خصائص سور المهدية:
كان أول ما ابتنى عبيد الله في مدينة المهدية هو سورها الغربي الذي فيه أبوابها، وكان هذا السور يتسع لفارسين متجاورين، وهو ما يعني إنشائياً أن السور كان سميكاً، وبناء الأسوار بهذا السمك أمر جرت به العادة في إنشاء أسوار المدن الكبرى التي تقوم أسوارها بدور إيجابي في الدفاع عن المدينة كمدينة بغداد، وسمك الأسوار بهذا القياس أنجز في أسوار مدينة القاهرة التي أنشاها جوهر.
ولا شك أن سمك الأسوار بهذا القياس أيضاً يرتبط بوسائل وأساليب الدفاع عن المدن في العصور الوسطى، حيث يمثل السور خطاً دفاعياً من الرماة الذين يقومون بالدفاع من سطح السور الذي يمثل خط الدفاع الأعلى أو غيره، خاصة إذا كان السور يشتمل على خط دفاعي في قلبه وذلك حسب تخطيط السور.
كما أن سمك الأسوار يساعد أيضاً على مقاومة التغلب عليها بالنقب من خلال أفراد العدو، ويرتبط سمك السور أيضاً بمدى الحاجة إلى الارتفاع بالأسوار ارتفاعاً يعوق أي محاولة لتسلقها، فكلما كانت الحاجة إلى الارتفاع كلما زاد سمك السور، وهكذا يكشف سمك سور المهدية عن مستوى التخطيط الذي نفذ به ليقوي على تأمين المدينة من الجهة الغربية التي ترتبط بالبر، وهي أضعف جهة من ناحية التحصين الطبيعي، ومن ثم اهتم بتحصينها تحصيناً قوياً انعكس في زيادة سمك السور وبنائه بالحجر وتدعيمه أيضاً بالروابط الرخامية.
ميزات سور مدينة المهدية:
وفي إطار ما بقي من أجزاء السور التي عاينها الآثاريين مثل كيسويل يتضح أن السور قد بني بحجر الدستور الصغير، وهو نوع من الحجر تنحت كتله في هيئة متوازي مستطيلات وبقياسات معينة يحددها البناء، ويختلف فيها قياس الطول، لكن غالباً ما يكون قياس عرض الكتلة مساوياً لارتفاعها، ولا شك أن البناء بهذه النوعية من الأحجار المنحوتة نحتاً جيداً والمحددة في قياساتها تحديداً دقيقاً يساعد على سهولة البناء ومتانته.
وساعد على ذلك أيضاً صغر حجم كتلة الحجر المنحوتة، وتجد الإشارة إلى أن هذه النوعية من الحجر استخدمت في منشآت الفاطميين بالقاهرة كمشهد الجيوشي وجامع الحاكم وغيرها، وهو ما يكشف عن انتقال بعض الأساليب التقنية مع الفاطميين من عاصمتهم المهدية إلى القاهرة.