انعكس تخطيط الواجهة الثلاثية على الواجهات الأخرى المطلة على الصحن، وبخاصة الواجهة المقابلة لواجهة السقيفة في إطار تحقيق مبدأ السمترية، ومن الملاحظ أيضاً أن المعمار لم يلتزم بأن تكون الوحدات في الواجهات المتقابلة على نفس المحاور تماماً أو بنفس القياسات بالضبط، لكنه حاول ذلك قدر الإمكان لضبط السمترية.
التخطيط الثلاثي لأجنحة الدار
يمكننا القول أنه تم تقسيم الواجهات باستخدام الفكرة المعمارية في التقسيم الثلاثي حتى لا يتمكنوا من رؤية الواجهات في نفس الوقت، لكن رؤيتها ثم رؤية غيرها وتكرار التقسيم الثلاثي فيها يوحي بأنها تتشابه مع بعضها وأن مبدأ السمترية محقق في الشكل العام رغم اختلاف التفاصيل.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن التوافق والتماثل التزم به المعمار إلى حد كبير في كل واجهتين متقابلتين، كما أنه يكشف عن مرونة المعمار وعدم التقيد بالتقسيم الثلاثي، كالذي نراه في بعض الواجهات المطلة على الفناء وبعض الدور، كما تضمنت فتحات أربع وليس ثلاث لظروف تخطيطها.
كما وجد في بعض الحالات اثنان فقط وليس ثلاثاً، واختلف التقسيم في واجهتين متقابلتين لا تنفذ بها سقيفة، وتشمل الواجهة الشرقية على أربع فتحات، بينما لا تحتوي الواجهة الغربية إلا على ثلاث فتحات.
وتبين لنا هذه الأمثلة المختلفة عن الفكرة المعمارية المتمثلة في التقسيم الثلاثي لواجهات الصحن عن أن المعمار لم يكن قالبي في رؤيته التخطيطية، ولكنه ركز على التوافق بين التخطيط العام والمساحة توافقاً يتم من خلاله استغلال المساحة بشكل كبير حسب رؤيته التخطيطية، وذلك بغض النظر على الالتزام بشكل معين، وهي سمة تكررت في رؤيته التصميمة لتخطيط الأفنية في العصر الفاطمي، وتمثلت أيضاً في اختلاف قياسات ومحاور التقسيمات الثلاثية للواجهات المطلة على الصحن.
السقيفة والوحدات الثلاثية
ارتبط التقسيم الثلاثي لواجهة السقيفة تقريباً في ثلاث وحدات، وهي مطلة على الصحن، وكان الهدف من هذا الارتباط هو إدخال التهوية والإضاءة من خلال الصحن، كما أنه يربط بسهولة الاتصال والحركة وتوفير قدر من الخصوصية للحجرتين الجانبيتين أو أي وحدات أخرى قد تكون مجاورة للإيوان الأوسط بدلاً من الحجرتين، ولم يشذ عن هذه الظاهرة العامة سوى دار واحدة.