يعتبر إنشاء الخندق لتحقيق غاية حربية تتمثل في حماية المدن وهو من أقدم العناصر المعمارية الحربية، فبعد أن نشأت المدن المعتمدة على النشاط الاقتصادي وبخاصة النشاط لتجاري في فترات ما قبل التاريخ زادت الثروات وباتت الحاجة ملحة لتأمين هذه المدن من هجمات العزاة وشكلت الجيوش للدفاع عن هذه المدن، وبدأ التفكير في إنشاء المنشآت الحربية التي يمكن أن تعرقل تقدم الجيوش الغازية وتحد من وصولها إلى داخل هذه المدن، وكان الخندق أولها وأكثرها قدماً كما أنه سبباً في ظهور عناصر أخرى ارتبطت به كالأسوار والشرفات.
خصائص الخندق في عمارة بغداد
الخندق عنصر معماري حربي له وظيفتان أساسيتان، الوظيفة الأولى هو أنه يعرقل تقدم الجيوش المهاجمة على سطح الأرض حيث أن حفره بعمق يصل إلى ستة أمتار، كما في مدينة بغداد وباتساع بنفس القياس وبنزول الجيوش المهاجمة فيه لعبوره يصبح المدافعون عن المدينة في موضع أعلى من الجيوش المهاجمة العابرة لهذا الخندق.
كما أن ملئ هذا الخندق بالماء من شأنه أن يعرقل أكثر العابرين ويزيد من صعوبة الصعود إلى الجانب الآخر من الخندق، كما أن بناء جانبه في هيئة مسننة بالآجر في وضع رأسي يصعب تماماً صعود الجنود، وهكذا تكون الفرص مواتية تماماً للجنود المدافعين في صد هجوم جنود العدو حيث تتوفر لهم فرصة الضرب من موضع أعلى وهم في وضع الاستعداد التام للقتال بينما أعداؤهم في موقف النقيض تماماً.
وظائف الخندق الحربية
الوظيفة الثانية للخندق والتي تعتبر من الأهمية بمكان هو أن حفر الخندق بعمق كبير يفسد على العدو حيلة الوصول إلى داخل المدينة من خلال سراديب يحفرونها ابتداء من مواضع خارج المدينة بعيدة عن الخندق على عمق كبير ويستمرون في حفرها باتجاه أسوار المدينة مارة من أسفلها ثم تنتهي إلى داخل المدينة في مواضع لا يراها المدافعون ويساعدهم في ذلك جواسيسهم الذي يدسوهم في المدينة فيتغلبون بذلك على حاجز الخندق والسور ثم يهاجمون أهل المدينة وأسوارها من الداخل والخارج فتسقط المدينة.
وحفر الخندق على هذا العمق الكبير يكشف هذه المحاولات المحتملة بحفر السراديب للتغلب على مشكلة ارتفاع أسوار المدن، وقد أدرك المخططون للمدن والمدافعون عنها هذه الحيلة فزادوا من عمق الخندق.