أنشئت قلعة حيس في مكان منبسط بمنطقة الحُضرم شمال مدينة حيس ويجاورها من الجهتين الشمالية والشرقية حي ربع الحضرمي ومن الجهتين الغربية والجنوبية حي ربع السوق، اكتسبت هذه القلعة أهميتها من أهمية مدينة حيس نفسها التي كانت قديماً تمثل موقعاً دفاعياً متقدماً لمدينة زبيد والعكس صحيح نظراً لقربهما من بعضهما، فإذا ما سقطت إحداهما في أيدي القوات المهاجمة صارت الثانية مفتوحة أمامها، كما كانت مدينة حيس محطة تجارية واستراحة مناسبة للمسافرين المتوجهين إلى المنطقة الجبلية الواقعة في جنوب اليمن وخاصة مدينة تعز نظراً لموقعها المتوسط بين السهل والجبل.
الوضع المعماري لقلعة حيس
تعد قلعة حيس (بيت الدولة) إحدى القلاع المتهدمة التي تعرضت للتخريب، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب ومن أهمها عدم استمرارية استخدام مرافق القلعة، مما أدى إلى عدم القيام بتجديدها وترميمها من قبل الإدارة الحكومية التي كانت تتواجد فيها بل تركت مفتوحة على مصراعيها أمام العابثين من ساكنة المدينة، حيث صارت في الوقت الراهن عبارة عن أكوام من بقايا الآجر والطوب (اللين) والتراب، وما يحزن النفس التخريب المتعمد الذي أقدمت عليه السلطة المحلية بمدينة حَيس، حيث تبنت إنشاء مشروع مرفق حكومي لمكتب الواجبات الزكوية اقتطع جزءاً كبيراً من الجهة الغربية في القلعة.
استخدمت في بناء قلعة حيس مادة الآجر بدرجة رئيسية تلتها مادة الطوب اللَّبن ثم عجينة الطين كمادة لاصقة تربط بين مداميك البناء فيما استخدمت مادة النورة الكدري لتقوية الجدران وطبقة عازلة للمياه أيضاء لاسيما في الأجزاء السفلى من الجدران (الجدران الساندة) وكذا الأجزاء العلوية من الواجهات الخارجية المتبقة في القلعة، كما استخدمت قطع الحجارة غير المشدّبة في وسط صفوف بعض الجدران والأجزاء السفلية من أساسات القلعة، ويوحي الشكل الخارجي لهذه الحجارة بأنها أخذت من مجرى وادي نخلة الذي يقع في الجهة الشمالية من المدينة على بعد حوالي 150متر.
وعن أسلوب البناء المتبع في بناء جدران القلعة فهو يختلف عن جميع الأساليب التي أتبعت في بناء قلاع تهامة، حيث يتكون الجدار الواحد من جزأين متلاصقين: الأول يتألف من قوالب الآجر في الجهتين حيث يبلغ معدل قياس القالب الواحد نحو (20سم × 10سم) وفي الوسط قطع صغيرة من الحجارة وكسر الآجر، أما الأسلوب الثاني فيتكون من قوالب الطوب اللَّبن التي لا يزيد قياس كل قالب منها عن (40سم × 20سم) وتم وضعها فوق بعضها بعض وبالإضافة إلى ذلك تربط بين صفوف البناء في جزئي الجدار عجينة الطين التي تتألف من الرمل الناعم المخلوط بقليل من بقايا النبات (التبن).
المخطط العام لقلعة حيس
على الرغم من تهدم الوحدات المعمارية المكونة للقلعة والتي تصعب معها عملية الوصف الأثري، إلا أنه يمكن معرفة أهم المعالم الرئيسية التي تتألف منها وذلك من خلال الدراسة الميدانية التي أجريت لها.
لقد تم بناء قلعة حيس في منطقة مستوية واتخذ تخطيطها شكلاً شبه منحرف 100متر أكبر أضلاعه الشمالي، والذي بلغ امتداده نحو (55م) يليه الضلع الشرقي (53م) ثم الضلع الغربي (47م) بينما بلغ امتداد الضلع الجنوبي نحو (38م)، والقلعة تضم فناءً مكشوفاً تحيط به – في الوقت الراهن – بقايا الوحدات المعمارية من ثلاث جهات هي: الشرقية والشمالية والجنوبية. وما تزال القلعة تضم أجزاء من واجهاتها الأربع وأربعة أبراج: ثلاثة منها مستديرة الشكل.
الواجهات الخارجية للقلعة
ما تزال الواجهة الشمالية في حالة جيدة من الناحية المعمارية مقارنة ببقية واجهات القلعة، حيث يبلغ ارتفاعها نحو (5م) تقريبا وسمك جدارها (65 سم) وكان يدعمها من الأسفل جدار ساند يبلغ ارتفاعه (1.20م)، وقد استخدمت مادة النورة الكدري في كساء الجزء العلوي منها. وتضم هذه الواجهة في أعلاها صفاً يتألف من فتحات ضيقة كانت تستخدم للرماية بالبنادق.
وفي نهاية امتداد الواجهة الشمالية من جهة الشرق نقع كتلة بناء بارزة عن سمت الجدار بمقدار (2.5م)، وهي تتخذ الشكل المستطيل الرأسي وواجهتها ترتفع بموازاة واجهة القلعة.
وبسبب تهدم المساحة الداخلية لهذه الكتلة، وعدم وجود عناصر دفاعية تتخلل جدارها الخارجي تصعب علينا معرفة الوظيفة الحقيقية لها ، ولكن وجود أحد العناصر المعمارية والمتمثل في الشّق الطولي الذي يقع في واجهتها الشمالية والممتد من أعلى الكتلة إلى أسفلها يدفعنا إلى القول بأنه كان يمثل مجرى لتصريف الماء، ولذا فمن المحتمل أن هذه الكتلة كانت تضم في أعلاها مرحاضاً وهي تذكرنا بالكتلة البارزة في قلعة الزهرة.