إن طرغت باشا الذي كان في الأصل مجرد قرصان سرعان ما أصبح واحداً من ألمع أمراء البحر الأتراك، إذ اشتهر ببسالته وتضلعه في الشؤون البحرية، وكان أيضاً ثاني والي على ليبيا في العهد العثماني، ويعتبر ممن دفعوا بالنشاط العمراني في طرابلس.
خصائص جامع طرغت
أنجز طرغت باشا خلال ولايته قصر مشهور توجد له مطبوعات القرنين السابع عشر والثامن عشر، كذلك جامع الذي يجمل اسمه بني في عام 1560 ميلادي وألحقت به روضة تحتضن ضريحه.
يلاحظ أن للجامع تصميم غير مألوف، حيث يتحول تفكيره إلى المساجد الأناضولية المصممة على شكل (T) تاء لاتينية، وإنما يلاحظ الفروق الجوهرية بين جامع طرغت والمساجد الأناضولية، إذ يوجد المحراب في المساجد الأناضولية واقعاً على الطرف الشاغر من ساق التاء (T) في حين نجده في جامع طرغت عند تقاطع ساق التاء (T).
هذا وأن بيت الصلاة في المساجد الأناضولية يحتل ساق التاء (T) فقط، بينما تشغل العارضة بعض الحجرات المستعملة كفصول للدراسة، وعلى النقيض من ذلك فإننا نجد أن بيت الصلاة في جامع طرغت يغطي كامل مساحة التاء (T).
وصف جامع طرغت
إن تركيب هذا المسجد لا يتناسب مع أساليب العمارة المتبعة في تصاميم المساجد، إذ ينبغي في الحقيقة ألا يكون الضلع الأصغر من المستطيل متعامداً مع جهة القبلة بل الضلع الأكبر منه، وأن توجيه المبنى برمته يكون مع التوجيه الشرعي زاوية قياسها سبعاً وعشرون درجة، ونتيجة لذلك فقد أضحى المحراب منحرفاً بالنسبة إلى الجدار الذي يحويه.
إلى جانب ذلك فقد كانت الكتلة الوسطى مصلى مسيحياً، حيث أنها كانت مقسمة إلى عدد فردي من البلاطات الممتدة طولاً، كما أن سقف المصلى كان ذا قبيبات، ومن المعروف أن كثيراً من المسلمين في الماضي لم يترددوا عن أداء صلواتهم في معابد الأديان الأخرى، إلا أن المسيحيين ولا سيما في تلك الحقبة لم يكونوا ليسمحوا أبداً بأن تشابه إحدى عمارتهم الدينية أي مسجد إسلامي، ولذا فإن تحويل المصلى المسيحي إلى مسجد جامع إبان ولاية طرغت باشا أنه كان تحويلاً جوهرياً.