرض الصلاة والتعليم، ومساجد بنظام الأورقة في أطراف المدينة بغرض الصلاة، ومن المدارس الجميلة في مصر مدرسة أو جامع السلطان حسن.