قلعة المعترض في مكان متوسط من قرية المعترض التي تبعد عن مدينة الزهرة من الجهة الشرقية بحوالي (5كم)، أما إحداثيات القلعة فتقع بين دائرتي عرض (7115.72691) شمالاً وخطي طول (8450915) شرقاً، وشكلت هذه القلعة حصناً منيعاً وسط قرية المعترض الصغيرة، خاصة إذا ما عرفنا أنها أنشئت بمادة الآجر الذي يمتاز بحجمه الكبير، وبالمقابل كانت جميع مساكن القرية تتألف من أكواخ أنشئت بمادتي القش والقصب كغيرها من مدن وقرى سهل تهامة اليمن.
نشأة قلعة المعترض وأهميتها
اهتم حكام المخلاف السليماني الأشراف آل خيرات بزراعة أراضٍ واسعة في وادي مور، ابتداء من الشريف حمود بن محمد ، ولتوافر العيش الرغيد في هذا الوادي استقر الكثير من أمراء آل خيرات في قراه وقد كانت قرية المُعترض إحداها، وتنسب قلعة هذه القرية إلى الشريف علي بن محمد بن علي بن حيدر آل خيرات، والذي كان والياً على جهة وادي مُور، وكانت له أراض واسعة فيه يزرعها فتنتج له محصولاً وافراً ينفق منه على غالب أهل قرية المُعترض.
تذكر قلعة المُعترض أثناء ولاية الشريف علي بن محمد بن علي بن حيدر لجهة وادي مُور إلا مرة واحدة، وهي عندما قام مع أخيه الشريف الحسن بن محمد بالنزول نحو تهامة – وبصحبتهم قبائل يام النجرانية – من أجل محاربة العثمانيين في شهر شعبان عام (1267ه/ 1850م).
وحينما لم يستطيعوا دخول مدينة اللحية واشتد عليهم الخناق من قبل الجند العثمانيين اضطر هذا الشريف وجنوده إلى التراجع نحو قلعة المُعترض فخرجت ساكنة قرية المُعترض إلى القرى المجاورة، ثم جمع ما في القلعة، مما عز وهان وحمّلها على ظهور الجمال إلى مدينة أبي عريش عاصمة المخلاف السليماني فبقيت القلعة خاوية على عروشها.
وبعد وفاة الشريف علي بن محمد خلفه ابنه حمود الذي سار على نهج أبيه في الانفاق على أهل قرية المُعترض وقام ببناء مسجد جامع بجوار قلعة والده (المُعترض) من الجهة الشرقية.
الوضع المعماري لقلعة المعترض
تعتبر قلعة المُعترض إحدى الأملاك الخاصة بالأشراف آل خيرات، وما تزال في القرية بقية منهم، حيث تطلق على نفسها في الوقت الراهن لقب، وقد ذكر أحدهم أن آخر استخدام لوحدات القلعة كان في بداية الثورة اليمنية عام (1381ه/ 1962م)، ومن الناحية المعمارية وبرغم تهدم جدران القلعة وأغلب السقوف التي كانت تغطي حجراتها تعد بشكل عام أفضل حالاً مقارنة مع بقية القلاع المتهدمة في سهل تهامة اليمن.
ويرجع السبب في ذلك إلى متانة البناء وخاصة الجدران الخارجية للقلعة إضافة إلى دور بعض من آل البراق في حراستها وعدم تركها مفتوحة أمام أيادي التخريب، وكان لتقادم الزمن على القلعة وعدم ترميمها دور رئيسي في تشقق جدرانها ومن ثم تعرضها للتهدم وخاصة الأجزاء العلوية منها، كما يعود سبب سقوط سقوفها إلى انتشار دودة النمل الأبيض آكلة الخشب (الأرضة) التي توجد بشكل لافت في جميع المنشآت في منطقة تهامة ومنها في القلاع موضوع الدراسة، حيث تعمل هذه الحشرة على أكل جميع الأخشاب من الداخل وبالتالي تصبح هشة ثم تسقط بسهولة.
المخطط العام لقلعة المعترض
يتخذ المسقط الأفقي لقلعة المُعترض الشكل المستطيل والذي يبلغ طوله من الشمال إلى الجنوب بنحو(41م) وعرضه من الشرق إلى الغرب نحو (36م) ويتوسطه فناء واسع مكشوف تحيط به وحدات القلعة من الجهات الغربية والشمالية والجنوبية، ويتم الدخول إلى القلعة عبر ولوج بوابة تقع في الركن الجنوبي الغربي منها.
يختلف تصميم قلعة المُعترض عن مخططات قلاع سهل تهامة؛ لأنه لا يشتمل على أبراج دفاعية مستقلة وكانت أغلب وحداته ذات طابع مدني أكثر منه دفاعي، أما من حيث وجود الفناء المكشوف فيعد عنصراً رئيسياً في تصميم معظم المنشآت المعمارية (الدينية والمدنية والحربية) في مجال سهل تهامة بسبب ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة خلال أغلب أيام السنة.
أما خارج مجال الدراسة فقد وجد تصميم قريب الشبه من تصميم قلعة المُعترض، وهو لقلعة القفل الواقعة أعلى وادي حرض من الجهة الشرقية والتي تنسب إلى الشريف أحمد بن يحيى بن محمد بن حيدر آل خيرات، ومن المحتمل أن سبب التشابه في كلتي القلعتين يرجع إلى قيام أحد منشئيهما ببناء واحدة منهما على غرار الأخرى خاصة إذا ما عرفنا أنهما تنسبان إلى شخصيتين من أسرة آل خيرات، ويحتمل أيضا أن الهدف من بناء قلعة القفل كان يتمثل في حماية الأراضي الزراعية المحيطة بها ولذا ربما تأثرت قلعة المُعترض في التصميم المعماري العام بقلعة القفل والعكس.