يروى أن الوجيه يوسف قرجي كان رجلاً غنياً من أهل مدينة طرابلس تنحدر عائلته من ولاية جورجيا في الاتحاد السوفياتي وتربطها بأسرة القرمانلي صلة نسب، وفي عام 1833 ميلادي أي بعد قرن تماماً من إقامة جامع أحمد باشا القره مانلي أضاف الوجيه قرجي مسجداً جديداً إلى مساجد المدينة كان يريد له بالضرورة أن يفوق جميع المساجد التي سبقته.
وصف جامع قرجي
إن جامع قرجي يكشف عن كثير من وجوه الشبه مع جامع القرمانلي، حيث تتركب العمارتان من نفس العناصر الأساسية وهي بيت الصلاة (من النوع الليبي) والمدرسة والروضة والضريح والمئذنة، لقد جاء بيت الصلاة في جامع قرجى مربع الشكل ولكنه أصغر من نظيره في جامع القرمانلي 18×18 متر بدلاً من 23×23 متر، وينقسم هذا البيت إلى سنة عشر عنصراً فضائياً بدلاً من خمسة وعشرين، وله ثلاث شرفات داخلية اثنتان منها تغطي رواقين بينما تمتد ثالثتها فوق بعض المرافق.
كما أن للجامع صحنين فقط، إذ يصلح أحدهما كمتنفس للمدرسة ويربط الآخر بين مبنيين مختلفين التوجيه، إن القبيبات الستة عشرة تبدو مرتفعة بالنسبة إلى سواها وتحدد الثلاث الأولى منها؛ موقع أهم عناصر بيت الصلاة ألا وهي المحراب والمنبر والسدة، وأما القبلة الرابعة فمن المحتمل أن تكون قد رفعت إلى نفس المستوى لأسباب تناسقيه، وأن هذه الأسباب ذاتها هي التي فرضت فتح باب ثاني مقابل المنبر.
خصائص جامع القرجي
إن أعمدة بيت الصلاة جاءت كلها مرمرية وأن تيجانها التي تذكرنا بالتيجان الدوريكية جاءت مزخرفة ببيضيات، حيث كان لهذه التفصيلية أثراً للذوق الغربي السائد آنئذ، ومن هنا يبدو التشابه مع بيت الصلاة في جامع القرمانلي قد بلغ منتهاه من الوجهة الهيكلية، إلا أن هناك بعض الفوارق بالنسبة إلى التفصيلات، فنلاحظ أن القبيبات المرتفعة الأربعة ترتكز على قواعد ثمان مقترنة بأربع جوفات ركنية في شكل ربع قبة ومضلعة كالصدفة البحرية.
كما أن هناك حقيقة هامة أخرى تتمثل في أن الروضة ضريح المؤسس جاءت غربي المحراب، خلافاً للعرف المغربي الذي حدد موضعها شرقي المحراب، وتسقف هذه الروضة قبة نصف كروية غاية الجمال يبلغ طول قطرها خمسة أمتار ولها ستة عشر ضلعاً في ظهرها.