وصف المهد الأول للعمارة الإسلامية:
كان المسجد الأول الذي أقامه النبي (صلى الله عليه وسلم) غداة الهجرة يمثل البساطة والزهد والتقشف والتقوى اللائي هن جوهر العقيدة الإسلامية، وقد كان المسجد مربعاً؛ يعني أن أبعاده كانت مائة ذراع في مائة؛ وسمك الذراع يبلغ 46.2 سم وارتفاع الحوائط سبعة أذرع، وفي الجانب الشمالي الغربي أقيمت مظلة على جذوع النخل، كانت مغطاة بالسعف والطين (منطقة القبلة).
وقد أقيمت جدرانه من اللبن وأساسه من الحجر وأعمدته من جذوع النخل، كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يجلس في الظلة مع المسلمين للتدارس في الشؤون المختلفة، وفي السنة الثانية تحولت القبلة إلى مكة فأضاف النبي (صلى الله عليه وسلم) ظلة ثانية من جهة الجنوب، وجعل في وسط الجدار علامة تعين القبلة، وجعل عدداً من الحجرات تطل على الساحة، كما أن طراز الصحن والأعمدة يعد أول ابتكار للعرب في العمارة في عهد الإسلام الأول.
كما أنها كانت تسع حجرات من 1 إلى 4 حوائطها من اللبن وسقوفها من سعف النخيل وعليها طبقة من الطين، وفي الغرف من 5 إلى 9 حوائط من البوص وسقوفها من سعف النخيل وعليها طبقة من الطين أيضاً، ومما يجدر ذكره أن هذه الحجرات كانت بيت للنبوة، وكل غرفة لزوجة من زوجاته عليه الصلاة والسلام، بالإضافة إلى غرفة لعلي وفاطمة، فهذه كانت أول دار إمارة في الإسلام وأول قصر رئاسي لمن غير التاريخ وزان الدنيا بحضارته، فأين هذا من القصور اليوم.
خصائص المسجد:
وكان للمسجد ثلاثة أبواب متعامدة، وفي السنة السابعة من الهجرة أضاف النبي (صلى الله عليه وسلم) منبراً من ثلاث درجات بعد استشارة الصحابة، وفي العهد العمري أصبحت مساحة المسجد 140×120 متر، واستعملت أعمدة من الخشب وفرشت الأرض بالحصباء، وأصبح له ستة أبواب وأدخلت فيه بيوت أمهات المؤمنين (الحجرات) وفيهن قبر النبي (صلى الله عليه وسلم).
وفي عهد عثمان وسع المسجد وأصبحت مساحته 150×160 متر، استعملت أعمدة من الحجر، كما أقيمت الحوائط كذلك من الحجر والسقف من خشب الصاج، وضلت الزيادات والتحسينات تضاف تباعاً في كل عصر حتى التوسعة السعودية الثانية 1406 هجري، كما أن إصلاحات الوليد الأول الأموي 712 ميلادي جعلت منه نموذجاً للجوامع ذات الصحن والأروقة بما أضفاه عليه من فخامة.