وصف عمارة مكة المكرمة:
الفراغات الخارجية بمكة المكرمة القديمة مثل الشوارع أو الحواري أو الساحات كانت تمتاز بأنها ضيقة وتلتف حولها المباني ذات الارتفاع العالي، وهذا الوضع يساعد في توفير الظلال أغلب ساعات النهار، وهي بذلك تعتبر معالجة مناخية ناجحة وجيدة لطقس شديد الحرارة والجفاف، ولم يكن للشوارع في الأحياء القديمة توجيه محدد، وإنما هي عبارة عن متاهة من النهايات المغلقة، ولا يوجد لهذا النمط تأثير على حركة الهواء الحار والساكن غالباً الذي تعرفه مكة معظم فترات العام.
كما تميزت العمارة المكية بأنها قد استطاعت التوافق مع الظروف البيئة باستخدام مواد البناء المتوفرة وتطوير أسلوب البناء الخاص بها، وأيضاً بطرق ومعالجات مناخية جيدة لطقس شديد الحرارة، بالإضافة إلى أنها لم تخلو من لمحات وزخارف فنية وجمالية رائعة وعبرة، كما أن السكان استطاعوا صياغتها بحسب متطلباتهم الدينية والاجتماعية والثقافية التي شكلت هوية المجتمع المكي.
تأصيل التراث العمراني والمحافظة عليه بمكة المكرمة:
شهدت مكة المكرمة خلال العقدين الآخرين من القرن الماضي حركة عمرانية مكثفة وسريعة، كان الباعث لها استيعاب الأعداد الهائلة من المسلمين التي تتوافد عليها خلال موسم الحج والعمرة؛ لتوفر أماكن إقامة وإنشاء المزيد من المرافق والخدمات اللازمة لهم ليؤدوا مناسكهم في يسر وسهولة، يضاف إلى ذلك الزيادة المضطرة في أعداد السكان من أهل البيت الحرام والمقيمن والوافدين إليها وما يتطلبه ذلك من توفر المساكن والخدمات اللازمة.
على هذا الوضع العمراني لمكة المكرمة يتحدد في إجراء أعمال توسعة وعمارة المسجد الحرام، وهو ما تم تنفيذه من خلال مشروع خادم الحرمين الشريفين لعمارة المسجد الحرام وما ترتب عليه من أعمال إزالة لمناطق سكنية وأسواق قديمة مرافق بما تحتويه من ملامح تراثية وتاريخية، وهو أمر حتمي لا مجال لأي خيار غيره، إضافة إلى إمكانية حدوثه لمرة أخرى خلال العشرين أو الثلاثين سنة القادمة.
إضافة إلى ذلك فإن رغبة الحجاج والزوار وأهل مكة المكرمة في الإقامة على أقرب مسافة ممكنة من البيت الحرام أدت إلى إزالة للعديد من المباني السكنية القديمة بطابعها المعماري المألوف، واستبدلت بعمارات سكنية حديثة متعددة الأدوار تصل إلى أكثر من ثلاثين طابق في بعض الأحيان.