تمثل مآذن المساجد الثلاثة (جامع ابن طولون، جامع سامراء، جامع ابي دلف) طرازاً جديداً من طرز المآذن، لم تتبق مآذن أخرى تشير إلى استمراره وإن وجدت بعض الروايات التاريخية التي تصف إحدى نماذج المآذن المملوكية “بالمئذنة الحلزونية” وربما يأتي هذا الوصف في إطار تشابه هذه المئذنة ومئذنة جامع ابن طولون ذات السلم الخارجي الذي يدور حول بدنها كالحلزون.
خصائص المآذن الحلزونية
هذا الشكل المميز لطراز هذه المآذن والذي يشكل السلم الخارجي حول بدن المئذنة أهم ملامحه آثار انتباه الآثاريين لمحاولة البحث عن أصل له، واتجهت الآراء إلى مقارنة بين تشابه السلالم الخارجية للملوية وسلال الزيقورات العراقية القديمة والتي تقع على الجوانب الخارجية له.
وزاد من علاقة التشابه وجود الدخلات الغائرة في قاعدة الملوية بسامراء والجدران الخارجية للزيقورات، وفي إطار هذه المقارنة لبعض الملامح المتشابهة كان الرأي الذي يرى أن طراز الملوية أصله متمثل في هذه الزيقورات رغم اختلاف الوظيفة لكل من المنشأتين ورغم اختلاف التصميم، وهناك من رأى أن هذه المئذنة بسلمها الخارجي تشبه برج الحمار الذي أنشئ للخليفة العباسي والذي كان يصعد من درجاته الخارجية إلى اعلى البرج لرؤية المدينة.
وصف عمارة المآذن الملوية
من الملاحظ أن عمارة هذه المآذن جاءت بمقاييس ضخمة لتناسب عمارة هذه المساجد، فضخامة المسجد الجامع واتساع مساحته فرض ارتفاع مئذنته ارتفاعاً يمكن المؤذن من التقاط إشارات الميقاتي بصحن المسجد بدخول وقت الصلاة فيعلن بالآذان.
ومن هنا كان من المحتم توفر توفر خط بصري واضح بين الفتحة التي يقف فيها المؤذن بجوسق المئذنة وصحن المسج حيث يرى الميقاتي، ومع اتساع مساحة المسجد كان لابد من الارتفاع ببناء المآذن الذي تبعه توجيه السلم أو المرقاة الصاعدة إلى جوسق المئذنة توجيهاً يسهل الصعود ويوفر الإضاءة والتهوية الكافية.
ويرتبط هذا التفسير أيضاً بموضع المئذنة التي وضعت في الجهة الشمالية في كل من المساجد الثلاثة في الزيادة الشمالية، وهي الزيادة التي يجارها رواق المؤخر الأصغر اتساعاً وهو الأمر الذي يساعد على تحقيق الرؤية البصرية بين المؤذن والميقاتي بأقل ارتفاع ممكن، وربما كان لمواد لبناء وسهولة إنشاء المآذن المرتفعة بهذا الشكل بسلالم من الخارج عن بنائه بسلالم داخلية من الأمور التي أدت إلى ابتكار هذا الشكل الذي توائم جمالياً ووظيفياً مع عمارة المساجد الثلاثة المذكورة سابقاً.