إن الهياكل ما زالت تكيف حسب المواد المتوفرة في مواقع العمل والمستعملة في بنائها، وعلى سبيل المثال فإن الحجر الرخو الموجود بوفرة في سوريا قد استخدم هناك على نطاق واسع حتى أنه أعطى منجزات معمارية أثرية تظهر فيها روعة وزخرفية فائقة، بينما في العراق حيث يشكل القرميد المادة الأساسية تكسي هياكل المباني ومناظرها ملامح مغايرة تماما.
وصف الهياكل الإنشائية في ليبيا
كتب بيار لافدان في كتابه المعمار الفرنسي قائلاً : “إذا كان هناك صرعاً بين الروح الإنشائية والروح الزخرفية وإذا تغلبت الروح تارة هذه الروح وتلك تارة أخرى فهناك أقطار تتسابق فيها أعظم المنجزات أو على الأقل الممتازة مع تفوق وفوز احد هذين العنصرين على الآخر”، لذلك هناك أهمية كبرى للزخرفة في المنجزات المعمارية الإسلامية.
أما في ليبيا فإن البناءات والهياكل الإنشائية الخاصة مثل العقود والدعائم وغيرها قد أقيمت في أفضل الاحول وصنعت من حجر جيري رخو ومتماسك يدعى محلياً رخام مالطا، وفي أغلب الأحيان قد التجئ إلى البناء بالحجارة العادية وكان يلجأ أيضاً إلى استعمال مزيج من الحجر الجيري والطين والماء، حيث كان يصب صباً في قوالب خشبية ثم يدك دكاً جيداً، وكانت هناك طريقة ثالثة هي استخدام الحجارة ملتحمة بمونة من الوحل الطيني مثلما وقع في جنوب البلاد بوجه خاص.
هذا وإن النخلة تكاد تكون في ليبيا المصدر الوحيد للأخشاب، ونظراً لاستخدامه مجرداً أو مع أخشاب لينة أخرى فقد أدى ذلك إلى احداث مباني مستطيلة وضيقة وبالتالي غير مريحة، إلا أن هذا الأمر قد أجبر البناة إلى إقامة القباب كلما دعت الحاجة إلى إفساح المجال للفضاء الداخلي.
خصائص مواد الهياكل الإنشائية في ليبيا
إن الأخشاب الصلبة كانت تستورد من خارج البلاد لغرض استعمالها في بناء الهياكل ذات الأهمية الثانوية التي كان القصد من اتقان زخرفتها هو إضفاء قيمة فنية معينة عليها البوابات والسدات وبطانة السقوف في مساكن دور المال والجاه.
ولقد استخدم المرمر خاصة في صنع الأعمدة والقواعد والأفاريز الزخرفية، وذلك أسوة برخام مالطا وغيرها، وعن مصدر هذا المرمر فقد كانت العمارات رومانية وبيزنطية عتيقة ولكن هذه المادة كانت تستورد من إيطاليا واليونان أيضاً.