اقرأ في هذا المقال
تقع قلعة الزيدية في الوقت الراهن في مكان يتوسط مدينة الزيدية على وجه التقريب، وهي بجانب السوق الشعبي الذي يبعد عنها بضعة أمتار من الجهة الشمالية الغربية، وقد بنيت القلعة في مكان رملي منبسط وترتفع عن مستوى سطح البحر بمسافة (60 قدم).
الوصف المعماري لقلعة الزيدية
إن استمرارية استخدام مرافق القلعة منذ نشأتها حتى فترة زمنية قريبة هو العامل الرئيسي الذي حافظ على بقائها ماثلة للعيان، ومن الطبيعي أن تتعرض منشآتها للتصدعات والانهيارات، ولذلك كانت تتم عمليات ترميم جزئية لبعض الجدران المتهدمة ولكن بمواد حديثة، ومن خلال المعاينة الميدانية لمرافق القلعة وجد بأن البعض منها أجريت عليها تعديلات معمارية وذلك لكي تتوافق والاستخدام الجديد، وهذا بدوره أدى إلى فقدان الكثير من العناصر الدفاعية والمعمارية الأصلية التي كانت توجد في القلعة.
كما إن هناك بعض المرافق أستبدل بناؤها الأصلي بآخر حديث ومنها مسجد القلعة الذي بني بكامله بمواد إسمنتية، وكانت عمليات الإضافة الحديثة لبعض المرافق أيضاً كالسجن هدفت بالدرجة الأولى إلى التحكم والسيطرة على المسجونين.
عموماً الوضع المعماري الراهن للقلعة في حالة سيئة، حيث تتعرض أغلب مرافقها يوماً بعد يوم للتهدم بشكل متسارع وخاصة في الفترة الأخيرة فبسبب انتقال المكاتب الإدارية الحكومية إلى المجمع الحكومي الجديد أهملت القلعة، وكان للعامل البشري المتمثل في ساكنة المدينة الدور الكبير في تدهورها وذلك عندما يقوم البعض منهم بنزع أخشاب النوافذ والأبواب وتهديم الجدران مما أحدث في جدرانها العديد من الفتحات ولذا فقد صارت ساحة القلعة طريقاً عاماً للمارة.
مواد البناء الأساسية لقلعة الزيدية
استخدم في بناء قلعة الزيدية العديد من مواد البناء، حيث يعد كل من الحجر الجيري الأبيض وقطع الآجر مادتان رئيسيتان في بنائها، فالمادة الأولى، وهي قطع الحجارة مختلفة في قياساتها وبلغ متوسط أبعاد الوجه الخارجي لها (30سم × 25سم) ويلاحظ أنها استخدمت في أماكن محدودة وهي كتلة المدخل الرئيسي ودار العامل، وتركز وجودها في أسفل البناء كأساسات. أما قطع الآجر فهي صغيرة الحجم ذات قياس ثابت، وذلك لأنها تصنع بواسطة القالب وبلغ أبعاد الواحدة منها نحو (20سم × 10سم)، ومن المواد المستخدمة في بناء القلعة أيضاً الأخشاب والجص وعجينة الطين.
وأما أسلوب البناء الذي تم في عمارة القلعة فهو لا يختلف عن الطريقة التقليدية المتبعة في البناء بسهل تهامة فكتل الحجارة وضعت بشكل متراص على هيئة صفوف أفقية، وكل قطعة من الحجارة في الصف العلوي تتوسط قطعتين من الحجارة في الصف السفلي وبذلك تحقق الغرض المطلوب في عملية البناء وهو ترابط الجدار، وهذا الأمر ينطبق على الوجه الخارجي للجدار أما الوجه الداخلي فلم نستطع الكشف عنه؛ وذلك لأنه يقع إلى داخل البناء ولذا فهو غير مرئي، وكانت الطريقة التي أتبعت في بناء الجدران بقطع الآجر هي نفسها التي استخدمت في بناء جميع القلاع التي تقع في السهل الداخلي من تهامة والتي يطلق عليها محلياً بالمثنى والقفل.
المخطط العام لقلعة الزيدية
يتخذ المسقط الأفقي لقلعة الزيدية شكلاً مستطيلاً يمتد من الشمال إلى الجنوب بمسافة (92م) ومن الشرق إلى الغرب بمسافة (85م)، وهي تتألف من فناء واسع مكشوف تطل عليه المرافق من الجهتين الشمالية والجنوبية، وقد جاء المخطط الهندسي بجميع مكوناته استجابة للوظائف السياسية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية التي كانت تؤديها القلعة، حيث كانت بمثابة مركز للحكومة؛ ففيها دار العامل (حاكم مدينة الزيدية) الذي كان يقوم بالفصل في قضايا الساكنة.
وفيها أيضاً سجن وظيفته احتجاز وتأديب الخارجين عن النظام ولتنفيذ الأحكام المتعلقة بالسجن؛ ولأن القلعة تعتبر المكان الآمن في المدينة فقد كانت تضم بيت المال وحجرات حفظ وتخزين جميع أنواع الحبوب، والتي كان يتم تحصيلها بعد جمع الزكاة السنوية المفروضة على ساكنة منطقة الزيدية.
ولما كانت جميع الوحدات المعمارية المذكورة في مخطط القلعة ذات أهمية كبيرة كان لابد من وجود حامية عسكرية تقوم بالدفاع عنها، ولذا تضمنت القلعة مرافق سكنية لمبيت الجند، وكذا وحدات دفاعية متعددة – كالأبراج والأسوار – تقوم بعملية الحماية ومنع أي هجوم عسكري قد تتعرض لها، وكانت أبرز وحدة معمارية دفاعية تميزت بها القلعة عن غيرها من القلاع التي تضمنتها الدراسة هي البوابة الضخمة والتي زادت من أهميتها من الناحية المعمارية بالإضافة إلى برج المدافع الذي ما يزال
يضم عناصر دفاعية أصلية، ومن المؤكد أن هاتين الوحدتين لعبتا دوراً بارزاً في التاريخ الحربي للقلعة.